تحديات ناتجة عن التهجير طويل المدى: حلول مأوى مؤقتة للنازحين في بيت حانون

بيت حانون، هي تجمّع فلسطيني يقع في شمال قطاع غزة، على مقربة من المنطقة المقيد الوصول إليها على طول السياج الحدودي مع إسرائيل (انظر الإطار الخاص بالمناطق المقيد الوصول إليها أدناه). لحقت ببيت حانون أضرار جسيمة خلال الأعمال القتالية في غزة في تموز/يوليو وآب/أغسطس . وتم تهجير ما يقرب من 3,600 أسرة نتيجة الأضرار أو التدمير الكامل لمنازلهم (1,466 منزلاً مدمراً و995 منزلاً أُصيب بأضرار بالغة)، أي ما يقرب من نصف سكان بيت حانون البالغ عددهم 50,000 نسمة. وجميع سكان بيت حانون لاجئون فلسطينيون.[i]

منذ وقف إطلاق النار في آب/أغسطس 2014، استقر النازحون في بيت حانون في الوحدات السكنية الجاهزة في موقعين مؤقتين للمهجرين: 89 أسرة في أرض تملكها البلدية و80 وحدة سكنية جاهزة أقيمت في محيط المنازل المدمرة. وآخرون تم إسكانهم مع عائلات مضيفة أو في مراكز الأونروا الجماعية. وبحلول منتصف حزيران/يونيو، أغلقت الوكالة الملجأ الأخير، بعد أن وجدت كل الأسر هناك، بمساعدة الوكالة أماكن إقامة بديلة، مما سمح للمباني المتضررة بأن تعاد إلى استخداماتها الأصلية، في المقام الأول كمدارس. وفي التقييمات التي قامت بها وزارة الأشغال العامة والإسكان، أشار النازحون إلى تفضيلهم للبقاء على مقربة من منازلهم التي تضررت أو دمرت حتى يكونوا قريبين من الأقارب، ومدارس الأطفال وغيرها من الخدمات المقدمة لتجمّعهم المحلي. ويفضل النازحون أيضاً البقاء على مقربة من منزلهم ليستفيدوا من أي مساعدة ممكنة يتم تقديمها.

أنشئت لجنة للنازحين في بلدة بيت حانون في أعقاب الأعمال القتالية في الصيف على يد النازحين الذين يعتبرون من سكان بيت حانون، والممثلون المحليون ، بمن فيهم العاملون في البلدية وأعضاء منظمات التجمّع المحلي. تراقب اللجنة أوضاع النازحين وتشارك أيضا في التنسيق في حالات الطوارئ، بما في ذلك تنظيم المتطوعين للمساعدة في إجلاء السكان إلى أماكن آمنة، كما ظهر خلال العاصفة الشتوية.

تحديات تواجه تقديم الخدمات

تقدم بلدية بيت حانون بعض الخدمات الأساسية للنازحين ، بما في ذلك المياه والصرف الصحي وإدارة النفايات الصلبة. وتصدر البلدية أيضا رخص البناء وشهادات الأضرار على أساس تقييمات الأضرار الأولية. وكما هو الحال مع غيرهم من النازحين في جميع أنحاء غزة، يقدم عدد من الجهات الفاعلة الخدمات في بيت حانون بما في ذلك الأونروا وبرنامج الأغذية العالمي، ووكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية. وتشمل المساعدات الطرود الغذائية، ومواد غير غذائية ومساعدات نقدية لترميم المنازل. وقدمت بعض الجهات الفاعلة أيضا المال لفرص العمل، وإن كان ذلك لعدد محدود من الناس. ووفقاً للبلدية، تلقى حوالي 95 بالمائة من سكان بيت حانون النازحين إعانة للاستئجار من الأونروا بعد نحو أربعة أشهر من انتهاء الأعمال القتالية لمدة تصل إلى أربعة أشهر. وحتى الآن، لم يتلق غالبية النازحين أي دفعات أخرى على الرغم من احتياجاتهم المتزايدة.

إحدى التحديات الأكبر التي تواجه النازحين هي محدودية المساكن المستأجرة، إلى جانب نقص الموارد اللازمة لدفع رسوم الإيجار نتيجة الانهيار الاقتصادي، والبطالة والحروب المتكررة. قادت الأونروا مشروعاً لاستكمال المباني الجاهزة جزئيا في 10 وحدات سكنية في بيت حانون للأسر النازحة من خلال منح المالكين دفعات تعادل سنتين من إعانة الاستئجار لإتمام بناء الوحدة السكنية.

ووفقا للبلدية، هناك تحديات أخرى تواجه النازحين ، بما في ذلك دفع الرسوم اللازمة لاستبدال وثائق ملكية الأراضي ورسوم الخدمات البلدية. وفضلاً عن ذلك، يواصل النازحون مواجهة مجموعة من التهديدات المتعلقة بالحماية، بما في ذلك الذخائر التي لم تنفجر وسط أنقاض المنازل المتضررة والمدمرة. وبتمويل من الولايات المتحدة، أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مشروعاً أزال حتى الآن حوالي 30 بالمائة من الكمية الهائلة من الأنقاض المتراكمة نتيجة للدمار الواسع النطاق في بيت حانون، رغم أن بعض النازحين أزالوا الأنقاض بأنفسهم بسبب التقدم البطيء في إزالة الأنقاض.

المهجرون في وحدات سكنية جاهزة يعانون في حرارة الصيف

يؤدي ارتفاع درجات حرارة الصيف إلى تفاقم الوضع الخطير أصلا للنازحين في غزة. واستجابة لذلك، قام مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بتنسيق تقييم أولي متعدد القطاعات مع الشركاء في المجموعات في جميع أنحاء قطاع غزة خلال أيار/مايو لتقييم أوضاع النازحين في الوحدات السكنية الجاهزة في مواقع التهجير المؤقتة. وتشمل الاحتياجات الرئيسية التي تم تحديدها توفير ظل في هذه المواقع؛ وعزل المباني/والمنازل المتنقلة المؤقتة؛ وإمدادات أكثر استقرارا للكهرباء؛ والوصول المناسب لمياه الشرب، وتخزين المياه البديلة أو مرافق ضخمة لتخزين المياه؛ وثلاجات؛ وتبريد مساحات في المجتمع، بما في ذلك توفير مساحات يمكن فيها ضمان خصوصية النساء ويمكن للأطفال أن يدرسوا ويلعبوا فيها. وفي مواقع التهجير المؤقتة في بيت حانون، تم إدراج انعدام الخصوصية بين الوحدات السكنية، ومحدودية توفر مياه الشرب وارتفاع حرارة الصيف كتحديات رئيسية. وتطور المجموعات مجموعة من خطط الاستجابة المحددة وفقا للمجموعة لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحا التي تم تحديدها خلال التقييم لتنفيذها في الأسابيع القادمة.

 

استمرار الفجوات في المعلومات

لا يزال مقدمو الخدمات والبلدية يكافحون من أجل تحديد احتياجات النازحين بهدف تحسين تقديم الخدمات. ويشكل انعدام المعلومات المتعلقة بالموقع الدقيق للنازحين وأوضاعهم على مستوى الأسرة تحدياً مستمراً. وانعدام المعلومات عن الفئات الضعيفة يضر أيضا بقدرة المنظمات الإنسانية المستجيبة على تلبية احتياجات هؤلاء الأفراد. واستجابة لذلك، سيتم إطلاق مبادرة متعددة القطاعات (المجموعات، والوكالات، والسلطات، والبلديات والنازحون أنفسهم) لتحديد حالة الضعف للنازحين ، بتنسيق من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، بعد شهر رمضان لتتبع النازحين من ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل أفضل وجمع تفاصيل عن الموقع والاحتياجات والمخاوف.

الاستجابة لاحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة في غزة

الأشخاص ذوو الإعاقة – يقدر أنهم يشكلون 2,4 بالمائة من السكان - هم إحدى المجموعات الأكثر ضعفاً في أوقات الأزمات من حيث القدرة على الوصول إلى خدمات الطوارئ. وفي أعقاب الأعمال القتالية في صيف 2014، أطلقت المنظمة الدولية للمعوقين بالشراكة مع أربعة من مقدمي الخدمة للمعاقين،[ii] مشروعاً للاستجابة في حالات الطوارئ لتلبية الحاجات الملحة للمعوقين. و تم تنفيذ هذا المشروع في الفترة من آب/أغسطس 2014 حتى نهاية شباط/فبراير 2015.

استفاد ما مجموعه 6,475 شخصاً ضعيفا من المشروع: 4,385 شخصاً معوقاً (1,986 من الإناث و2,399 من الذكور) و2,090 مصاباً (المعاقون: 679 من الإناث و 1,411 من الذكور). وحوالي 78 بالمائة من المعوقين المهجرين يفقترون للقدرة على االوصول إلى الحاجات الأساسية كما ذكر خلال فترة الطوارئ وما بعد الطوارئ، في حين ذكر أن 48 بالمائة منهم يفتقرون للقدرة على الوصول إلى الخدمات المتخصصة التي يحتاجونها.

كجزء من هذا المشروع، تبرعت المنظمة الدولية للمعاقين بـ 648 جهازاً للمساعدة على الحركة، ومواد غير غذائية ومواد علاجية للمستشفيات خلال الأعمال القتالية لتوزيعها على المعاقين. وبعد وقف إطلاق النار مباشرة، دعمت المنظمة شركائها في المحافظات الخمس من أجل توفير خدمات التأهيل متعددة الاختصاصات، بما في ذلك العلاج الطبيعي، والعلاج الوظيفي، والدعم النفسي الاجتماعي، والتمريض وتضميد الجروح، والإحالة إلى خدمات أخرى، بالإضافة إلى توزيع الأجهزة المساعدة والمواد غير الغذائية. وتم توزيع ما مجموعه 27,696 دورة تأهيل متعددة الاختصاصات ، و 2,578 جهازاً مساعداً على الحركة و3,975 من المواد غير الغذائية للأشخاص الأكثر ضعفا المتضررين من الأزمة. وتم تقديم الدعم الفني والتدريب لفرق التوعية الشريكة لضمان جودة خدمات إعادة التأهيل لدعم المعاقين و ذوي العاهات. ويتوقع أن يعاني 148 شخصاً من بين 2,090 شخصاً ذوي عاهات (سبعة بالمائة) من إعاقة دائمة بسبب إعاقة جسدية وسيكون لدى 137 شخصاً أخرين (6,5 بالمائة) سيكون لديهم إعاقة دائمة بسبب عاهة حسية. [iii]

مهجرون ومعاقون

"كل ما أحتاجه هو كرسيّي الكهربائي حتى أستطيع التحرك من جديد كما اعتدت قبل الحرب".

أبو محمد، 53 عاماً، لاجيء مسجل وأب لتسعة أبناء، أصبح لاجئاً تازحاً عندما تم تدمير منزل أسرته في بيت حانون خلال الأعمال القتالية في تموز/يوليو وآب/أغسطس. وتفاقمت مشاكله كلاجئ لكونه معاق: ونصفه الأسفل مصاب بالشلل منذ أن كان في الثامنة من عمره ولا يستطيع المشي. دُمر كرسيه الكهربائي خلال الأعمال القتالية ويضطر أبناؤه الآن إلى حمله إلى كل مكان، وهو كرب أسرة، يواجه تحدياً صعباً في إعادة بناء أو تحسين ظروف مأوى أسرته حينما لا يستطيع الحركة.

ولدى سؤاله عن التحدي الأكبر الذي واجهه، قال أبو محمد: "كل ما أحتاجه هو كرسيّي الكهربائي حتى أستطيع التحرك من جديد كما اعتدت قبل الحرب".

خلال الأعمال القتالية في الصيف، بقيت الأسرة في مأوى تابع للأنروا في بيت حانون ومن ثم انتقلت إلى مأوى آخر في جباليا. وكان من الصعب جدا لأبي محمد البقاء في المأوى بسبب إعاقته. وتعاني زوجته أيضا من شلل في ذراعها اليسرى وجزء من ساقها. أصيب أحد أبنائهما في الرأس عندما تعرض المأوى في بيت حانون لنيران الجيش الإسرائيلي خلال الأعمال القتالية، مما أسفر عن مقتل عدة أفراد من العائلة الأكبر. الابن المصاب يحضر بانتظام إلى عيادة الأونروا لفحص ضغط دمه، وهو يعاني من صداع مستمر ونزيف متكرر في الأنف.

تضم الأسرة الممتدة 38 فرداً، جميعهم كانوا يعيشون في مبنى متعدد الطوابق دمر خلال العمليات القتالية. وعادوا الآن وأقاموا عدة مساكن مؤقتة في موقع منزلهم السابق. وأصوات إطلاق النار من منشأة تدريب عسكري إسرائيلية قريبة للغاية تخيف  الأطفال. إن الظروف المعيشية للأسرة قاسية والعديد من أبناء أبو محمد وأحفاده يعانون من طفح جلدي في جميع أنحاء أجسادهم، بينما الأطفال الصغار يبكون كثيرا. ابن واحد، 16 عاماً ، ينقب بين الأنقاض ليبيع الطوب والاسمنت لإعادة استخدامها. وهذا أمر خطير للغاية بسبب وجود ذخيرة لم تنفجر من مخلفات الحرب، ولكن موارد الأسرة شحيحة لدرجة أنهم يشعرون أنه ليس هناك بديل.

المياه شحيحة جداً، مما يحد بشكل كبير من قدرة الأسرة على الاغتسال بشكل منتظم. لقد تلقوا بعض المساعدات الغذائية وأبو محمد يتلقى إعانة متواضعة من وزارة الشؤون الاجتماعية كل ثلاثة أشهر بسبب إعاقته. كما تلقوا لمرة واحدة حصة للاستئجار وإعانة للأثاث من الأونروا. وفي أيار/مايو، تمكنت أسرة أبو محمد من الانتقال إلى منزل متنقل في موقع التهجير المؤقت في بيت حانون. وقد أحيلت حالة الأسرة مرة أخرى إلى الأونروا، ولمجموعة الصحة والمنظمة الدولية للمعاقين للمتابعة.


[i]  "اللاجئون الفلسطينيون" يتم تعريفهم بأنهم "أولئك الأشخاص الذين كان مكان إقامتهم الطبيعي في فلسطين خلال الفترة من 1 حزيران / يونيو 1946 حتى 15 أيار / مايو 1948، والذين فقدوا منزلهم وسبل معيشتهم على حد سواء نتيجة لحرب عام 1948".

[ii]  الشركاء هم: جمعية بيتنا للتنمية المجتمعية في شمال غزة؛ ومؤسسة فلسطين المستقبل للطفولة في مدينة غزة؛ والجمعية الوطنية للتأهيل في المنطقة الوسطى وخان يونس؛ وجمعية المعوقين جسديا في رفح.

[iii]  انظر المنظمة الدولية للمعاقين،تضميد شفاء الجروح، آذار / مارس 2015.