مقتل ثلاثة فلسطينيين وإصابة المئات بجروح في غزة خلال المظاهرات المتواصلة بمحاذاة السياج مع إسرائيل

اندلعت مظاهرات عامة بمحاذاة السياج الحدودي الإسرائيلي مع غزة مجددًا هذا اليوم، للجمعة الخامسة على التوالي، وذلك في سياق ’ مسيرة العودة الكبرى‘ التي يُتوقع أن تستمر حتى يوم 15 أيار/مايو. ولغاية الساعة 21:00 من مساء اليوم، قتلت القوات الإسرائيلية ثلاثة فلسطينيين وأصابت نحو 955 آخرين بجروح استلزمت الحصول على علاج طبي، من بينهم 76 طفلًا و39 امرأة على الأقل، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. ومن بين العدد الكلي للجرحى، أصيب 178 شخصًا بالذخيرة الحية. وثمانية من هؤلاء الجرحى في حالة حرجة.

ويقدَّر العدد الإجمالي للمشاركين في مظاهرات اليوم بـ10,000 متظاهر، وهو عدد يفوق ما كان عليه الجمعة الماضية. وقد تجمّع المتظاهرون عند مواقع الخيام الخمس التي نُصبت على مسافة تبلغ 600 متر من السياج الحدودي، وهي مسافة أقرب بنحو 50 مترًا إلى السياج مما كانت عليه الأسبوع الماضي. ومثلما حصل في أيام الجمعة المنصرمة، سار المئات من المتظاهرين من مواقع الخيام باتجاه السياج عقب صلاة الجمعة، حيث أحرقوا الإطارات، وحاولوا إتلاف السياج، وألقوا الحجارة، والقنابل الحارقة وفقًا للمصادر الإسرائيلية، على القوات الإسرائيلية. وفي مناسبات عدة، أشارت التقارير إلى أن المتظاهرين أطلقوا طائرات ورقية تحمل مواد مشتعلة باتجاه الأراضي الإسرائيلية. وتفيد بعض التقارير بأن بعض المتظاهرين اخترقوا السياج شرق مدينة غزة، كما أتلفوه في مواقع أخرى. وردّت القوات الإسرائيلية على المظاهرات بإطلاق العيارات المعدنية المغلقة بالمطاط وقنابل الغاز المسيل للدموع، والتي ألقتها الطائرات المسيّرة دون طيار كذلك. والذخيرة الحية التي أطلقها قناصون أيضًا.

وعلى وجه الإجمال، فمنذ بداية الاحتجاجات في يوم 30 آذار/مارس، قتلت القوات الإسرائيلية 38 فلسطينيًا، من بينهم أربعة أطفال، في سياق المظاهرات. كما قُتل خمسة فلسطينيين في غزة في ظروف أخرى، وقُتل اثنان آخران بعدما اجتازا السياج الحدودي ودخلا إلى إسرائيل. وأصابت القوات الإسرائيلية أكثر من 6,400 فلسطيني، من بينهم 530 طفلًا على الأقل، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة. ومن بين هؤلاء الجرحى، أُدخِل نحو 3,897 شخصًا (61 في المائة) إلى المستشفيات، بمن فيهم 1,917 شخص أصيب بالذخيرة الحية. ولم ترِد أي تقارير تفيد بوقوع إصابات بين صفوف الإسرائيليين.

وقد أثار العدد الكبير للضحايا في أوساط المتظاهرين العزل، بما في ذلك النسبة المرتفعة للمتظاهرين الذين أصيبوا بالذخيرة الحية، القلق إزاء الاستخدام المفرط للقوة، وأُطلقت الدعوات لإجراءات تحقيقات مستقلة في هذه الحوادث، بما فيها تلك التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة. وفي وقت سابق من هذا اليوم، 27 نيسان/أبريل، دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إسرائيل إلى ضمان أن قواتها الأمنية لا تلجأ إلى الاستخدام المفرط للقوة، كما دعا إلى محاسبة المسؤولين. "إن إزهاق الأرواح أمر يستحق الشجب، والعدد الهائل من الإصابات بالذخيرة الحية يؤكد الشعور بأن القوة المفرطة لم تُستخدم مرةً واحدةً أو مرتين، بل بشكل متكرر. ومما يضاعف قلقي التقارير الواردة حول الإصابات الحرجة على غير العادة والناجمة عن استخدام الذخيرة الحية. وفضلًا عن ذلك، ترفض إسرائيل منح تصاريح المغادرة لعدد كبير من أولئك الذين يسعون للحصول على العلاج خارج غزة، مما زاد من المعاناة."

كما أعرب منسق الأمم المتحدة الخاص عن قلقه حيال العدد المرتفع للإصابات بين صفوف الفلسطينيين في الإحاطة التي قدّمها لمجلس الأمن في يوم 26 نيسان/أبريل، حيث صرّح: " السيد الرئيس، أنتهز هذه الفرصة لأعيد التأكيد، وبأقوى العبارات الممكنة، على أنه يجب ألا يتعرض المدنيون، ولا سيما الأطفال، للخطر عن عمد أو استهدافهم بأي طريقة كانت. ويجب أن يضمن الجميع أن المدنيين يملكون القدرة على ممارسة حقهم في التظاهر سلميًا".

وصرحت السلطات الإسرائيلية بأن العديد من الضحايا كانوا أفرادًا في حركة حماس وغيرها من الجماعات المسلحة، واتهمت وزارة الصحة بتضخيم عدد الجرحى الذين أصيبوا بالذخيرة الحية. كما صرحت إسرائيل بأن آلية لتقصّي الحقائق سوف تستعرض استخدام القوة، بما يشمل حوادث إطلاق النار التي أفضت إلى القتل.

تواصل الاستجابة الإنسانية

حددت الجهات الإنسانية الفاعلة ثلاثة مجالات للتدخلات التي تُعَدّ ضرورية للاستجابة للاحتياجات العاجلة التي نشأت عن الاحتجاجات المتواصلة في غزة، وهي: تقديم الرعاية الصحية الفورية والمنقذة للحياة، ورصد الانتهاكات المحتملة التي تمسّ الحماية والتحقق منها وتوثيقها، وتوسيع نطاق تقديم خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي للأشخاص الذين أصيبوا بجروح أو لحق بهم الضرر بسبب الأحداث. ومن المطلوب على نحو عاجل توفير نحو 5.3 مليون دولار لتوسيع نطاق الاستجابة الفورية حتى يوم 31 أيار/مايو، وهي الفترة المتوقعة للمظاهرات التي تستمر لستة أسابيع، إلى جانب أسبوعين إضافيين لضمان تقديم الاستجابة العاجلة لأي أشخاص متضررين حتى يوم 15 أيار/مايو. وفي يوم 25 نيسان/أبريل، صرف المنسق الإنساني 2.2 مليون دولار من الاحتياطي المخصص لحالات الطوارئ غير المتوقعة في صندوق التبرعات الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة، لدعم مجالات التدخل الثلاثة المذكورة أعلاه. وتشكّل الاستجابة للرعاية الصحية الأولوية الرئيسية، بالنظر إلى الارتفاع الهائل في أعداد الضحايا وفي ظل نظام صحي شارف على الانهيار. وسوف تستفيد مجموعة الصحة من 1.8 مليون دولار من جملة ما صرفه صندوق التبرعات الإنساني لاستقدام الجراجين إلى غزة لإجراء العمليات الجراحية المنقذة للحياة، وتشكيل الفرق المعنية بتقديم خدمات التأهيل، وتحسين الرعاية اللاحقة للعمليات الجراحية، وتقديم اللوازم الطبية المنقذة للحياة.

 وتعاني نسبة كبيرة من المرضى الذين أُدخلوا إلى المستشفيات منذ بداية المظاهرات من إصابات حرجة في أطرافهم السفلية، مما يستدعي إجراء عمليات جراحية معقدة. وسوف يعاني الكثير منهم من إعاقات طيلة حياتهم. وقد أقامت وزارة الصحة، إلى جانب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، نقاطًا طبية لإسعاف المصابين بجوار مواقع الخيام الخمس، من أجل إسعاف المصابين قبل تحويلهم إلى المستشفيات القريبة. وتعمل منظمة الصحة العالمية على تحديث هذه النقاط الطبية من أجل رفع مستوى الاستجابة على الخطوط الأمامية في الميدان، كما تعمل على الارتقاء بإجراءات جمع البيانات حول المرضى الذي يتلقّون العلاج في تلك النقاط. وقد تعطّل تقديم العلاج في إحدى النقاط الطبية المذكورة لمدة لا تقل عن ساعة خلال هذا اليوم نتيجة للغاز المسيل للدموع الذي أطلقته القوات الإسرائيلية، وعولِج تسعة مسعفين على الأقل من الاختناق نتيجة لاستنشاق هذا الغاز. ومنذ يوم 30 آذار/مارس حتى يوم 23 نيسان/أبريل، أُصيب ما لا يقل عن 77 فردًا من أفراد الطواقم الطبية بجروح ولحق الضرر بـ14 سيارة إسعاف، وفقًا للبيانات الواردة من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ووزارة الصحة في غزة.

وتتابع مجموعة الحماية الوضع عن كثب، حيث تجمع المعلومات المتصلة بولاية الحماية المخولة لها، بما تشمله من تحديد الاحتياجات الإنسانية العاجلة والطرق التي تكفل المضيّ قدمًا على صعيد معالجة الثغرات المحتملة التي تشوب الاستجابة، وذلك بالتنسيق مع مجموعتيْ الصحة والحماية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. وتواصل المنظمات الشريكة في مجموعة الحماية تقديم المساعدة القانونية من خلال الالتماسات التي ترفعها أمام الجهاز القضائي الإسرائيلي بالنيابة عن الأفراد الذين يحتاجون إلى تصاريح السفر للحصول على العلاج العاجل خارج غزة.

كما خلّف التعرض للعنف آثارًا كبيرة على الصحة العقلية والنفسية، ولا سيما في أوساط الأطفال. وفي هذا السياق، قدّمت المنظمات الشريكة المتخصصة في الصحة العقلية والنفسية في مجموعة الحماية الدعم النفسي الأولي لما لا يقل عن 171 طفلًا تعرضوا للصدمات وأصيبوا بأنواع مختلفة من الإصابات، من بين 505 أطفال على الأقل ممن جرى تحديدهم حتى الآن. ومن بين هؤلاء، جرى تحويل 22 طفلًا تعرضوا لإصابات حرجة وجسيمة (بالذخيرة الحية والعيارات المعدنية المغلقة بالمطاط) ويحتاجون إلى رعاية أكثر تخصصًا إلى إدارة الحالات ذات الصلة. وبالإضافة إلى ذلك، حدد المرشدون المدرسيون 258 طفلًا على أنهم في حاجة إلى الدعم النفسي، حيث قُدِّم العلاج الأولي لـ187 حالة منهم، بينما حصل 70 شخصًا مصابًا على خدمات الإرشاد من خلال خط ساخن مجاني للإرشاد منذ يوم 30 آذار/مارس. كما جرى تحديد ما يزيد على 1,000 شخص بالغ على أنهم في حاجة إلى أشكال من الاستجابة المخصصة للصحة العقلية والنفسية، حيث جرى الوصول إلى نحو 342 شخصًا منهم وتقديم الدعم النفسي الأولي لهم.

إخلاء مسؤولية: تستند البيانات والتحليلات الواردة في هذا التحديث العاجل إلى المعلومات الأولية المتاحة. ومن المقرر إجراء تقييمات إضافية في وقت لاحق.