ملاحظات منسقة الشؤون الإنسانية للدول الأعضاء حول الوضع الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة

ملاحظات لين هاستينغز، نائبة المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط ومنسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة

نيويورك، 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 (كما تم إلقاؤها)

أصحاب السعادة، ليس في وسعي إلا أن أشاطركم الجزع الذي أبداه وكيل الأمين العام [للشؤون الإنسانية مارتين] غريفيث إزاء هذه المأساة الإنسانية التي تتكشف فصولها. 

إن الوضع سيزداد سوءًا دون وقف الأعمال القتالية في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة. 

وحسبما ذكره مارتين، لا يزال 240 رهينة محتجزين. وأكرر بأنه يجب إطلاق سراحهم فورًا ودون شروط. ونحن نرحب بجميع المساعي الدبلوماسية التي ترمي إلى تأمين الإفراج عنهم ونطالب بأن يلقوا معاملة إنسانية في هذه الأثناء والسماح لهم بتلقي الزيارات من اللجنة الدولية للصليب الأحمر. 

إن الأثر الإنساني في غزة كارثي، وهو لا يزال يتعمق مع اشتداد الغارات الجوية الإسرائيلية. فوفقًا لوزارة الصحة في غزة، قُتل ما يقرب من 9,000 شخص وأصيب أكثر من 22,000 آخرين حتى الآن. ويقدَّر بأن ما يربو على ثلثي هؤلاء هم من الأطفال والنساء. 

ويبلغ عدد المهجرين في غزة الآن نحو 1.5 مليون مهجر، من بينهم أكثر من 690,000 مهجر يلتمسون المأوى في منشآت الأونروا [وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى]، وفي غيرها من الأماكن التي يأمل الناس في أن تكون آمنة، بما فيها المستشفيات والكنائس والمدارس. والواقع أنه ما من مكان آمن حقًا. فيوم أمس، 2 تشرين الثاني/نوفمبر، قُصفت أربعة مراكز إيواء تابعة للأونروا وتستضيف نحو 20,000 مهجر. ونتيجة لذلك، قُتل ما لا يقل عن 23 شخصًا وأصيب العشرات. ومنذ نشوب الأعمال القتالية، لحقت الأضرار بنحو 50 منشأة من منشآت الأونروا وقُتل ما لا يقل عن 72 موظفًا من موظفيها، حسبما ذكره مارتين. 

ولليوم الثاني والعشرين على التوالي، لا تزال غزة تشهد انقطاعًا كاملًا للكهرباء بعدما قطعت إسرائيل إمدادات الكهرباء والوقود عنها. وفي هذه الأثناء، باتت المولدات الاحتياطيات التي لا يستغني عنها عدد لا يحصى من الخدمات، وبما يشمل المستشفيات ومحطات تحلية المياه ومنشآت إنتاج المواد الغذائية التي تعتمد عليها للمحافظة على تشغيلها، يتوقف الواحد منها بعد الآخر عن العمل بسبب نفاذ الوقود. 

ويرزح النظام الصحي تحت وطأة تدفق أعداد كبيرة من الإصابات، وما يقترن بذلك من النقص الحاد في الإمدادات والطواقم والكهرباء والمياه. ومنذ اندلاع الأعمال القتالية، أُغلق ما نسبته 40 بالمائة من المستشفيات في غزة – أي 14 من أصل 35 مستشفى، وهو ما أعتقد أن مارتين جاء على ذكره – ونحو 71 بالمائة من عيادات الرعاية الصحية الأولية – أي 51 من أصل 72 منشأة. 

ولا يعمل سوى خط واحد من خطوط إمدادات المياه الثلاثة من إسرائيل. ولا يزال عدد ليس بالقليل من الناس لا يحصلون إلا على المياه الجوفية القليلة الملوحة أو المالحة، إن تيسرت لهم أصلًا. 

وغدا الحصول على الغذاء مصدرًا يبعث على القلق المتزايد. ويواجه الناس الغارات الجوية عندما يصطفون أمام المخابز للحصول على الخبز. وقد أغلق عدد من هذه المخابز بسبب نقص الوقود. وتعطلت سلاسل تبريد السلع القابلة للتلف وطال الإغلاق التام المحلات التجارية ومنشآت تصنيع المواد الغذائية. 

لقد أمّن الاتفاق بشأن استخدام معبر رفح مع مصر لنقل الإمدادات الإنسانية الأساسية قدرًا ضئيلًا من الغوث للناس الذين يعيشون في هذه الظروف المروعة. 

وبينما نرحب بهذا التطور المهم، فليس في وسع هذه الإمدادات، التي جاءت نتيجة لمفاوضات مكثفة، أن تغطي الزيادة الحادة التي شهدتها الاحتياجات الإنسانية. والأهم من ذلك أن هذه الإمدادات الأخيرة لا تشمل الوقود – الوقود الذي لا غنى عنه كما قلت لتشغيل الخدمات التي يحتاج الناس إليها للبقاء على قيد الحياة. 

ويجب أن أؤكد أن المساعدات الإنسانية لا تكفي لإعالة سكان تعدادهم 2.2 مليون نسمة. 

ولكي يتمكن المدنيون في شتى أرجاء غزة من الحصول على ما يكفيهم من الغذاء والمياه والرعاية الطبية وغيرها من اللوازم الأساسية، ينبغي أن نملك القدرة على توسيع نطاق الإمدادات من جميع هذه السلع، ويجب أن نكون قادرين على تجديد إمدادات الوقود. 

ونحن نتعهد بالاضطلاع بدورنا في ضمان زيادة هذه الإمدادات واستمرارها. ولكن المجتمع الإنساني لا يعمل بمفرده في أي أزمة من الأزمات. فالقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية يجب تأمين الحماية لها. ومن الأهمية كذلك فتح المعابر لهذه الغايات. 

ومن الواجب أيضًا أن تحترم الأطراف التزاماتها بموجب القانون الدولي، وتقضي مسؤوليتنا الجماعية بأن نستخدم كل نفوذنا للتأكد من أنها تفعل ذلك. ينبغي أن يسود العقل والإنسانية والقانون الدولي. فوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية سوف يخفف من المعاناة الإنسانية الهائلة ويجعل وصول المساعدات الإنسانية أيسر وأكثر أمانًا. 

في الأسبوع المقبل، سوف يصدر الفريق القطري الإنساني النداء العاجل المحدَّث للأرض الفلسطينية المحتلة. وتقدَّر التكاليف التي يستتبعها الوفاء باحتياجات سكان غزة عن بكرة أبيهم و500,000 شخص في الضفة الغربية حتى نهاية هذا العام بمبلغ يصل إلى 1.2 مليار دولار. 

إن قدرتنا على تنفيذ ولو جزء من هذه الخطة تعتمد بالطبع على العديد من الأمور: التمويل، وقدرتنا على توسيع نطاق عملنا، وآليات التحقق الفعالة التي تضع المسائل الأمنية في الاعتبار، وإمكانية الحصول على ما يكفي من إمدادات الوقود، واستخدام معابر أخرى وتمكين الشركاء في مجال العمل الإنساني من الوصول الآمن والدائم إلى جميع الناس المحتاجين. 

وأود أن أختم بالتكرار مرة أخرى والتعبير عن فائق إعجابي بشجاعة أولئك الذين يقدمون الخدمات المنقذة للحياة والخدمات الإنسانية والتزامهم الاستثنائي. وبالطبع، فإنني أحيّي مرة أخرى أكثر من 70 من زملائنا في الأونروا ممن لقوا حتفهم بطريقة مفجعة. 

وأريد أن أؤكد أن هذا يشمل موظفي الأونروا، الذين بات العديد منهم مهجّرين ويواصلون تقديم الدعم للفئات الأكثر ضعفًا على الرغم من أن الوكالة لا تزال تعاني من عجز مالي كبير للغاية، وهو ما يعني أن الغموض لا يزال يكتنف رواتب معظم هؤلاء الموظفين، أو ربما كل هؤلاء الموظفين. وهذا في الوقت الذي نتوقع فيه من الأونروا وموظفيها أن يحملوا عبء هذه الأزمة بكامله تقريبًا على كاهلهم. 

شكرًا لكم.