أعمال إعادة البناء للمنازل التي دمرت أثناء الأعمال القتالية لم تبدأ بعد

نقص التمويل الذي تم التعهد به في مؤتمر المانحين هو العائق الرئيس

يبقى وضع ما يقرب من 100,000 مهجر نتيجة للأعمال القتالية في تموز/يوليو وآب/أغسطس غير مستقر وغير مؤكد. حوالي 8,800 منهم يقيمون حاليا في 14 مركزاً جماعياً تابعاً للإنروا ، و1,700 يقيمون في وحدات سكنية جاهزة، والباقي يقيمون في مساكن مستأجرة، أو مع عائلات مضيفة أو في ملاجئ مؤقتة تحت أنقاض منازلهم التي تضررت أو دمرت.

 

ولمساعدة أكبر عدد من الناس في أقل وقت ممكن، وضعت الجهات الفاعلة في مجال المأوى أولويات للمساعدات النقدية للإيجار، ولدعم النازحين الذين دمرت منازلهم أو أصيبت بأضرار بالغة، والمساعدات النقدية لإجراء إصلاحات لأولئك الذين لحقت بمنازلهم أضرار جزئية.

إن إعادة البناء بشكل كامل للمنازل هو مسعى معقد للغاية، ويتطلب مراحل مختلفة من التخطيط، بما في ذلك أحياء بأكملها، والبنية التحتية المرتبطة بها، وهي مكلفة للغاية. وعليه، فإن الجزء الأكبر من هذا العبء يجب معالجته من خلال مشاريع إعادة الإعمار التي تنفذها وكالات الأمم المتحدة والهيئات الحكومية، مع جزء صغير فقط من مشاريع "المساعدة الذاتية"، حيث ينفذ الأفراد عملية إعادة الإعمار.

و نظرا لبطء وتيرة صرف الأموال التي تعهد بها المانحون خلال مؤتمر القاهرة في تشرين الأول/أكتوبر 2014، إلى جانب التأخير في التقييم والموافقة على المشاريع من خلال آلية إعادة إعمار غزة المؤقتة، و تمت الموافقة على اثنين فقط من المشاريع السكنية، حتى نهاية شباط/فبراير 2015. ولم يبدأ أي منها فعلياً. وتسمح آلية إعادة إعمار غزة المؤقتة بدخول مواد البناء المراقبة التي حددتها السلطات الإسرائيلية بأنها "مواد ذات استخدام مزدوج" (وخاصة الأسمنت والحصى والقضبان المعدنية).[i]

 

وليس من بين ما يقرب من 58,000 شخص (فرد واحد لكل أسرة عادة) الذين اشتروا مواد البناء المقيد دخولها (الأسمنت ، والحصى والقضبان المعدنية) من خلال آلية إعادة إعمار غزة المؤقتة، فعلياً، أي من النازحين الذين دمرت أو تضررت منازلهم بشدة. وهذه الفئة الأخيرة هي من بين ما يقرب من 14,500 حالة تمت الموافقةعليها بموجب آلية إعادة إعمار غزة المؤقتة، لكنهم لم يشتروا أية مواد. ومن بين أولئك الذين حصلوا على مواد البناء من خلال آلية إعادة إعمار غزة المؤقتة، أقل من 60 بالمائة اشتروا كمية كاملة من المواد المخصصة لهم في تقييمات الأضرار، في حين اشترى الباقون فقط جزءا من الكميات المخصصة لهم، والأرجح أن ذلك بسبب نقص الموارد المالية.

إن عدم وجود تقدم واضح وعدم اليقين بشأن وجود حل دائم للنازحين يطيل أمد معاناة الأسر المتضررة يزيد الإحباط العام لدى السكان بسبب القيود المفروضة على الحركة منذ فترة طويلة، وأزمة الرواتب وعدم وجود فرص عمل.[ii]

إزالة الأنقاض

عمال فلسطينيون يزيلون الركام من حي الشجاعية في غزة كجزء من برنامج تبلغ تكلفته 13,7 مليون دولار أمريكي لإزالة الأنقاض التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. البرنامج ممول من السويد، واليابان والولايات المتحدة ,الصورة بواسطة UNDP/PAPP

إن إزالة الأنقاض من المواقع المستهدفة شرط حاسم مسبق لبدء إعادة الإعمار. ويقدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن حوالي مليوني طن من الانقاض خلفتها الأعمال القتالية في الصيف، أي أكثر بثلاث مرات من عملية الرصاص المصبوب العسكري في عامي 2008- 2009.

تشرف وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية وتنسق أنشطة إزالة الأنقاض داخل غزة التي تقوم بها مجموعة من الجهات الفاعلة، بما في ذلك برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ويهدف الأخير إلى إزالة وتصنيف ما يقرب من مليون طن من الانقاض على مدى فترة تمتد لسنتين، سيتم سحق نصف هذه الكمية وإعادة استخدامها لمشاريع بناء الطرق.

حالما تنتهي إزالة الأنقاض، فإنها ستمكن أكثر من مليون شخص في المناطق المتضررة من الوصول إلى الخدمات الأساسية، لاسيما من خلال إعادة ربط البيوت بالبنية التحتية للمياه والصرف الصحي، وسوف تقلل أيضا من مخاطر المباني المنهارة وتهديد مخلفات الحرب من المتفجرات.

وقام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حتى آذار/مارس عام 2015،  بإزالة 95,000 طنا من الأنقاض، أو ما يقرب من عشرة بالمائة من الهدف النهائي، ونقله إلى مواقع السحق. وأصبحت عملية إزالة الأنقاض ممكنة بتمويل من السويد، واليابان والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. لكن فجوة التمويل بمقدار ثمانية ملايين دولار أمريكي تقريباً تبقى حاضرة بشأن سحق الأنقاض وإعادة استخدامها.

المساعدات النقدية للمأوى الانتقالي

يتم تقديم المساعدات النقدية للمأوى الانتقالي للأسر التي تضررت منازلها بشدة أو دمرت تماما على أساس تقييمات الأضرار التي تجريها الأونروا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة الأشغال العامة والإسكان للسكان غير اللاجئين.

واضطرت الأونروا  في 27 كانون الثاني/يناير عام 2015، إلى تعليق جزئي لبرنامج المساعدات النقدية الذي يدعم الإصلاحات وإعانات الإيجار، بسبب النقص الحاد في الأموال. لكن الوكالة وزعت منذ ذلك الحين نقدا لما يقرب من 12,600 أسرة بلغ مجموعه 16,5 مليون دولار من خلال إعادة تخصيص الأموال الموجودة والمدخرات، المدعومة بما تم الحصول عليه من المبالغ التي تم التعهد بدفعها. وألمانيا والمملكة العربية السعودية هما المانحان الرئيسيان لبرنامج المساعدات النقدية للمأوى التابع للأونروا في غزة. ولا تزال الوكالة تواجه عجزا قدره 545 مليون دولار أمريكي لدعم الأسر اللاجئة التي أصيبت بأضرار طفيفة لإصلاح منازلهم ومواصلة توفير المساعدات النقدية للمأوى الانتقالي.

وقدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حتى أوائل آذار/مارس، مساعدات نقدية للمأوى الانتقالي إلى ما مجموعه 2,633 أسرة من غير اللاجئين الذين تضررت وحداتهم السكنية بشدة أو كليا لمدة تصل إلى ستة أشهر، وهو ما يزيد قليلاً عن نصف العدد الإجمالي من الأسر التي تستحق (4,994). وكان النازحون الذين يقيمون في ملاجئ الأونروا  والأسر التي تعيلها نساء والأسر كبيرة الحجم هم الذين حصلوا على مساعادات وفقاً لمعايير حالة الضعف التي يتبعها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لإعطاء الأولوية للأسر للحصول على مساعدات. وتمويل  المساعدات النقدية للمأوى الانتقالي محدود ولا يزال 74 بالمائة من الاحتياجات الكلية غير ممولة، ولا تزال هناك حاجة لأكثر من 23,2 مليون دولار أمريكي لتغطية المساعدات النقدية للمأوى الانتقالي للأسر غير اللاجئة و 1,8 مليون دولار لأسر اللاجئين.

استراتيجية الحماية

وضع الشركاء في المجال الإنساني استراتيجية لتوجيه عمل العاملين في المجال الإنساني في حماية حقوق الإنسان للنازحين طوال مدة تهجيرهم. وأقر الفريق القطري الإنساني هذه الاستراتيجية لاحقاً. وتشمل الأولويات الرئيسية المحددة في الاستراتيجية:

·       تنميط وتتبع النازحين:  لضمان استجابة ملائمة وهادفة.[iii]

·       الرصد المنتظم والمنهجي لوضع حماية النازحين : لقد عانى العديد من النازحين إما من الأذى الجسدي أو النفسي نتيجة للحرب والاستمرار في العيش في ظروف مكتظة لا توفر إلا القليل من الخصوصية. وزاد الضغط الناجم من التوترات داخل الأسر والمجتمعات المحلية، وانعكس ذلك في العنف الأسري ، والمخاوف القانونية المرتبطة بحقوق الميراث، وحقوق الوصاية، وتعرض الفتيات والنساء لخطر الزواج المبكر أو القسري.

الفتيات والنساء النازحات – مجموعة معرضة للخطر بشكل كبير

دراسة أجرتها مجموعة العمل الفرعية للعنف القائم على أساس النوع التابعة للأمم المتحدة ويقودها صندوق الأمم المتحدة للسكان، فور وقف إطلاق النار في آب/أغسطس عام 2014،[iv] وتوضح كيف كان للحرب تأثير عميق على النساء والفتيات. وأفيد أن هناك زيادة في حالات العنف ضدهن في ملاجئ الطوارئ، وأوضاع الأسر المضيفة وغيرها من أماكن اللجوء. تعرضت النساء لكثير من أنواع العنف وبدرجات متفاوتة، وغالباً ما استجبن بالصمت، أو من خلال توجيه العنف ضد أطفالهن، خاصة الفتيات. وأفادت بعض الفتيات والنساء أيضاً بوقوع التمييز في استلام المساعدات والخدمات في ملاجئ الطوارئ أو لدى العائلات المضيفة.

وفيما يلي اقتباسات توضيحية من نساء شاركن في مناقشات مجموعات التركيز أثناء الدراسة:

(...) "كان حماي (والد زوجي) يضربني ويهينني أثناء الحرب. وفي بعض الأحيان، كنت أطرد بعيدا عن بيتهم إلى الشارع. لم يساعدني أحد."

"كنت أنام بجلبابي (الثوب). كان هناك مرحاض واحد فقط في المنزل الذي لجأنا إليه. كنت أخجل من دخول المرحاض بوجود أسلافي (أخوة زوجي)، لذلك كنت أنتظر حتى يخرجوا."

"لم أبلغ أي شخص عن مشاكلي واحتفظت بها لنفسي. وذلك لأن لدي أخ واحد، وهو مريض وخشيت أنه قد يموت إذا علم أنني لست بحالة جيدة، وكذلك لا أستطيع إبلاغ زوجي بما يفعله حماي وأسلافي معي، لأنه هو أيضا مريض. أنا لا أريد أن أزيد مخاوفه؛ انه مريض بالسرطان."

·       الاستجابة الإنسانية الهادفة القائمة على أساس الحاجة: في حين أن جميع الأسر المهجرة تحتاج إلى المساعدة، فإن بعض الأسر والأفراد أكثر ضعفا من غيرهم. ومن الواجب أن تحظى تلك الأسر الأكثر ضعفا أو الذين لديهم احتياجات خاصة  بالأولوية. وبشكل خاص، الفئات الضعيفة التي تشمل المرأة؛ والأطفال؛ والأسر التي معيلها الرئيسي عاجز أو تضررت سبل عيشها؛ والأشخاص الذين هم من كبار السن أو ضعفاء؛ والأشخاص المعرضين لخطر مخلفات الحرب من المتفجرات.

  • الحصول على الدعم القانوني: يجب أن تقدم وكالات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني الذين يراقبون الحماية ويوثقون انتهاكات حقوق الإنسان النصائح بشأن الحصول على الدعم القانوني المناسب، والوثائق القانونية ومتابعة آليات العدالة للمساءلة والتعويض عن الخسائر.

"فقدت بيتي، فقدت كل شيء"

مسعد عطا الله أبو جداعين، بيت لاهيا,صورة من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية

  •  مسعد عطا الله أبو جداعين، من بيت لاهيا، 46 عاما. عاطل عن العمل حالياً، ولكن سنوات من العمل الشاق في القطاع الزراعي مكنته من توفير بعض المال الذي استثمره في بناء منزله.
  • "في غزة أنت لست آمنا في المنزل. تعرضنا أنا وأسرتي للتهجير مرتين في سنتين. الأولى كانت خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، والثانية كانت نتيجة للصراع الحالي".
  • في تموز/يوليو 2014، بدأ الجيش الإسرائيلي قصفا مكثفا للمنطقة حيث يقع منزل الأسرة، لكنهم بقوا في المنزل لعشرة أيام رغم القصف. وعندما بدأت العملية العسكرية البرية الإسرائيلية، تركت الأسرة المنزل ولجأت إلى إحدى مدارس الأونروا. الوضع داخل الملجأ كان صعبا للغاية ومكتظاً.
  • "تمكنا من زيارة منزلنا خلال وقف إطلاق النار المؤقت في اليوم الخامس والعشرين من الأعمال القتالية. وجدنا منزلنا وحوالي 95 منزلاً أخر في المنطقة قد دمرتها الجرافات الإسرائيلية بالكامل. أصابتنا الصدمة وكنا عاجزين؛ ذهب كل شيء، كل شيء كافحنا لبنائه. لقد عملت طوال حياتي ليكون لي منزل خاص بي، وبعد ذلك جاءت الجرافات الإسرائيلية ودمرته في ثوانٍ."
  • بعد انتهاء الأعمال القتالية، اضطر مسعد وأسرته إلى الانتقال إلى مأوى آخر تابع للأونروا في حي الرمال، حيث مكثوا لمدة 15 يوماً قبل أن ينتقلوا إلى مأوى في مخيم الشاطئ، حيث لا يزال بعض أفراد الأسرة يعيشون فيه.
  • "أصبحت الإقامة الطويلة والوضع داخل المأوى يشكل ضغطاً كبيراً على أسرتي وليس لدي المال لاستئجار شقة. الوضع الاقتصادي صعب للغاية. لقد أقمنا مأوى مؤقتا من البلاستيك والأقمشة بالقرب من منزلنا المدمر." وفي الوقت الراهن، يشعر بعض أفراد الأسرة بمزيد من الراحة للبقاء في المأوى المؤقت على الرغم من فصل الشتاء والتعرض لظروف الطقس القاسية.
  • "نحن في انتظار مساعدة الأونروا لنتمكن من استئجار شقة مؤقتاً، ولكننا سمعنا أن الأونروا لا يوجد لديها المال لمساعدتنا. وكل ما نأمله هو أن يتم بناء منزلنا من جديد قريباً جداً حتى نتمكن من العودة إلى حياة كريمة.

[i]  لمزيد من التفاصيل حول آلية إعادة إعمار غزة المؤقتة، انظر النشرة الإنسانية، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، كانون الأول/ديسمبر 2014.

[ii]  من أجل لمحة عامة عن تأثيرات أزمة الرواتب الجارية، انظر النشرة الإنسانية، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، كانون الثاني/ يناير عام 2015.

[iii]  لمزيد من المعلومات، انظر النشرة الإنسانية، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، كانون الثاني/يناير 2015 (ص 9).

[iv]  انظر: صندوق الأمم المتحدة للسكان، الحماية في مهب الريح تشرين الأول/أكتوبر 2014.