Jamie McGoldrick, the Humanitarian Coordinator

كلمة المنسق الإنساني

التي القاها في مؤتمر صحفي في بيت لاهيا، شمال غزة، 14 آذار/مارس 2018

مساء الخير. ممثلو وسائل الإعلام، المانحون، الشركاء المحليون؛ أشكركم على حضوركم.

المنسق الإنساني، جيمي ماكغولدريك

يسرّني أن أكون في هذا اليوم في قطاع غزة مع وزير التنمية الاجتماعية في دولة فلسطين، معالي الدكتور إبراهيم الشاعر، الذي أطلقتُ معه خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2018 صبيحة هذا اليوم، وذلك في حدث شارك فيه مجتمع العمل الإنساني. ومن دواعي سروري، كذلك، أن ينضم إليَّ اليوم زملائي من وكالة الأونروا ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي تتولى قيادة الاستجابة الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة.

تهدف الخطة الإنسانية للعام 2018 إلى دعم الاحتياجات الإنسانية لدى 1.9 مليون فلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة. وتأتي هذه الخطة في سياق إحدى أكثر أزمات الحماية طويلة الأمد في العالم، والتي ما تزال ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالآثار التي يفرِزها الاحتلال الإسرائيلي، الذي دخل عامه الخمسين في شهر حزيران/يونيو 2017، والذي يترافق – في سياق قطاع غزة – مع الانقسام الداخلي الفلسطيني والإغلاق الذي تفرضه مصر على معبر رفح.

ويسعدنا، بصفة خاصة، أن نشترك في هذا العام في إطلاق المناشدة في قطاع غزة مع وزير دولة فلسطين، وهي المرة الأولى التي يُتاح فيها هذا الأمر منذ الانقسام الداخلي الذي شهده العام 2007. وبذلك، فنحن نبعث برسالة قوية حول التزامنا المشترك بتحسين الأوضاع الإنسانية للسكان الفلسطينيين، الذين يقرب تعدادهم من 2 مليون نسمة، أكثر من نصفهم من الأطفال، في قطاع غزة.

وليس هناك من مكان أنسب لإطلاق الخطة الإنسانية من غزة، حيث نشهد مأساةً من صنع الإنسان وتتكشف فصولها كل يوم. وتُعَدّ غزة، اليوم، على حافة الكارثة وتتعمق الاحتياجات الإنسانية فيها. فقد دفعت عشرة (10) أعوام من تشديد القيود على التنقل والوصول، وتكرار حالات تصعيد الأعمال القتالية، إلى جانب الانقسام الداخلي الفلسطيني وإغلاق معبر رفح، بـ70 في المائة من السكان إلى الاعتماد على المساعدات الدولية. ويعجز ما نسبته 40 في المائة من الأُسر في غزة عن الوفاء بالمعايير الدولية للأمن الغذائي. وتقترب نسبة البطالة من 47 في المائة. ويعود جانب كبير من الأسباب وراء ذلك إلى شلل الاقتصاد الذي تعوقه القيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع، وأزمة الطاقة التي تترك الناس دون كهرباء لفترة تصل إلى 20 ساعة في اليوم.  

ودون وقود الطوارئ الذي تموله الجهات المانحة ويوزَّع على مرافق المياه والصرف الصحي والمنشآت الصحية الحيوية، فسوف نواجه انهيارًا كاملًا في هذه الأنظمة، مما يؤدي إلى كارثة إنسانية. وحتى مع هذا الدعم، يحصل ما نسبته 40 في المائة من السكان على إمدادات المياه لفترة لا تتجاوز أربع إلى ست ساعات، كل ثلاثة إلى خمسة أيام. ويتدفق ما يزيد على 100 مليون لتر من مياه الصرف الصحي – وكلها مياه غير معالَجة تقريبًا – إلى البحر في كل يوم. ويُحرَم الآلاف من الحصول على الرعاية الصحية، وهي حق أساسي من حقوق الإنسان، بسبب نقص الأدوية والأجهزة والكفاءات في غزة، ومما يزيد من تفاقم هذا الوضع الصعوبة البالغة في الخروج من القطاع للحصول على العلاج الطبي في أماكن أخرى.

إننا اليوم في موقف ينطوي على عدد كبير من التحديات التي تواجه الفلسطينيين في غزة:

  • فنحن نشهد، أمام ناظريْنا، الدمار الذي خلَّفه تصعيد الأعمال القتالية في العام 2014. وقد جرى قطع مشوار طويل على صعيد جهود إعادة الإعمار، ولكن ما يربو على 20,000 فلسطيني ما يزالون مهجَّرين منذ تلك الفترة. ويقلّ وضوح الضرر النفسي، وخاصةً في أوساط الأطفال، والذي لحق بعشرات الآلاف من الفلسطينيين خلال الصراع، والصراعات التي سبقته.
  • ونرى، يميننا، بوادر الأزمة التي تعصف بالخدمات الأساسية والتي شهدت المزيد من التدهور على مدى العام المنصرم، حيث يتجمع ما يُقدَّر بـ300,000 طنّ من القمامة غير المجمَّعة في هذا الموقع وحده.
  • كما نرى، من خلفي، أحواض الصرف الصحي في بيت لاهيا، وهي رمز يشهد على رداءة البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، والتي تعتمد على الوقود الذي تموّله الجهات المانحة من أجل ضخ مياه الصرف الصحي، أو خطر تدفقها من تلك الأحواض، كذلك الخطر الذي تسبّب في إزهاق أرواح خمسة فلسطينيين في العام 2007. وقد شاركتُ، يوم أمس، في إطلاق محطة الطوارئ لمعالجة مياه الصرف الصحي في شمال غزة، وهذه خطوة مهمة، ولكن يجب إنجاز غيرها الكثير.
  • وأخيرًا، نرى عن يسارنا المناطق المقيَّد الوصول إليها، حيث يواجه المزارعون القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على قدرتهم على الوصول إلى أراضيهم الزراعية، مما يعرّض سلامتهم الجسدية للخطر ويُلحِق الضرر بسبل العيش في مختلف أنحاء قطاع غزة. وهذه المناطق هي من بين أكثر المناطق ضعفًا في الأرض الفلسطينية المحتلة، وهذا واقع تجسَّد في بداية هذا الشهر، عندما قُتل مزارع فلسطيني يبلغ من العمر 59 عامًا بالنيران الإسرائيلية بينما كان يزاول عمله في حقله في المناطق المقيد الوصول إليها، شرق خانيونس.

ومع أن حجم الاحتياجات أقل في الضفة الغربية، فهي لا تقل في مدى خطورتها أو استعجالها. فالقيود المفروضة على التنقل والوصول، والتي تأتي غالبًا في سياق النشاطات الاستيطانية والسياسات التمييزية الإسرائيلية في التخطيط والتنظيم، تتسبب في تقطيع أوصال هذا الإقليم، مما يؤدي إلى تدمير المنازل وتقويض سبل العيش. وقد خلقت الآثار المجتمعة التي أفرزها عدد من السياسات، في مناطق مثل المنطقة (ج) والقدس الشرقية والمنطقة التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية في مدينة الخليل، بيئة قسرية تجبر العديد من الفلسطينيين على مغادرة مناطق سكناهم وتولَّد خطر ترحيلهم القسري عنها.

وتَلحق الأضرار المباشرة بنحو 270,000 فلسطيني في المنطقة (ج) بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل وسيطرتها على البنية التحتية للصرف الصحي. ويتعرض 350,000 شخص في الضفة الغربية لعنف المستوطنين، ويُعَدّ أكثر من 260,000 شخص، بمن فيهم اللاجئين الفلسطينيين، في حاجة إلى الرعاية الصحية التي تقدَّم من خلال المساعدات الإنسانية. ويتعرض الوصول إلى التعليم إلى عراقيل جمّة بسبب ارتفاع عدد الانتهاكات المرتبطة بالتعليم، والتي تُلحق الضرر بنحو 40,000 طالب ومدرس.

وفي ضوء هذه الخلفية المقلِقة في الأرض الفلسطينية المحتلة، يجب أن تثير أزمة التمويل الكبيرة التي تواجه وكالة الأونروا، وهي أحد مقدّمي الخدمات وأحد المشغّلين الرئيسيين، وخاصةً في غزة، القلق لدى الجميع، وليس اللاجئين الفلسطينيين وحدهم.

وعلى وجه العموم، تشمل الخطة الإنسانية للعام 2018 مناشدة لتقديم 539.7 مليون دولار لمعالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة في مجالات الحماية، والأمن الغذائي، والصحة، والمياه والصرف الصحي، والمأوى، والتعليم. ويستهدف ما نسبته 75 في المائة من التمويل المطلوب الفلسطينيين في غزة. ويُرصد نصف هذا المبلغ الكلي لمشاريع الطوارئ التي تنفذها الأونروا.

وفي حال تأمين التمويل، فسوف تتمكن الجهات الإنسانية الفاعلة من:

  • تحسين مستوى حماية الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري، من خلال تقديم المساعدة والاستشارات القانونية، وتعزيز رصد وتوثيق انتهاكات القانون الدولي والعنف المرتبط بالصراع، وتأمين التواجد من أجل الحماية والمرافقة في التجمعات السكانية المعرّضة للخطر.
  • تحسين وصول الأشخاص الضعفاء إلى الخدمات الأساسية، من خلال تقديم خدمات الرعاية التي تكفل إنقاذ حياة المواليد في غزة، وتأمين لوازم التعليم في حالات الطوارئ للطلبة والمدرِّسين، وترميم المساكن وتقديم المساعدات في مجال السكن للأشخاص الذين هُجِّروا بسبب الصراع الذي شهده العام 2014 في غزة وبسبب عمليات الهدم في الضفة الغربية.
  • دعم قدرة الفلسطينيين على التكيف مع الأزمات وتجاوزها، من خلال تقديم الدعم للمزارعين والرعاة وصيادي الأسماك، وتأمين المساعدة اللازمة للاستعداد لفصل الشتاء، وبناء القدرات في مجال الاستجابة للرعاية الصحية الطارئة، ودعم جاهزية المدارس في حالات الطوارئ.

ودون الحصول على التمويل الكافي، فلا يمكن تحقيق أي مما تقدم. فلن نتمكن من التخفيف من حدة الآثار الأسوأ التي تخلِّفها الأزمة الراهنة وسوف نتعرض لخطر زيادة الاحتياجات وللمزيد من التدهور، وخاصةً في غزة، حيث يُعَدّ الوضع بالغ الهشاشة في الأصل. ولذلك، تقتضي الضرورة أن تحظى هذه المناشدة بدعم قوي.

وتشكل الخطة الإنسانية لهذا العام جزءًا من إستراتيجية تغطي ثلاثة أعوام، وهي مصمَّمة على نحو يعزز أوجه الالتقاء والترابط بين عملنا على إعداد البرامج الإنسانية والإستراتيجيات الأخرى، بما فيها تلك المتصلة بجهود التنمية، في ذات الوقت الذي تسعى فيه إلى إيجاد الحلول طويلة الأمد.

كما صُممت هذه الخطة على نحو يتيح الوقت لإنفاذ المناصرة الإستراتيجية، بما فيها تلك التي تُنفَّذ مع الجهات السياسية الفاعلة، مع الأخذ في الاعتبار أن المساعدات الإنسانية وحدها لن تحسِّن، ولا تستطيع أن تحسِّن، أوضاع الفلسطينيين. فلا شيء غير العمل السياسي الذي يفضي إلى تغيير في السياسات في وُسعه أن يتيح تحسين الاقتصاد، وانطلاق أعمال التنمية، وتجسيد حقوق الإنسان الواجبة للسكان.

شكرًا لكم.