تصوير منال مصالحة - مكتب تنسيق الشؤون الانسانية

غالبًا ما يواجه أبناء التجمعات السكانية الرعوية الفلسطينية الضغوطات من القوات العسكرية الإسرائيلية وعنف المستوطنين الإسرائيليين، والتي تدفعهم إلى الرحيل عن مناطق سكناهم.

في 28 أيلول/سبتمبر 2021، هاجم المستوطنون الإسرائيليون خربة أم فجارة، وأصابوا تسعة من سكانها بجروح وقتلوا خمسة من خرافهم. وأصاب أحد المهاجمين طفلًا بحجر. ولحقت الأضرار بعشرة منازل و14 مركبة وعدة ألواح شمسية وخزانات مياه.

يروي هذا المقال المصور قصص الأطفال والبالغين في هذا التجمع وغيره من التجمعات الرعوية في جبل الخليل، والتي لا تزال صامدة رغم كل الصعاب.

«إننا نعيش في خوف ورعب. فقد اقتحم المستوطنون منازلنا وحطموا النوافذ. ويكاد النوم لا يلامس جفوننا في الليل.»

رسمية، 53 عامًا، خربة أم فجارة

«الأمان أن تشعر بالراحة وأن تنعم براحة البال. وأن تُحرم الأمان يعني أن تشعر بالذل.» أحمد، 71 عامًا، خربة أم فجارة

«لم نظن أننا كنا سنخرج أحياء. كان محمد نائمًا في الغرفة... هاجمونا بالحجارة. وصرنا نصرخ. كنا نعتقد أنهم سوف يقتلوننا.»

براءة، 23 عامًا، أم لثلاثة أطفال، ونُقل ابنها محمد، البالغ من العمر أربعة أعوام، إلى المستشفى بعدما أصابه حجر في رأسه في أثناء الهجوم على خربة أم فجارة.

«لقد روّعنا المستوطنون ونحن في منازلنا مرات عديدة. فمنذ الهجوم الذي تعرض له زوجي، لا تزال ابنتي الصغيرة تعاني من الصدمة. ففي كل مرة تسمع فيها سيارة مارة أو ترى أحدًا لا تعرفه، تخشى أن يكون من المستوطنين.» وعد، 26 عامًا، وأم لستة أطفال دهس المستوطنون زوجها في العام 2021، جنوب الخليل.

خربة أم فجارة، تشرين الأول/أكتوبر 2021

«أحس بأطفالي كأم. كان من المرعب أن أرى مستوطنًا ملثمًا...» حنان، 25 عامًا، أم لثلاثة أطفال، خربة أم فجارة.

غالبًا ما تتسبب القوات الإسرائيلية التي تتدخل في الحوادث التي يفتعلها المستوطنون بوقوع الإصابات، وليس المستوطنون أنفسهم.

في أثناء الهجوم الذي شنه المستوطنون على خربة أم فجارة، ألقى الفلسطينيون الحجارة لإبعاد المهاجمين عنهم. وبعدما أصاب المستوطنون تسعة من أبناء الخربة إصابة مباشرة، تدخلت القوات الإسرائيلية وأطلقت الغاز المسيل للدموع، مما أسفر عن إصابة 20 آخرين تلقوا العلاج بسبب استنشاق الغاز.

«عنف المستوطنين هو الأداة الرئيسية للاستيلاء على أراضينا... وتشهد مستوطنتنا مزرعة ماعون وأفيغايل التوسع. وبينما تزود هاتان المستوطنتان بالبنية التحتية، نحرم نحن من الأساسيات ونتلقى أوامر الهدم ووقف العمل. حتى خزان المياه صدر به أمر بالهدم.

طريقة حياتنا القائمة على الرعي معرضة للخطر. نضطر لشراء العلف، الذي لا نتحمل تكلفته... نواجه مشكلة، ولكننا صامدون. إننا نستحق حياة كريمة.»

محمود، 57 عامًا، أم فجارة

«يتصرف المستوطنون كما لو كانوا هم أسياد الأرض، كما لو كانوا هم أصحابها الشرعيين ونحن المتعدّين عليها. الجيش [الإسرائيلي] هنا لدعمهم وحمايتهم. طيلة سنين، رفعت أنا نفسي أكثر من 100 شكوى بشأن عنف المستوطنين دون جدوى. لا يسعك أن تصف العيش في خوف. هدفهم تهجيرنا. ولكننا باقون هنا. هذه حياتنا وهذه أرضنا.»

جمعة، التواني

«كنت خارجًا لرعي قطيع أغنامي عندما هاجمني مستوطنان.» محمد، 18 عامًا، جنوب الخليل

«نعيش في حالة من الخوف الدائم... نعيش في رعب... لا نشعر بالأمان في منازلنا... ثمة ليالٍ لا نذوق فيها طعم النوم... أخشى أن يحرقونا، مثلما فعلوا بعائلة الدوابشة [في مكان آخر بالضفة الغربية]. أخاف على أبنائي. لا أستطيع أن أحصي عدد الهجمات التي عانينا منها. كنت أرافق أبنائي عندما يرعون الماشية، ولكنني لم أعد أستطيع ذلك. فقد تعرضت لجلطتين أصابتاني بشلل نصفي. ووقعت إحداهما بعدما هاجم المستوطنون ابني بوقت قصير.» فاطمة، في السبعينات من عمرها، وأم لثلاثة عشر ابنًا، التواني

«في نيسان/أبريل 2019، هاجمنا مستوطنون من نوف نيشير في منزلنا. وأصبتُ في رأسي بقضيب حديدي. كان الجيش حاضرًا. وبدلًا من حمايتي، اتصلوا بشرطة [مستوطنة] كريات أربع. وفي مركز الشرطة، عوملت كما لو كنت أنا المعتدي، وليس الطرف المعتدى عليه. وأطلق سراحي بكفالة. وأرغموني على دفع 1,000 شيكل [321 دولارًا] ...» 

زياد، 64 عامًا، وأب لستة أبناء، خربة بير العد

«لم نزل نتعرض لعنف المستوطنين والجيش منذ سنوات. بدأ الأسوأ في آب/أغسطس 2016 بعد وصول مستوطن اسمه جافرييل... أول شيء استولى عليه كان المياه. 

نصب خيامًا بجوار خزان المياه، وهو خزان قديم، ولكنه كان يستوعب آلاف الأمتار المكعبة من الماء. وكان يكفي لتزويد المياه لجميع رؤوس الخراف والماعز. 

وحين تضيع المياه، يضيع كل شيء. فالماء هو الحياة. وتعني سيطرة المستوطنين عليه تهجيرنا. ولا بقاء للماشية دون المياه.» 

جميل، جنوب الخليل

«نضطر لشراء العلف، وكله بالدين. ما بين الماء والعلف والدواء للماشية، يكلفنا أكثر من 100,00 شيكل [32,000 دولار] في السنة.»

يعني حظر وصول الرعاة الفلسطينيين إلى أراضي الرعي زيادة اعتمادهم على العلف، الذي لا يستطيعون تحمل تكلفته. ويضطر الرعاة لشرائه بالدين. جنوب الخليل، تشرين الأول/أكتوبر 2021.

شجرة مقطوعة في خربة أم فجارة.

مبنى مهدوم في خربة أم فجارة. بين عامي 2011 و2021، هدمت القوات الإسرائيلية أو صادرت 20 مبنًى في هذا التجمع. ووقع أخطر هذه الحوادث في 2011، عندما بات 30 طفلًا وثمانية بالغين بلا مأوى، وحُرم جميع سكان الخربة (نحو 150 نسمة) من استخدام المسجد ومضخات المياه ومولد للكهرباء.

نوافذ محطمة ومركبة أصابتها الأضرار بعد هجوم المستوطنين على خربة أم فجارة.

«كانت الحياة في جنوب الخليل جيدة. وكان لدينا الكثير من أراضي الرعي وكان الهواء نظيفًا ونقيًا. أما الآن فنعيش على الأرض التي نستأجرها. وهي أرض قاحلة وقريبة من مكب للنفايات. والرائحة لا تطاق، ولكن هذا ما نستطيع تحمله.»

صبيحة، التي لم يكن أمامها من خيار سوى الرحيل عن منزلها في أحد تجمعات جنوب الخليل بسبب عنف المستوطنين في 2018.

شارك هذا المقال المصور!

يتعرض الرعاة وغيرهم من الفلسطينيين في جبل الخليل وعلى امتداد الضفة الغربية لخطر دائم يتمثل في إجبارهم على الرحيل عن منازلهم أو تجمعاتهم. وقد حذر خبراء قانونيون من أن ذلك قد يرقى إلى مرتبة «الترحيل القسري،» الذي يشكل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني. 

ويتولد هذا الخطر عما تعرّفه المنظمات الإنسانية «بالبيئة القسرية،» والسياسات والممارسات المتعددة المرتبطة بالاحتلال العسكري والمشروع الاستيطاني الإسرائيلي. وتفرض القوات الإسرائيلية القيود على تنقل الفلسطينيين ومشاريع البناء والتنمية التي تخضهم. ويهاجم المستوطنون الإسرائيليون الفلسطينيين أو يروعونهم باستمرار، وغالبًا ما تساندهم القوات الإسرائيلية التي تقف مكتوفة الأيدي أو تتدخل لصالحهم. 

وفي العام 2021، نجمت معظم الإصابات التي حلت بالفلسطينيين في أعقاب هجمات المستوطنات عن تدخل القوات الإسرائيلية، وليس عن هجمات المستوطنين مباشرة.