نظرة عامة | آذار/مارس-أيار/مايو 2020

نظرة عامة

كما هو الحال في العالم بأسره، لم يزل وباء فيروس كورونا (كوفيد-19) يشكّل الشغل الشاغل الذي هيمن على الأرض الفلسطينية المحتلة على مدى الأشهر القليلة الماضية. ففي يوم 5 آذار/مارس 2020، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني حالة الطوارئ بعد تأكيد أولى حالات الإصابة بالفيروس في مدينة بيت لحم. وشملت التدابير التي اتُّخذت تعليق معظم الأعمال التجارية وجميع الأنشطة التعليمية وفرض حظر على التجمعات العامة وقيود مشددة على التنقل. وجرى تمديد حالة الطوارئ، فيما بعد، حتى مطلع شهر حزيران/يونيو، مع أنها كانت قد انتهت فعليًا في أواخر شهر أيار/مايو، حيث عادت البنوك والوزارات والمحلات التجارية وشبكات المواصلات العامة إلى مزاولة أعمالها. وفي قطاع غزة، بقي معبر إيريز الخاضع للسيطرة الإسرائيلية ومعبر رفح الذي تسيطر عليه مصر مغلقين في جانب كبير منهما منذ منتصف شهر آذار/مارس، حيث كان المسافرون القادمون إلى القطاع يرسَلون إلى منشآت الحجر لمدة 14 يومًا، جرى تمديدها لاحقًا إلى 21 يومًا. وعلى وجه العموم، شهدت الأرض الفلسطينية المحتلة عددًا منخفضًا للغاية من حالات الإصابة بالمقارنة مع المعايير العالمية، حيث لم تسجَّل سوى خمس وفيات. وحتى مطلع شهر حزيران/يونيو، تأكدت إصابة ما مجموعه 630 فلسطينيًا بفيروس كورونا، من بينهم 179 فلسطينيًا في القدس الشرقية، و390 آخرين في بقية أنحاء الضفة الغربية و61 في قطاع غزة.

وفي يوم 27 آذار/مارس، نشر الفريق القُطري للعمل الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة خطة الاستجابة المشتركة بين الوكالات لمواجهة فيروس كورونا، والتي خضعت للمراجعة والتنقيح بعد ذلك بشهر، وأطلقت مناشدة لتقديم مبلغ قدره 42.4 مليون دولار حتى نهاية شهر حزيران/يونيو 2020. وحتى نهاية شهر أيار/مايو، جُمع ما نسبته 58 بالمائة من هذا المبلغ المطلوب.[1]

وتتطرّق ثلاث من المقالات الأربعة الواردة في هذه النشرة إلى أثر فيروس كورونا على المجالات التي تثير شواغل إنسانية. ومن بين هذه المجالات العنف القائم على النوع الاجتماعي. فوفقًا لتقييم أجراه صندوق الأمم المتحدة للسكان، تزيد المخاوف الناجمة عن الفيروس والضائقة الاقتصادية وتدابير الحجر من التوتر داخل الأسر، مما يتسبّب في تفاقم العنف الأسري. وفي الوقت نفسه، طرأ تراجع على تقديم الخدمات الاجتماعية بسبب القيود المفروضة على الوصول وغيرها من القيود. وللاستجابة لاحتياجات الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي وأولئك المعرضات لخطر هذا العنف، صارت المنظمات المعنية تقدّم الاستشارات عن بُعد وتنظم الجلسات الإرشادية عبر الهاتف. ومع أن هذه التدخلات لا تستطيع أن تعوض عن تعليق الخدمات العادية، فقد كان في وسعها أن تجعل الوضع الذي تعيشه مها – وهي ضحية من ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي التي ترصد إحدى المقالات قصتها – قابلًا أكثر للاحتمال.

وتستعرض مقالة أخرى من مقالات هذه النشرة النتائج التي خلص إليها مسح أُجري مؤخرًا حول العوائق التي تحول دون القدرة على التنقل، والذي نُفِّذ في شهريْ كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2020 واستُكمل قبل وقت قريب. كما تبين هذه المقالة أثر القيود المفروضة على الوصول على تجمُّع سكاني فلسطيني غرب رام الله وعلى المزارعين الذين يملكون أراضٍ تقع خلف الجدار المحيط بالضفة الغربية. وفي هذا السياق الأخير، فرض إلغاء التصاريح والقرار الذي اتُّخذ بالامتناع عن فتح البوابات الزراعية خلال حالة الطوارئ التي أُعلنت جراء تفشّي وباء فيروس كورونا المزيد من القيود على وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم في محافظات جنين وطولكرم وسلفيت.

وتسلّط المقالة الثالثة الضوء على المحنة التي ألمَّت بمرضى السرطان في قطاع غزة. فبسبب النقص طويل الأمد في أدوية السرطان، يُحال هؤلاء المرضى إلى مستشفيات خارج غزة للحصول على العلاج الكيماوي. ولكن تفشّي فيروس كورونا جلب معه تطورًا إيجابيًا لم يكن في الحسبان، حيث سهّل أوضاع المرضى، الذين يحدوهم الأمل في أن يبقى هذا التطور قائمًا بعد انتهاء حالة الطوارئ. ففي سياق التكيف مع القيود المتزايدة على التنقل، جرى توفير خدمة جديدة تؤمِّن العلاج الكيماوي في مستشفى خاص تعاقدت وزارة الصحة الفلسطينية معه في غزة.

وتركز المقالة الأخيرة على حالة الأشخاص الذين تعرضوا للإصابة أو الصدمات في سياق مظاهرات "مسيرة العودة الكبرى" التي شهدتها غزة في الفترة الواقعة بين شهري آذار/مارس 2018 وكانون الأول/ديسمبر 2019. فلا يزال الأشخاص المتضررون يعانون من تبعات هذه المظاهرات على الرغم من تعليقها. وقد أطلقت الوكالات الإنسانية مناشدة لجمع مبلغ قدره 13.5 مليون دولار لتنفيذ طائفة من التدخلات خلال العام 2020 من أجل دعم إعادة تأهيل هؤلاء المصابين. وقد جرى تأمين ما نسبته 19 بالمائة من هذا المبلغ.


[1] للاطّلاع على المزيد من التفاصيل حول الاستجابة لمواجهة فيروس كورونا، انظر تقرير الحالة الأسبوعي الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.