الأجواء الشتوية تؤدي إلى خسائر بشرية، وفيضانات وتهجير إضافي في قطاع غزة

العاصفة تظهر حالة الضعف الشديدة لمعظم السكان

تأثرت غزة هذا الشهر بعاصفة شتوية اجتاحت الأرض الفلسطينية المحتلة في الفترة ما بين 6 إلى 10 كانون الثاني/يناير. وأفادت وزارة الصحة في غزة أنّ طفلين (شهرين وأربعة أشهر) من خان يونس توفيا جراء العاصفة. وأبلغت وسائل الإعلام المحلية عن حالتي وفاة أخريين، من بينهما صياد أسماك توفي أثناء الصيد قرب الشاطئ.[1] وأُصيب ما يقرب من تسعة اشخاص بجروح نتيجة لسقوط خزانات المياه من فوق أسطح المنازل أو نتيجة لاستخدام مصادر التدفئة غير الآمنة أو حوادث متصلة بالكهرباء.

وأدت الأمطار الغزيرة إلى فيضانات محلية في المناطق المنخفضة من قطاع غزة، خاصة رفح وخان يونس والمنطقة الوسطى، مما تطلب تدخل مقدمي الخدمات المحليين لإزالة المياه. وظلت مستويات المياه في وادي غزة ضمن المستوى المتوقع، باستثناء وادي السلقا، حيث استدعى الارتفاع في منسوب المياه تدخل بلدية دير البلح للحد من تأثيرها على المجتمعات المجاورة. وأبلغ الدفاع المدني الفلسطيني عن أكثر من 80 مهمة إنقاذ، تضمنت معظمها إزالة الأشجار الساقطة والأغراض المتطايرة من الطرق الرئيسية، وحوادث متصلة بالحرائق، وأضرار لحقت بأسطح المنازل أو انهيار جزئي للمباني. وبالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ أكثر من 50 مهمة إخلاء نفذها الدفاع المدني الفلسطيني في محافظات رفح وخان يونس بسبب الفيضانات أو انهيارات جزئية للمنازل. وتم نقل الأسر المتضررة مؤقتا إلى منازل أقاربهم أو إلى مراكز وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الجماعية. ولجأ ما مجموعه 23 أسرة (151 شخصا) إلى مراكز وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الجماعية خلال العاصفة طلبا للمأوى.

وفاة طفلة تبلغ من العمر أربعة أشهر بسبب انخفاض درجة حرارة جسمها خلال العاصفة الشتوية

قال علي: "كان اسم ابنتنا رهف. ولدت في 1 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2014. كانت زوجتي، أم محمد، حاملا في شهرها السابع أو الثامن خلال الحرب. لقد لجأنا إلى مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وخلال كل وقف لإطلاق النار، كنت أخرج للاطمئنان على المنزل بينما تبقى زوجتي في الملجأ مع أبنائنا الثمانية ".

كان أحد الجيران هو الذي أبلغ علي أن المنزل قد تعرض لأضرار كبيرة. وبعد وقف إطلاق النار عادت الأسرة للعيش في المنزل، على الرغم من الدمار الذي شمل ثقوبا في السقف نجمت عن الغارات الجوية، وعدد من الجدران المنهارة، وتحطم جميع نوافذ المنزل. غطت الأسرة النوافذ بالقماش وبعض الأغطية البلاستيكية، ولكن خلال العاصفة الشتوية، أزالت الرياح القوية الأغطية بعيدا عن النوافذ وتدفق ماء المطر من خلال الثقوب في السقف.

وروت أم محمد، "وضعنا خشبا على الأرض ثم وضعنا الفرشات عليه محاولين الاحتفاظ بها جافة. جمعنا المياه المتدفقة من السقف في أوعية. وفي مساء أحد الأيام، لاحظت أن جلد رهف قد تغير لونه وأصبحت خائفة جدا. لقد تحولت إلى اللون الأزرق،".

لم يكن في منزل عائلة عاصي المدمر كهرباء ولا مصدر للتدفئة. استدعت أم محمد أحد أقاربها، الذي اقتادهم إلى مستشفى غزة الأوروبي، حيث وصلوا في الساعة 10 مساء. وضعوا في غرفة باردة متجمدة في المستشفى بدون تدفئة بينما بدأ الطبيب يفحص الرضيع. رفضت رهف الرضاعة، وبعد ما يقرب من ساعتين، تنهدت وتوقف قلبها عن الخفقان. نجح الطبيب في إعادة الحياة لها، وعادت رهف إلى الحياة لمدة نصف ساعة أخرى قبل أن توافيها المنية وأعلنت وفاتها في الساعة 4 صباحا يوم 9 كانون الثاني/يناير. وتم تحديد سبب الوفاة على أنه انخفاض حرارة الجسم وانسداد مجاري التنفس.

"أشعر بخيبة الأمل لأننا لا نستطيع الحصول على رعاية صحية أفضل هنا في غزة. ربما كان من الممكن إنقاذ حياة رهف".

بعد الجنازة، انتشر خبر وفاة الطفلة الرضيعة في جميع أنحاء قطاع غزة وعرض صحفي محلي دفع الإيجار لشقة في مكان أكثر أمنا. وانتقلوا الآن إلى شقة في بني سهيلا، ولكن ليس لديهم اسم أو تفاصيل الاتصال بالصحفي الذي وعد بتقديم الدعم لهم، والذي لم يدفع الإيجار حتى الآن.

كانت ظروف المهجرين داخليا الذين يعيشون في وحدات سكنية جاهزة، أو في منازل متضررة، أو في ملاجئ مؤقتة في غزة عصيبة بشكل خاص خلال العاصفة. وأفادت التقارير أن التسرب في وحدات سكنية جاهزة في خزاعة (خان يونس) عندما تم توزيع الأغطية البلاستيكية قبل العاصفة. وتعاون كل من لجان المجتمع المحلي والمتطوعون والمهجرون داخليا لإعادة تأمين الأغطية البلاستيكية. وتم نشر الحصى المعاد تدويره والمستخرج من الأنقاض بين الوحدات السكنية الجاهزة في مواقع المهجرين داخليا المؤقتة بمساعدة من المنظمات المحلية والدولية لحماية المهجرين داخليا من التربة الطينية وتمكينهم من الحركة الآمنة. ووزعت وزارة الشؤون الاجتماعية والشركاء في مجموعة المأوى، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية الوطنية المواد غير الغذائية ومدافئ للأسر المتضررة.

قوضت المشاكل المزمنة قدرة مقدمي الخدمات على الاستجابة، بما في ذلك ضعف البنية التحتية والمعدات القديمة، وعدم توفر قطع الغيار، وإمدادات الوقود والكهرباء المحدودة، على الرغم من الجاهزية وجهود التنسيق قبيل العاصفة.


[1]  لا يرصد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الإصابات والوفيات غير المتعلقة بالصراع في الأرض الفلسطينية المحتلة. وتستند أرقام الوفيات الناتجة عن العاصفة الشتوية فقط على الأرقام التي تبلغ بها وزارة الصحة وتقارير وسائل الإعلام المحلية.