عبير النمنم وبناتها يجلسن في شرفة منزلهن في مخيم الشاطئ للاجئين، غزة، أيار/مايو 2017. تصوير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
عبير النمنم وبناتها يجلسن في شرفة منزلهن في مخيم الشاطئ للاجئين، غزة، أيار/مايو 2017. تصوير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.

نظرة عامة: أيار/مايو – حزيران/يونيو 2017

يتزامن هذا العدد من النشرة الإنسانية مع الذكرى الخمسين لحرب حزيران/يونيو 1967 وبدء احتلال إسرائيل للضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة. وبهذه المناسبة، يعيد هذا العدد النظر في حالات عشرة فلسطينيين وردت في منشورات سابقة لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، لإبراز بعض المخاوف الإنسانية المستمرة في الأرض الفلسطينية المحتلة.

ومما يثير القلق بشكل خاص في هذه الأيام تفاقم أزمة الكهرباء المزمنة في غزة، والتي قوضت الظروف المعيشية غير المستقرة أصلا على مدار العقد الماضي. وتشمل مسببات هذه المشكلة في السنوات الأخيرة الانقسامات الفلسطينية الداخلية؛ دفع المستهلكين المحدود للفواتير وما ينتج عنه من نقص التمويل لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة؛ تدمير المرافق المتصلة بالكهرباء جراء الغارات الجوية الإسرائيلية؛ والقيود الإسرائيلية المفروضة على استيراد قطع الغيار والمعدات، بدعوى المخاوف الأمنية. 

في عدد نيسان/أبريل 2014 من النشرة الإنسانية، سردت عبير النمنم، وهي أُم لإحدى عشرة طفلا من مخيم الشاطئ في قطاع غزة، الصعوبات التي واجهتها في أداء معظم النشاطات اليومية الأساسية بسبب انقطاع الكهرباء، مثل توفير الشاي أو الحليب الدافئ لأطفالها. ولدى زيارة عبير لمرة ثانية بعد ثلاث سنوات، تدهور الوضع بشكل أكبر، بعد إغلاق محطة توليد الكهرباء في نيسان/أبريل 2017 وتخفيض إمدادات الكهرباء من جانب إسرائيل، بناء على طلب السلطة الفلسطينية التي مقرها في الضفة الغربية. وحدثت هذه التطورات الأخيرة في سياق تصاعد الصراع المستمر منذ عقد من الزمن بين السلطة الفلسطينية وسلطات حماس القائمة بحكم الأمر الواقع.  

نتيجة لذلك، غرق غالبية السكان في الظلام وتوقفت الخدمات الأساسية بما في ذلك المرافق الصحية، وإمدادات المياه وإدارة مياه الصرف الصحي  بشكل كامل تقريباً، وتعتمد هذه بالأساس وبشكل حصري تقريبا على تشغيل وقود الطوارئ الذي تقدمه الأمم المتحدة. وعلى الرغم من أن محطة توليد الكهرباء استأنفت عملها جزئيا في 21 حزيران/يونيو بعد شراء الوقود عبر مصر، ما زال الوضع غير مستقر. وفي 14 حزيران/يونيو، حذر منسق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، روبرت بايبر، من "النتائج الكارثية لأي تخفيض إضافي في إمدادات الكهرباء إلى قطاع غزة"، ودعا "السلطة الفلسطينية، وحماس وإسرائيل إلى إعطاء الأولوية لرفاهية سكان غزة أولا واتخاذ التدابير اللازمة لتجنب المزيد من المعاناة".

يشكل الوضع الصحي المتدهور في غزة والصعوبات التي يواجهها المرضى في الحصول على العلاج المنقذ للحياة خارج غزة المحاصرة موضوعا متكررا في النشرة. وفي إصدار كانون الثاني/يناير 2017، قالت سهام التتري، وهي مريضة سرطان، إنها اضطرت إلى الانقطاع عن تلقي العلاج الكيميائي لمدة سبعة أشهر والتغيب عن موعدين في مستشفى أوغستا فيكتوريا في القدس الشرقية قبل أن تحصل أخيرا على تصريح. وبحلول حزيران/يونيو، انتشر السرطان إلى نخاع العظم عند سهام، وفي وقت المقابلة، كانت لا تزال تنتظر الحصول على تصريح لموعدها في المستشفى. تتأثر حالة المرضى أمثال سهام بالصراع الفلسطيني الداخلي المستمر: وقد تعطلت التحويلات لأكثر من 2,000 مريض للعلاج الطبي خارج غزة منذ آذار/مارس 2017، بعد التعليق، على ما يبدو، من جانب السلطة الفلسطينية للمدفوعات لصالح هذه الخدمة. وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدلات الوفيات بين المرضى الذين هم في الانتظار، بما في ذلك حديثي الولادة المعرضين بشدة للخطر.

تشمل الموضوعات المتصلة بالضفة الغربية التي تتناولها هذه النشرة المخاوف القائمة منذ فترة طويلة بشأن الأوضاع الإنسانية: أثر الجدار على منطقة القدس والمناطق الريفية في الضفة الغربية؛ المخاوف المتعلقة بالاستخدام المفرط للقوة وظروف الأطفال قيد الاعتقال؛ المجتمعات المعرضة لخطر التهجير القسري؛ والقيود المتعددة المفروضة على البناء والوصول إلى الخدمات التي تواجهها التجمعات الفلسطينية في المنطقة (ج). 

والتخوف المشترك الذي يربط العديد من هذه القضايا هو أثر المستوطنات الإسرائيلية التي أنشئت في أنحاء الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، بما يتعارض مع القانون الدولي. مصادرة الأراضي لإقامة المستوطنات وتوسيعها، إلى جانب عنف المستوطنين واستيلاء جماعات المستوطنين على الأراضي، حرم الفلسطينيين من ممتلكاتهم وقلص المساحة المتاحة لهم للحفاظ على سبل عيشهم. وتم فرض العديد من القيود على الحركة الفلسطينية، بما في ذلك الجدار، الذي قوض القدرة على الحصول على الخدمات الأساسية وسبل العيش، من أجل حماية المستوطنات وتسهيل حياتها اليومية. 

في كانون الأول/ديسمبر 2016، وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار رقم 2334 والذي دعا إسرائيل إلى اتخاذ خطوات "لوقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية". لكن، كما أشار منسق الأمم المتحدة الخاص للسلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، في التقرير الذي قدمه إلى مجلس الأمن في حزيران/يونيو، "لم يتم اتخاذ أي خطوات من هذا القبيل [...] في حين كانت هناك زيادة كبيرة في الإعلانات المتصلة بالاستيطان [...]، مع خطط تمضي قدما لبناء ما يقرب من 4,000 وحدة سكنية وتم إصدار 2,000 مناقصة".  

وفي بيان صدر هذا الشهر، شدد منسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة على أنه "من منظور إنساني، فإن 50 عاما من الاحتلال تمثل فشلا ذريعا للقيادة من جانب الكثيرين - المحليين والدوليين، والإسرائيليين والفلسطينيين. وهناك عدد كبير جدا من المدنيين الأبرياء - الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء - يدفعون نتيجة هذا الفشل الذريع لمعالجة الأسباب الكامنة لأزمة الحماية الأطول أمدا في العالم".