آدم أبو جلهوم، 10 أعوام، يشارك في دورة فنية في سياق مشروع "المحافظة على نشاط الأطفال".  © - 2019 وكالة الأونروا، تصوير إبراهيم أبو عشيبة
آدم أبو جلهوم، 10 أعوام، يشارك في دورة فنية في سياق مشروع "المحافظة على نشاط الأطفال". © - 2019 وكالة الأونروا، تصوير إبراهيم أبو عشيبة

أنشطة المخيمات الصيفية في غزة: تلبية احتياجات الأطفال في بيئة مأمونة

اختتمت وكالة الأونروا، بالشراكة مع منظمة اليونيسف وبدعم من الإتحاد الأوروبي، مشروع "المحافظة على نشاط الأطفال" في قطاع غزة. وقد استهدف هذا المشروع الذي نُفِّذ على مدار خمسة أسابيع، من 29 حزيران/يونيو حتى 1 آب/أغسطس، 90,000 طفل في جميع أنحاء القطاع، وعمد إلى تنظيم الأنشطة الترويحية، وتقديم المساعدة النفسية والإجتماعية وإحالة الأطفال إلى مراكز الصحة العقلية المتخصصة، حيثما اقتضى الأمر ذلك.

ويقول آدم أبو جلهوم، وهو تلميذ يبلغ العاشرة من عمره، "أسكن في مخيم جباليا، حيث لا توجد مساحات ترويحية والمكان الوحيد المتاح للعب فيه هو الشارع، الذي يفتقر إلى الأمان. وفي هذه الأنشطة الصيفية، وجدتُ مكانًا أذهب إليه، حيث أخرج من البيت وأجد مكانًا مأمونًا ألعب وأتعلم فيه مع أصدقائي... لقد أحببتُ الدورات الفنية حقًا! وأشعر بالحماسة عندما ألوّن أوانٍ فخارية مختلفة مع أصدقائي. لقد استمتعنا في صنع أشكال ورسم لوحات ملونة على آنية الفخار!"

لقد أسهم الحصار المفروض منذ ما يزيد عن 11 عامًا وتكرار حالات تصعيد الأعمال القتالية وسقوط ضحايا بالجملة خلال مظاهرات مسيرة العودة الكبرى والإنقسام الداخلي الفلسطيني الذي طال أمده في تردّي الوضع الإنساني إلى مستويات غير مسبوقة في جميع أنحاء قطاع غزة. ففي ظل اقتصاد يشهد قدرًا متزايدًا من انعدام الإستقرار، تتعرّض قدرة الأُسر على كسب قوتها للمزيد من التآكل، مما يتسبب في تفاقم حالة الضعف التي تعيشها.

ولحقت الأضرار بالأطفال، الذين يشكّلون نصف تعداد السكان الذين يعيشون في قطاع غزة والبالغ عددهم مليونيْ نسمة بطرق شتّى، ولجملة من الأسباب من بينها مشاركتهم في مسيرة العودة الكبرى وتعرُّضهم للعنف في سياقها. فمنذ شهر آذار/مارس 2018، قُتل ما مجموعه 44 طفلًا فلسطينيًا في غزة (43 فتى وفتاة واحدة) وأُصيب نحو 7,000 طفل آخر بجروح خلال المظاهرات وحدها.[1] ويثير العدد الكبير للضحايا من الأطفال، وبما يشمل النسبة المرتفعة للمصابين منهم بالذخيرة الحية، القلق إزاء الاستخدام المفرط للقوة على يد الجنود الإسرائيليين. وقد زاد العنف المستشري في غزة من المستويات المرتفعة أصلًا من وطأة الضغط النفسي الإجتماعي، حيث يحتاج ما يربو على 50,000 شخص، نصفهم من الأطفال، إلى أشكال الإستجابة اللازمة في مجال الصحة العقلية والإستجابة النفسية والإجتماعية.[2]

آدم أبو جلهوم، 10 أعوام، يشارك في دورة فنية في سياق مشروع

وأسهم مشروع "المحافظة على نشاط الأطفال" في تعزيز الرفاه البدني والعقلي للأطفال، حيث وفّر الفرص المتساوية للفتيان والفتيات من الصف الأول حتى الصف التاسع للمشاركة في الأنشطة الترفيهية وأنشطة الدعم الموجّهة لصقل مهاراتهم. كما سعى المشروع إلى التخفيف من وطأة الضغط في أوساط الأطفال وتعزيز آليات التكيف الإيجابية في بيئة مأمونة، إلى جانب إبعادهم عن الأنشطة التي يُحتمل أن تلحق الأذى بهم.

وافتُتحت المخيمات الصيفية فيما يزيد عن 50 موقعًا، بما فيها مدارس الأونروا ونوادي نقابات الموظفين المحليين، وغطّت جميع المناطق في قطاع غزة. وجرى تأمين المواصلات للأطفال الذين يسكنون في مناطق بعيدة بهدف تيسير قدرتهم على الوصول إلى الأنشطة على قدم المساواة مع غيرهم. وفي كل موقع من هذه المواقع، عمل فريق من العاملين في الرسوم المتحركة والأخصائيين في الصحة العقلية على تقديم طائفة واسعة من الأنشطة، بما فيها الدورات الفنية والرياضية والألعاب الشعبية والرسم الحر والمهارات الحياتية. وانتشر فريق ضمّ نحو 260 أخصائيًا في جميع المواقع التي أُقيمت المخيمات الصيفية فيها، حيث عُهدت إليهم المسؤولية عن إحالة الأطفال الذين كانوا في حاجة إلى تدخلات نفسية واجتماعية محددة إلى الجهات الملائمة التي تقدم الخدمات المطلوبة لهم.

ووفقًا لأحمد ثابت، وهو أحد المشرفين على برنامج الصحة العقلية في وكالة الأونروا، "يُعدّ المخيم الصيفي مهمًا لأنه يتيح فرصة منظَّمة للأطفال للنمو... وييسّر للأطفال أن يتمتعوا بالإستقلالية والثقة في أنفسهم، في ذات الوقت الذي يقيمون فيه علاقات اجتماعية ويكوّنون أصدقاء جددًا، بل وتعلّم مهارات جديدة."

وقد وُلد هذا المشروع من رحم الخبرات الإيجابية التي اكتسبتها وكالة الأونروا على مدى العقد الأخير في تنظيم الأنشطة الصيفية للأطفال في مدارسها، بالتعاون مع شركائها من منظمات المجتمع المدني. كما استند المشروع إلى الدروس المستفادة والإستجابة الإيجابية التي أبداها المجتمع المحلي تجاه الأنشطة ما بعد المدرسة التي نفّذتها وكالة الأونروا واليونيسف في سياق مشروع "المحافظة على هدوء الأطفال" خلال الفصلين الأول والثاني من العام المدرسي 2018/2019.

الأزمة المالية التي تعصف بوكالة الأونروا

واجهت وكالة الأونروا، خلال العام 2018، أسوأ عقبة مالية في تاريخها بعد أن قطعت الولايات المتحدة تمويلها على نحو مفاجئ. فقد قوّضت هذ الأزمة قدرة الوكالة على الوفاء بالطلب المتزايد على الخدمات التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين، منها تقليص عدد الأطفال الذين يمكن تنظيم الأنشطة الصيفية لهم، إضافة إلى تضييق نطاق هذه الأنشطة.

وفي العام 2019، تحتاج الأونروا إلى ما مجموعه 1.2 مليار دولار لتنفيذ عملياتها في المنطقة، بما يشمل التنمية البشرية وتقديم الخدمات المتصلة بالمساعدات الإنسانية. وخلال مؤتمر إعلان التبرعات الدولي السنوي، الذي عُقد في يوم 25 حزيران/يونيو في نيويورك، تعهدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتقديم مبلغ يربو على 110 مليون دولار لدعم الوكالة. وعلى الرغم من ذلك، فلا تنفكّ الأونروا تواجه تحديات جسيمة على صعيد تأمين متطلباتها المالية حتى نهاية هذا العام.


[1] حتى يوم 31 أيار/مايو 2019. انظر: OCHA Snapshot.

[2] نظرة عامة على الاحتياجات الإنسانية للعام 2019، صفحة 7