الاستخدام المفرط للقوة وانعدام المساءلة

شهدت السنوات الأخيرة الماضية إرتفاعا في عدد الاشتباكات العنيفة بين القوات الإسرائيلية والمدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، خاصة أثناء المظاهرات وعمليات التفتيش والاعتقال. في عام 2016 ، قتل 19 فلسطينيا وأصيب أكثر من 3,200 بجراح في هذه الإشتباكات؛ ما يقرب من 14 بالمائة من هذه الإصابات كانت بالذخيرة الحية. أدت الإصابات الخطيرة غالبا إلى إعاقات طويلة الأمد، مما يجعل الشباب الفلسطيني في حاجة مستمرة للعلاج الطبي والمساعدات الإنسانية، وسبب بإرباك حياة أسرهم.

وأثار بعض الاشتباكات التي أدت إلى وقوع إصابات بين الفلسطينيين قلقا بشأن احتمال الاستخدام المفرط للقوة من جانب القوات الإسرائيلية، بما في ذلك استخدام الأسلحة المميتة كتدابير للسيطرة على الحشود. ونادرا ما أدت هذه الحالات إلى تحقيقات فعالة ومساءلة للجناة المشتبه فيهم داخل القوات الإسرائيلية. وعلاوة على ذلك، فإن سلسلة من التعديلات التي أدخلت على قانون المسؤولية التقصيرية الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، بما في ذلك توسيع تعريف "النشاط الحربي" وإدخال قيود إجرائية، تجعل من المستحيل عمليا على الفلسطينيين المطالبة فعليا بالتعويض عن انتهاك حقوقهم من خلال نظام المحاكم الإسرائيلية.

محمد العمصي من مخيم الفوار للاجئين، الخليل

أيلول/سبتمبر 2016 "ذهبت إلى سطح منزلي لأشاهد الاشتباكات... بعد ثانية واحدة فأصبت بثلاث رصاصات في ساقيَّ"

مخيم الفوار للاجئين، الخليل، أيار/مايو 2017. ©  تصوير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية

داهمت أعداد كبيرة من الجنود الإسرائيليين مخيم الفوار للاجئين (الخليل) قبل فجر يوم 16 آب/أغسطس 2016، وأجروا عمليات تفتيش من بيت إلى بيت. سيطرت القوات على عدة أسطح في المخيم ونشرت القناصة. ورشق الشبان الفلسطينيون الجنود بالحجارة، وقاموا أيضا، طبقا لمصادر إسرائيلية، بإلقاء قنابل حارقة على الجنود الذين ردوا بالذخيرة الحية وقنابل الغاز المسيل للدموع. وأطلق الجنود أثناء الاشتباكات النار على شاب فلسطيني يبلغ من العمر 18 عاما وقتلوه وأصيب 52 آخرون بجراح، وأصيب أكثر من نصفهم بالذخيرة الحية. ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات إسرائيلية.

محمد العمصي من سكان المخيم، يبلغ من العمر 22 عاما: "ذهبت إلى السطح السفلي لمنزلي لمشاهدة الاشتباكات. يقع المنزل على تل بعيد عن منطقة الاشتباكات. وفي لحظة ما، سألني أحد الجيران عما إذا يمكن أن يستخدم مصورون وصحفيون من قناتين تلفزيونيتين تغطيان الحدث السطح العلوي من بيتي. 

وبمجرد وصولي إلى السطح الآخر، سمعت قنَّاصا إسرائيليا يتمركز في مبنى مجاور يسألني باللغة العربية: "أين تريدها؟" لم أجب وأدرت له ظهري. وبعد ثانية، أصبت بثلاث رصاصات في ساقي. واحدة أصابت ركبتي والأخرى أصابت فخذي، واستقرت في الورك. وصرخت وأنا أسقط أرضا "توقف!"، فأطلق الجندي رصاصة أخرى أصابت يدي اليمنى. تم نقلي إلى المستشفى في الخليل ولكن نظرا لصعوبة إصاباتي، تم نقلي إلى مستشفى رام الله. خضعت لعمليتين، وكان الأطباء يخشون أن تصيبني إعاقة لمدى الحياة". 

تم الحصول على بيانات هذه الحالة في أيلول/سبتمبر 2016 للنشرة الإنسانية لشهر أيلول/سبتمبر 2016- غير منشورة.

أيار/مايو 2017 "فقدت الأمل الضئيل للحصول على العدالة"

"عدت قبل ثلاثة أشهر فقط إلى العمل في الفرن التقليدي الذي أديره مع والدي. أعاني من ألم شديد منذ سبعة أشهر، ولم أتمكن من عمل أي شيء إلا جلسات العلاج الطبيعي. أصيبت ساقي بتلف في الأعصاب، واضطررت لارتداء الحذاء لعدة أشهر، حتى في المنزل، حيث أنني فقدت السيطرة على القدم اليسرى. وركبتي اليسرى تتحرك بشكل غير إرادي أيضا. لا أستطيع أن أنزل الدرج بسهولة ويجب أن أعتمد على ساقي اليمنى كثيرا. لا أستطيع المشي أكثر من 500 متر قبل أن أشعر بالألم وأبدأ أعرج. اضطررت لشراء سيارة لمساعدتي في التنقل، ولكن قيادة سيارة في المخيم ليست سهلة بسبب الشوارع الضيقة والأزقة.

تعاني يدي اليمنى كذلك من أحد أشكال الإعاقة، وتجعل قطع الشظايا من الصعب عليّ أن أفعل أشياء كثيرة. وأي حركة غير ملائمة تجعلها تتشنج. لا أستطيع ثني يدي بسهولة أو مسك الأشياء. تركتني الإصابة في ألم مزمن وأثرت على عملي بشكل كبير للغاية. 

عملي في الفرن جسدي في معظمه ويستلزم تقطيع الخضار وحمل أشياء ثقيلة: أكياس الطحين والبطاطا، وغيرها. الآن لا أستطيع أن أفعل الكثير من هذه الأشياء. أقوم في الأساس بمهام إدارية وبعض الإشراف. والدي يتقدم في العمر وأنا كنت أدير الفرن، وهو مصدر رزقنا الرئيسي. 

حاولت السعي للحصول على العدالة، لكن لم يكن لديّ أي دعم، أو اتصالات أو شخص ما لإرشادي في كيفية التصرف في ذلك. كنت أرغب في الاتصال بمحام إسرائيلي لرفع قضية تعويض وكنت على استعداد لدفع التكاليف. انا على يقين بأن لديّ قضية قوية. التقط طاقم الكاميرا عملية إطلاق النار عليّ بشكل حيّ وانتشرت سريعا عبر الانترنت. وتظهر اللقطة أنني لم أشكل أي تهديد لأحد. لم أتمكن من الحصول على محام في الوقت المناسب وأضعت الفرصة الضيقة المتوفرة لتسجيل الشكوى والحصول على شيء من العدالة".[6]

محمد العمصي على السطح الأسفل لمنزله في الفوار، أيار/مايو 2017. تصوير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية


[6] لا يستطيع سكان الضفة الغربية أو غزة بموجب القانون الإسرائيلي المطالبة بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بهم إذا لم يبلغوا وزارة الدفاع خطيا في غضون 60 يوما من وقوع الحادث.