مظاهرة في سياق "مسيرة العودة الكبرى" بالقرب من السياج الحدودي، شرق مدينة غزة، 27 نيسان/أبريل 2018
مظاهرة في سياق "مسيرة العودة الكبرى" بالقرب من السياج الحدودي، شرق مدينة غزة، 27 نيسان/أبريل 2018

الإستجابة للإحتياجات الإنسانية في سياق أحداث العنف في غزة

الوكالات تطلب تمويلًا عاجلًا قدره 5,3 مليون دولار لتوسيع نطاق التدخلات

حدّدت الجهات الإنسانية الفاعلة ثلاثة مجالات للتدخلات التي تُعَدّ ضرورية للإستجابة للإحتياجات العاجلة التي نشأت عن الأحداث التي تشهدها غزة، وهي: تقديم الرعاية الصحية الفورية والمنقذة للحياة، وتوسيع نطاق تقديم خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي للأشخاص الذين أصيبوا بجروح أو لحق بهم الضرر بسبب هذه الأحداث، ورصد الإنتهاكات المحتملة التي تتعلق بالحماية والتحقق منها وتوثيقها.

وفي الوقت الذي ما تزال فيه الإستجابة الإنسانية متواصلة في هذه المجالات، فقد أطلقت الوكالات المعنية مناشدة لتقديم مبلغ إضافي قدره 5,3 مليون دولار لتوسيع نطاق الإستجابة الفورية حتى يوم 31 أيار/مايو 2018. ويعكس هذا الإطار الزمني الفترة المتوقعة للمظاهرات التي تستمر لستة أسابيع، إلى جانب أسبوعين إضافيين لضمان تقديم الإستجابة الفورية لأي أحداث تقع في يوم 15 أيار/مايو. ومن المقرر مراجعة الأولويات والمتطلبات في أواخر شهر أيار/مايو، إذا ما إستدعت الظروف ذلك، بينما يتواصل العمل على إعداد خطط الطوارئ والتأهب لحالات الطوارئ في غزة.

مظاهرة في سياق "مسيرة العودة الكبرى" بالقرب من السياج الحدودي، شرق مدينة غزة، 27 نيسان/أبريل 2018

وفي يوم 25 نيسان/أبريل، صرف المنسق الإنساني 2,2 مليون دولار من الإحتياطي المخصص لحالات الطوارئ غير المتوقعة في صندوق التبرعات الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة، لدعم مجالات التدخل الثلاثة المذكورة. وما تزال التعهدات الإضافية اللازمة للإستجابة لهذه الأزمة قيد النظر، وسوف يجري الإعلان عنها بعد تأكيدها.

وتشكّل هذه المتطلبات الفورية نسبة صغيرة من المبلغ المطلوب، وقدره 406 مليون دولار، لتنفيذ التدخلات الإنسانية في قطاع غزة خلال العام 2018، وفقًا لما تحدّده خطة الإستجابة الإنسانية. وحتى نهاية شهر نيسان/أبريل، جرى تأمين ما نسبته 11,7 بالمائة من هذا المبلغ.[1]

الرعاية الصحية الطارئة

تُعد إدارة الإسعاف في حالات الطوارئ حيوية، ولا سيما خلال الساعات الأولى من وقوع الإصابات، من أجل تفادي فقدان الأرواح وتجنب الإعاقات. كما تقتضي الضرورة تأمين اللوازم الطبية الأساسية والحصول على الدم لمنع حالات الوفاة أو الإعاقة التي يمكن تجنُّبها.

ومنذ بداية الأحداث، أرسلت المنظمات الشريكة في مجموعة الصحة ومنظمة أطباء بلا حدود ستة فرق طبية، تضم جراحين متخصصين في الجراحة العامة وجراحة الأوعية الدموية والعظام والجراحة الترميمية، إلى غزة. كما تقدم منظمة أطباء بلا حدود الرعاية التي تلي إجراء العمليات الجراحية لبعض المصابين، ولكن فجوات حرجة ما تزال قائمة. وفضلًا عن ذلك، صرفت المنظمات الشريكة الإمدادات الطبية المنقذة للحياة، بما فيها 42 نوعًا من الأدوية و49 نوعًا من المستهلكات الطبية، بالإضافة إلى حقائب الإسعاف ولوازم العمليات الجراحية، حيث وزعتها على النقاط الطبية لإسعاف المصابين و14 مدرسة عامة. وقد جرى صرف نحو 80 في المائة من المخزون، الذي أعدّته مجموعة الصحة سلفًا، بما يشمله من الأدوات والمستهلكات الطبية وحقائب علاج الجروح والأجهزة المساعِدة.

ومن إجمالي المبلغ المطلوب وقدره 5,3 مليون دولار، سوف يخصَّص 4,5 مليون دولار لمساندة القطاع الصحي في نشر الفرق الطبية لحالات الطوارئ في النقاط الطبية لإسعاف المصابين والمستشفيات، وتعزيز قدرات الرعاية الطبية التي تلي العمليات الجراحية، وتوريد الأدوية واللوازم الطبية المستعجلة. ومن المقرر تأمين ما مجموعه 1,8 مليون دولار من المبلغ المطلوب للرعاية الصحية الطارئة من الإحتياطي المخصص في صندوق التبرعات الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة.

الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي

يخلّف التعرّض للعنف، سواء كان مباشر أم غير مباشر، آثارًا كبيرة على الصحة العقلية والنفسية. وقد تؤدي النتائج المترتبة على هذه الأحداث التي ما تزال متواصلة منذ يوم 30 آذار/مارس وتسبب الصدمات النفسية إلى أمراض عقلية طويلة الأمد، لو تُركت دون علاج. وتأتي أعمال العنف الراهنة على خلفية معدلات مرتفعة أصلًا من إضطرابات الصحة العقلية في غزة، حيث يقدَّر بأن 210,000 شخص معرّضون بشكل حاد لإضطرابات الصحة العقلية الشديدة أو المتوسطة ويعانون منها.[2]

مظاهرة في سياق "مسيرة العودة الكبرى" بالقرب من السياج الحدودي، شرق مدينة غزة، 20 نيسان/أبريل 2018

وتشير توقعات منظمة الصحة العالمية بشأن إضطرابات الصحة العقلية بين السكان المتضررين في حالات الطوارئ إلى أن معدل إنتشار الإضطرابات الخطيرة خلال 12 شهرًا قد يتضاعف بما نسبته 5 في المائة في أوساط السكان المتضررين، بينما يمكن أن تتضاعف الإضطرابات العقلية الخفيفة أو المتوسطة حتى 20 في المائة بعد حالة الطوارئ. وفي الأحداث الحالية التي تشهدها غزة، يقدَّر بأن ما يزيد على 1,100 شخص قد يعانون من إضطرابات عقلية حادة ونحو 4,500 شخص آخر من إضطرابات خفيفة إلى متوسطة في صحتهم العقلية، بحيث يحتاجون إلى الإستجابة المخصصة للصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي.

وتقدم الجهات الإنسانية الفاعلة في هذه الآونة الرعاية الصحية للحالات الحادة من المرضى من خلال وزارة الصحة في غزة، ولكن يجب توسيع نطاق الإستجابة المخصصة لإحتياجات الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي للتأكد من أن جميع الأشخاص المتضررين من الأزمة يتلقون الخدمات الملائمة. وحتى نهاية شهر نيسان/أبريل، قدمت المنظمات الشريكة في الفرق العاملة المعنية بالصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي وحماية الأطفال التابعة لمجموعة الصحة الدعم النفسي الأولي لما لا يقل عن 203 أطفال تعرضوا للصدمات وأصيبوا بأنواع مختلفة من الإصابات، من بين 599 أطفال على الأقل ممن جرى تحديدهم. ومن بين هؤلاء، تمّ تحويل 28 طفلًا تعرضوا لإصابات حرجة وجسيمة (بالذخيرة الحية والعيارات المعدنية المغلفة بالمطاط) ويحتاجون إلى رعاية أكثر تخصصًا إلى إدارة الحالات ذات الصلة. كما جرى تحديد ما يزيد على 1,000 شخص بالغ على أنهم في حاجة إلى أشكال من الإستجابة المخصصة للصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي، حيث جرى الوصول إلى نحو 342 شخصًا منهم وتقديم الدعم النفسي الأولي لهم.

وتحتاج مجموعتا الصحة والحماية والفرق العاملة المعنية بحماية الأطفال والصحة العقلية والدعم النفسي إلى 520,000 دولار من أجل تقديم إستجابة فعالة وفورية تشمل: الوصول إلى المرضى الذين يعانون من إصابات حرجة، وتقديم الإسعاف الأولي في المجال النفسي والإجتماعي في حالات الطوارئ للأطفال والأسر المتضررة من أعمال العنف، وتقديم خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي المتخصص، بما يشمل تلك التي تقدَّم على مستوى المجتمع. ومن المقرر أن يغطي الإحتياطي المخصص في صندوق التبرعات الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة 200,000 دولار من جملة المبلغ المطلوب.

رصد إنتهاكات محتملة التي تتعلق بالحماية والتحقق منها وتوثيقها

ما تزال مجموعة الحماية تتابع الوضع المتصل بالإحتجاجات عن كثب منذ يوم 30 آذار/مارس، حيث تجمع المعلومات المتصلة بولاية الحماية المسندة لها، بما تشمله من تحديد الإحتياجات الإنسانية العاجلة والطرق التي تكفل المضيّ قدمًا على صعيد معالجة الثغرات المحتملة التي تشوب الإستجابة، وذلك بالتنسيق مع مجموعتيْ الصحة والحماية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وتشارك منظمات حقوق الإنسان في غزة[3] مشاركة فاعلة في رصد الإنتهاكات المحتملة التي تمسّ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان وتوثيقها. وعلى هذا الأساس، تسهم مجموعة الحماية في إجراء تحليل حول الأزمة المتصاعدة من زاوية حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بما يشمل إجرائه لأغراض المناصرة. وتواصل المنظمات الشريكة في مجموعة الحماية تقديم المساعدة القانونية من خلال الإلتماسات التي ترفعها أمام الجهاز القضائي الإسرائيلي بالنيابة عن الأفراد الذين يحتاجون إلى تصاريح السفر للحصول على العلاج العاجل خارج غزة. وكان النجاح من نصيب هذه المنظمات في حالتين على الأقل.[4]

وتحتاج المنظمات الشريكة في العمل الإنساني إلى 240,000 دولار لتنفيذ هذه الإستجابة، ومن المقرر تأمين 200,000 دولار من هذا المبلغ من الإحتياطي المخصص في صندوق التبرعات الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة. وإلى حين تأمين الإحتياجات المالية بكاملها، تسعى المنظمات الشريكة في العمل الإنساني إلى تعزيز قدراتها من خلال زيادة عدد منظمات المجتمع المدني الشريكة وتعزيز حضورها ورفع مستوى قدراتها الفنية، والإرتقاء بمراقبة الأعداد المرتفعة للجرحى والأضرار التي تلحق بالعاملين في مجال الصحة والأصول الطبية والتحقق منها، وتقديم المساعدة القانونية للتعامل مع القيود المفروضة على حرية التنقل، والتي تعوق حصول المرضى على العلاج.


[1] لم تتجاوز نسبة التمويل الذي حصلت خطة الإستجابة الإنسانية عليه 14,4 بالمائة (لكلا الضفة الغربية وغزة) حتى نهاية شهر نيسان/أبريل.

[2] نظرة عامة على الإحتياجات الإنسانية للعام 2018، ص. 33.

[3] المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومركز الميزان لحقوق الإنسان.

[4] أنظر الموقع الإلكتروني لمركز الميزان لحقوق الإنسان.