قيود متزايدة على الوصول إلى الأرض الزراعية خلف الجدار

بوابة بديلة يستخدمها مزارعو عزبة سلمان © تصوير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية

أفادت التقارير في الأشهر الأخيرة بزيادة القيود في شمال الضفة الغربية، والتي تؤثر على وصول المزارعين إلى أراضيهم الزراعية التي يعزلها الجدار. وتتعلق هذه القيود بتوافر حد أدنى من مساحة الأراضي ووثائق ملكية الأراضي المطلوب الوصول إليها لكي يتمكن مالكو الأراضي الفلسطينيون من التقدم بطلب الحصول على تصاريح لعبور الجدار. وعلى الرغم من أن هذه القيود قد أُدرجت في "الأوامر الدائمة" السابقة التي نشرتها السلطات الإسرائيلية، والتي تفصل اللوائح التي تنظم الوصول إلى المناطق الواقعة خلف الجدار، فإن الخوف هو أن تطبيق اللوائح بشكل أكثر صرامة سيعيق وصول الفلسطينيين إلى الأراضي الزراعية وسبل العيش في المناطق المتأثرة بالجدار.[1]

تم اعلان الأراضي الواقعة بين الجدار والخط الأخضر في شمال الضفة الغربية، "منطقة التماس"، مغلقة بأمر عسكري في تشرين الأول/أكتوبر 2003. وجميع الفلسطينيين غير المقيمين الذين تزيد أعمارهم عن 12 سنة، والذين هم بحاجة إلى دخول هذه المنطقة، بما في ذلك لأغراض زراعية، يطلب منهم الحصول على تصريح خاص.[2] ولتقديم طلب أو تجديد تصريح، يجب على المتقدم للطلب أن يستوفي الاعتبارات الأمنية اللازمة لجميع التصاريح الصادرة عن إسرائيل. تم رفض العديد من المزارعين على هذه الأسس، ودون مزيد من التوضيح.

كذلك، يجب على المتقدمين إثبات وجود صلة بالأرض الواقعة في المنطقة المغلقة من خلال تقديم وثائق ملكية أو وثائق ضريبة الأراضي سارية المفعول. تم رفض بعض المتقدمين على أساس "عدم وجود صلة بالأرض" أو "عدم امتلاك ما يكفي من الأرض". وغالبية الأراضي في الضفة الغربية غير مسجلة رسميا، وانتقلت الملكية عبر الأجيال بالطرق التقليدية التي لا تتطلب توثيقا رسميا للميراث، ولكنها لا تزال تشكل مصدرا رئيسيا للدخل للأجيال المتعاقبة. يرصد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية معدل طلبات التصاريح، وخاصة خلال موسم قطف الزيتون السنوي، حينما وفقا للسلطات الإسرائيلية، "يكون من الممكن طلب التصاريح لأفراد أسرة المزارع بحصة تتجاوز الحصة المقررة على أساس الاعتراف بتفرد وأهمية موسم قطف الزيتون".[3] وفي شمال الضفة الغربية، ارتفع معدل الموافقة على طلبات التصاريح من 46 بالمائة في عام 2015 إلى 58 بالمائة في موسم عام 2016، وبلغ مجموع الطلبات التي تمت الموافقة عليها 6,707.وبالرغم من هذه الزيادة، تم رفض ما يقرب من 4,700 طلب تقدم بها المزارعون لهذا الموسم لقطف الزيتون.

اللوائح الأخيرة بشأن التصاريح

أفادت عدة مكاتب تابعة لمكتب الارتباط المدني الفلسطيني في شمال الضفة الغربية (جنين وقلقيلية وطولكرم وسلفيت) في شباط/فبراير 2017 بأن نظراءهم الإسرائيليين أبلغوهم أن أصحاب الأراضي الذين يملكون أقل من 330 مترا مربعا من الأراضي غير مؤهلين للحصول على تصريح. لم يتم التبليغ عن اللوائح الجديدة رسميا ولكن ضمن محادثات بين الارتباط المدني الإسرائيلي ونظرائهم الفلسطينيين. وإذا ما طبقت بشكل صارم، فإن الأثر الكامل لهذا الإجراء على مجموعة حاملي التصاريح المقيدة أصلا لن تظهر إلا بشكل تدريجي مع انتهاء صلاحية التصاريح الموجودة بحوزتهم: ويقدر أن ما يقرب من 55 بالمائة من التصاريح الحالية ستنتهي في المحافظات الأربع الواقعة في شمال الضفة الغربية في غضون العام 2017. واحتجاجا على اللوائح الجديدة، ترفض مكاتب الارتباط المدني الفلسطينية قبول طلبات تصاريح جديدة أو تجديد تصاريح منتهية، وتقوم بتوجيههم إلى مكاتب الارتباط المدني الإسرائيلية، والذين يرفضون بدورهم قبول الطلبات.

إغلاق بوابة زراعية رئيسية في منطقة قلقيلية

Chart: Barrier gates by typeأما بالنسبة لأولئك الذين حصلوا على تصاريح، فإن الدخول إلى المنطقة الواقعة بين الجدار والخط الأخضر يتم من خلال بوابة مذكورة في التصريح. وخلال موسم قطف الزيتون في عام 2016، كان هناك 84 بوابة على طول الأجزاء المكتملة من الجدار، يفتح منها تسع بوابات فقط يوميا؛ و10 بوابات تفتح في بعض الأيام خلال الأسبوع وخلال موسم قطف الزيتون؛ و65 بوابة فقط تفتح خلال موسم قطف الزيتون ويحظر العبور من خلالها على مدار السنة. وقد أدى التخصيص المحدود للتصاريح، إلى جانب العدد المحدود ومواعيد فتح بوابات الجدار، إلى تقليص الأعمال الزراعية وتقويض سبل العيش الريفية بشكل حاد في جميع أنحاء الضفة الغربية.[4]

بالإضافة إلى ساعات العمل المقيدة أو غير المنتظمة، يمكن كذلك إغلاق البوابات إلى أجل غير مسمى. تم إغلاق بوابة بيت أمين (1447) في قلقيلية منذ كانون الثاني/يناير 2017، والتي كانت تفتح يومياً لخدمة ما بين 100 الى 200 مزارع. حيث يتم إعادة توجيه المزارعين إلى بوابة أخرى، وعادة ما تكون مخصصة لأغراض عسكرية، وهي على بعد 5,5 كم تقريبا، ويزيد ذلك بشكل كبير من طول الوقت الذي يحتاجه المزارعون للوصول إلى أراضيهم. 

حالة أحمد

أحمد (اسم مستعار)، مزارع من عزبة سلمان في منطقة قلقيلية، يبلغ من العمر 43 عاما، وهو أب لثلاثة أطفال. تم تدمير أكثر المساحات خصوبة من أرضه التي تبلغ مساحتها 200 دونم، أي تم تدمير ما يقرب من 40 دونم، خلال بناء الجدار في عام 2013، بما في ذلك أشجار الليمون والدفيئات الزراعية. وفي الفترة ما بين عامي 2003 و2010، مُنع مرارا وتكرارا من الحصول على تصريح لأسباب أمنية، رغم أنه لم يسبق له أن اعتقل إطلاقا. وبعد ذلك، تم منح تصريح للأراضي المسجلة ضمن أراضي والده لفترات تتراوح بين ستة أشهر وسنة واحدة. وفي عام 2015 اشترى قطعة أرض جديدة تضم 45 دونم خلف الجدار. وعلى الرغم من أن القطعة الجديدة مسجلة باسمه، فإنه غير قادر على التقدم بطلب للحصول على تصاريح لأفراد الأسرة أو العمال الإضافيين بسبب الوضع الحالي المتمثل بعدم التعاون في مكاتب الارتباط المدني الفلسطينية والإسرائيلية.

حالة باسم

باسم (اسم مستعار)، وهو مزارع من بيت أمين، يزرع 25 دونم من الزعتر، وهو عشب يستخدم على نطاق واسع في المطبخ الفلسطيني، وذلك في أرضه خلف الجدار. والمحصول هو المصدر الرئيسي للدخل، حيث يقطفه كل ثلاثة أشهر بقيمة 9,700 دولار أمريكي. وقد أجبر بسبب إغلاق بوابة بيت أمين على استئجار سيارة أجرة لنقله إلى البوابة العسكرية البديلة، ثم عليه السير لمسافة عدة كيلومترات على طول طريق دوريات الجدار للوصول إلى أرضه. يستطيع باسم الآن الوصول إلى أرضه بشكل أقل تكرارا وهو يقدر أنه خسر ما يقرب من نصف دخله منذ تطبيق ترتيبات جديدة على البوابة.

الرأي الاستشاري للمحكمة الدولية

وافقت حكومة إسرائيل في عام 2002 على بناء جدار بهدف معلن يتمثل في منع الهجمات العنيفة التي ينفذها الفلسطينيون في إسرائيل. لكن 85 بالمائة من مسار الجدار لا يتبع خط الهدنة المعترف به دولياً عام 1949 (الخط الأخضر)، وبدلا من ذلك فإنه ينحرف إلى داخل الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. وكان إدراج المستوطنات الإسرائيلية خلف الجدار، بحجة المخاوف الأمنية، أهم عامل وحيد وراء انحراف المسار عن الخط الأخضر.

أصدرت محكمة العدل الدولية في عام 2004 رأيا استشاريا حول الآثار القانونية لبناء جدار في الأرض الفلسطينية المحتلة. وأعلنت محكمة العدل الدولية أن أجزاء من مسار الجدار تسير داخل الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، إلى جانب نظام البوابات والتصاريح المرتبط بها، منتهكا بذلك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي. دعت محكمة العدل الدولية إسرائيل إلى وقف بناء الجدار "بما في ذلك في وحول القدس الشرقية" وحولها؛ وتفكيك الأجزاء التي تم الانتهاء من بنائها؛ و"إلغاء وإبطال القوانين واللوائح التشريعية المتعلقة به".[5]


[1] نشرت أحدث نسخة من الأوامر الدائمة، وهي الخامسة، في آذار/مارس 2017، باللغة العبرية فقط. 

[2] تم توسيع نطاق المنطقة المغلقة في كانون الثاني/يناير 2009 ليشمل جميع أو جزءا من المناطق الواقعة بين الجدار والخط الأخضر في محافظات سلفيت، ورام الله، وبيت لحم والخليل، بالإضافة إلى مناطق متعددة بين الجدار والحدود البلدية التي حددتها إسرائيل في القدس. ورفضت محكمة العدل العليا الإسرائيلية في نيسان/أبريل 2011 التماسا يعود إلى تاريخ تطبيق نظام التصاريح في عام 2003، والذي يشكل تحديا لشرعية نظام تصاريح الجدار بموجب القانون الدولي والمحلي.

[3] ترجمة غير رسمية من الأمر الدائم الخامس.

[4] تظهر البيانات التي جمعها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية على مدى السنوات الثلاث الماضية في شمال الضفة الغربية أن محصول أشجار الزيتون في المنطقة الواقعة بين الجدار والخط الأخضر قد انخفض بنسبة 65 بالمائة تقريبا مقارنة بالأشجار المكافئة في المناطق التي يمكن الوصول إليها على مدار السنة.

[5] محكمة العدل الدولية، الآثار القانونية الناشئة عن بناء جدار في الأرض الفلسطينية المحتلة، رأي استشاري في 9 تموز/يوليو 2004، فقرة 141 - يمكن الاطلاع على النص الكامل لرأي محكمة العدل الدولية على الرابط التالي