السماح لنحو 320,000 شخص من حملة هوية الضفة الغربية بالدخول إلى القدس الشرقية لأداء صلاة الجمعة في شهر رمضان

كما هو الحال في الأعوام المنصرمة، رصد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية والمنظمات الشريكة في مجال العمل الإنساني الحواجز التي تتحكّم في الوصول إلى القدس الشرقية والخليل خلال شهر رمضان المبارك (5 أيار/مايو-4 حزيران/يونيو 2019) لغايات تقييم تيسير إمكانية الوصول إليهما لأداء صلاة الجمعة، وتحديد المخاطر المحتملة التي تعتري الحماية وتدابير التخفيف الممكنة بالنسبة للجموع التي سعت إلى المرور عبر هذه الحواجز. ويولي هذا الرصد اهتمامًا خاصًا لأكثر الفئات ضعفًا من بين هؤلاء الذي يسعون إلى الوصول، ومن بينها الأطفال والحوامل وذوي الإعاقة والمسنّين، كما يسهم في رفد التحليل الذي يُجريه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لاتجاهات حرية الوصول على نطاق أعمّ. وفي أيام الجمعة الأربعة في شهر رمضان الذي حلّ هذا العام 2019، راقبت فرق الرصد، التي ضمت موظفين من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية وبرنامج المرافقة المسكوني في فلسطين وإسرائيل ومكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، حركة الوصول على نقاط الدخول المسموح بعبورها إلى القدس (وهي قلنديا، وجيلو/بيت لحم والزيتون) والوصول إلى البلدة القديمة في القدس. وفضلًا عن ذلك، تمركزت فرق الرصد على مدخل المسجد الإبراهيمي في المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في مدينة الخليل.

وباستثناء الرجال فوق سن 55 عامًا والنساء فوق سن 50 عامًا، يُشترط على حملة هوية الضفة الغربية الحصول على تصاريح للوصول إلى القدس الشرقية على مدار العام.[1] وخلال شهر رمضان، تطبّق السلطات الإسرائيلية تدابير خاصة تترك أثرًا إيجابيًا على حق الفلسطينيين في حرية التنقل وحرية العبادة والحياة الأسرية، وهي حقوق تفرض عليها القيود طوال الفترة المتبقية من العام. وفي العام 2019، ضخت السلطات الإسرائيلية استثمارات معتبرة (تُقدَّر بنحو 300 مليون شيكل) في البنية التحتية للحواجز، وشملت تدابير إضافية عُنيت بصفة خاصة بتيسير الوصول للفلسطينيين من سكان القدس الشرقية. وتضمنت هذه الإستثمارات زيادة المسالك المخصّصة للحالات الإنسانية على حاجزيْ قلنديا وجيلو لخدمة الفئات الأكثر ضعفًا، وتخصيص حافلات إضافية لنقل الركاب من الحاجزين إلى البلدة القديمة في القدس. وإلى جانب الأنظمة المطبّقة لإدارة حركة الوصول إلى القدس الشرقية خلال أيام الجمعة الأربعة من شهر رمضان للعام 2019، فقد مكّنت هذه التدابير النساء من جميع الأعمار، والرجال الذين تقلّ أعمارهم عن 16 عامًا وتزيد عن 40 عامًا، باجتياز الحواجز دون تصاريح. أما الرجال الذين تتراوح أعمارهم من 17 عامًا إلى 39 عامًا فكان يُشترط عليهم تقديم طلبات للحصول على تصاريح.

حاجز قلنديا، يوم الجمعة، 31 أيار/مايو  © - تصوير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية

كما تمكّن حملة هوية الضفة الغربية، خلال شهر رمضان، من تقديم الطلبات للحصول على تصاريح الزيارات العائلية للدخول إلى القدس الشرقية وإسرائيل على مدار أيام شهر رمضان وعطلة عيد الفطر، الذي يعقب انقضاء شهر رمضان، مع استثناء الدخول في أيام الجمعة والسبت. وفي شهر رمضان الذي حلّ في العام 2018، خُصِّصت تصاريح الزيارات العائلية لما مجموعه 100,000 شخص لشهر رمضان وعيد الفطر. أما في العام 2019، فقد وُزِّع 50,000 تصريح إضافي من هذه التصاريح على حملة هوية الضفة الغربية.[2] ووفقًا للمعلومات الواردة، لم تصدر تصاريح خاصة بشهر رمضان لسكان قطاع غزة خلال هذا العام.

وحسبما يتضح من الرسم البياني أدناه، فقد سُمح لما مجموعه 319,783 شخصًا من حملة هوية الضفة الغربية بالدخول إلى القدس الشرقية لأداء صلاة الجمعة، حيث دخلها أغلبية هؤلاء في يوم الجمعة الأخيرة وعبر حاجز قلنديا. ودخل عدد أقل من الأشخاص إلى القدس الشرقية في العام 2019 من أولئك الذين وصلوا إليها في شهر رمضان الذي حلّ في العام 2018، وذلك لأن رمضان هذا العام كان فيه أربعة أيام جمعة بدلًا من خمسة مثلما كان عليه الحال في العام الماضي، كما حلت ليلة القدر [3] في يوم الجمعة الرابع من الشهر.

وفي الإجمال، وبالمقارنة مع الأعوام السابقة، سجّل هذا العام عددًا أقل من الحوادث التي عطّلت الوصول وشهدت وقوع إصابات.[4] وأظهر الوصول إلى القدس في أيام الجمعة الأربعة من شهر رمضان للعام 2019 تحسّنًا عامًا في حركة الأشخاص الذين مرّوا عبر الحواجز الثلاثة. ويمكن عزو جانب كبير من الأسباب التي تقف وراء ذلك إلى بوابات المرور السريع التي ركّبتها السلطات الإسرائيلية على حاجزيْ قلنديا وجيلو للأشخاص الذين يحملون بطاقات الهوية الممغنطة في مطلع العام 2019.[5]

إحصائيات الوصول في شهر رمضان، 2008-2019

تشغيل المسالك المخصصة للحالات الإنسانية

ييسّر تخصيص مسالك للحالات الإنسانية على الحواجز وصول الأشخاص الضعفاء إلى حدّ كبير. وكما هو الحال في الأعوام الماضية، طبّقت السلطات الإسرائيلية ترتيبات خاصة لتسهيل مرور الأشخاص عبر الحواجز المحددة الثلاثة، بما فيها إنشاء مسالك منفصلة للرجال والنساء ومسالك مخصّصة للحالات الإنسانية. كما ركّبت السلطات الإسرائيلية مراحيض عامة وظلّلت المناطق التي ينتظر فيها الأشخاص المرور عبر الحواجز. وإضافة إلى ذلك، إنتشر المسعفون المتطوعون على هذه الحواجز، وجرى تأمين الكراسي المتحركة على حاجزيْ قلنديا وجيلو، حيث كان المتطوعون على أهبة الإستعداد لتقديم المساعدة للأشخاص الضعفاء.

وعلى الرغم من هذه التطورات الإيجابية، لم تزل الرحلة من بقية أنحاء الضفة الغربية إلى القدس الشرقية تنطوي على صعوبات خاصة بالنسبة للفئات الضعيفة، كالأطفال والحوامل والمسنين والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو إعاقات. ومن جملة هذه الصعوبات غياب معايير واضحة بشأن أهلية استخدام المسالك المخصصة للحالات الإنسانية، وعدم وجود لافتات واضحة تشير إلى وجود هذه المسالك، ومسافات المشي الطويلة التي تؤدي إلى الحواجز وبين هذه الحواجز والحافلات. وكان أولئك الذين سُمح لهم باستخدام المسالك المخصصة للحالات الإنسانية أساسًا من الرجال والنساء الذين يستخدمون الكراسي المتحركة، ويرافقهم مسعفون متطوعون. في يوميْ الجمعة الثانية والثالثة على حاجز قلنديا، جرى توسيع نطاق استخدام المسالك المذكورة ليشمل الرجال الذين تزيد أعمارهم عن 55 عامًا. ومع ذلك، فقد تبيّن أن فئات محددة من الأشخاص الضعفاء، كالحوامل والأشخاص الذين يرافقون أطفالًا رضّعًا والمسنين والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، لم يتمكنوا بصفة عامة من استخدام المسالك المخصصة للحالات الإنسانية، وهو مجال يمكن تحسينه في المستقبل.

لافتة تشير إلى مسلك مخصص للحالات الإنسانية على حاجز قلنديا، يوم الجمعة، 24 أيار/مايو  © - تصوير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية

إستمرار التحديات التي تعرقل الوصول

على الرغم من أنظمة الوصول إلى أتاحت للرجال الذين تزيد أعمارهم عن 40 عامًا عبور الحواجز والدخول إلى القدس الشرقية دون تصاريح في أيام الجمعة من شهر رمضان، أفادت التقارير بأن عدة مئات من هذه الفئة (من المسنين والرجال الذين يرافقون أطفالًا) مُنعوا من الوصول إلى القدس الشرقية. وقد تجلّى هذا المنع على وجه الخصوص على حاجزيْ قلنديا وجيلو في أيام الجمعة الثلاثة الأخيرة من شهر رمضان. وبينما لم يقدَّم أي سبب محدد لتفسير منع الوصول، فهو يُفهم على أنه مرتبط بالمخاوف الأمنية.

وضع القدس الشرقية

لا تعترف أسرة المجتمع الدولي بضم القدس الشرقية من جانب واحد إلى إقليم إسرائيل عقب حرب العام 1967. وقرّرت الأمم المتحدة أنها "لــن تعتــرف بــأي تغــييرات في خطــوط الرابــع مــن حزيـــران/يونيه 1967، بما في ذلك مـا يتعلـق بالقـدس، سـوى التغـييرات الـتي يتفـق عليهـا الطرفـان مـن خلال المفاوضات.[6] ومنذ مطلع العقد الأخير من القرن الماضي، لا تزال إسرائيل تفرض إغلاقًا على القدس الشرقية، بحجة المخاوف الأمنية، مما يحد بشدّة من قدرة معظم الفلسطينيين على الوصول إليها ويجبر الفلسطينيين من سكان المناطق الأخرى في الضفة الغربية على استصدار تصاريح المرور لكي يسمح لهم ببلوغها.

الوصول إلى المسجد الإبراهيمي في الخليل خلال شهر رمضان

اتّسم التنقّل والوصول إلى المسجد الإبراهيمي بطابع ثابت عمومًا على مدى أيام الجمعة الأربعة من شهر رمضان، وشهد تحسّنًا بالمقارنة مع الأعوام الماضية. وعلى الرغم من تسجيل رقم قياسي بلغ 18,000 شخص خلال الجمعة الأولى، فقد شهدت الجمعتان الثانية والثالثة من الشهر انخفاضًا مطّردًا، يمكن عزوه إلى عدد من العوامل، منها القيود الأمنية وموجة الحر. وقد تيسّر الوصول إلى المسجد بقسميه بناءً على الاتفاق المفصّل في بروتوكول الخليل الموقّع في العام 1997. وشملت الترتيبات الخاصة تخصيص نقاط منفصلة لدخول الرجال والنساء. وسُمح لسيارات الإسعاف وطواقم الطوارئ التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بالوصول إلى مدخل المسجد. ومن البوادر الإيجابية التي لوحظت في كل يوم من أيام الجمعة الأربعة التراجع الذي طرأ على عمليات التدقيق والتفتيش الجسدي على الحاجز المؤدي إلى المسجد وتسهيل الوصول إليه بصفة عامة.

قصة شخصية: "الصلاة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان تحتلّ أهمية قصوى بالنسبة لنا."

© - تصوير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسان
محمود حسن الشيخ علي، الذي يبلغ من العمر 55 عامًا، لاجئ من مخيم طولكرم للاجئين شمال الضفة الغربية. وقد حضر للصلاة في المسجد الأقصى مع زوجته خيرية حسن، 54 عامًا، في يوم الجمعة، 24 أيار/مايو. وهذه هي المرة الثالثة التي نجحا فيها في الوصول إلى القدس خلال هذا العام عبر حاجز قلنديا.

ويقول محمود: "لم أدخل القدس لأداء صلاة الجمعة في رمضان لنحو عشر سنوات. أعاني من مرض  مزمن في الرئة، وكانت الرحلة من طولكرم شاقة للغاية. ولم يكن السفر بالمواصلات العامة خيارًا متاحًا أمامي لأنني أعاني من مشكلة في التنفس. وفي هذا العام، اشتريتُ سيارة صغيرة، أركنها في أقرب موقف ممكن على جانب الضفة الغربية من حاجز قلنديا."

ويحتاج الرجال تحت سن 55 عامًا إلى تصريح للمرور إلى القدس في العادة، ولكن السلطات الإسرائيلية تسمح للرجال فوق سن 40 عامًا بالعبور لأداء صلاة الجمعة في شهر رمضان. ويقول محمود: "لنا أقارب في القدس. وفي بعض الأحيان، كان هناك حفلات زفاف لم أتمكن من حضورها، حيث لم أبلغ الخامسة والخمسين من عمري إلا مؤخرًا. وعادةً ما تذهب زوجتي لزيارة أقاربنا، أو هم يزوروننا، ولكنني لم أكن أستطيع الدخول. ولذلك، لم أزُر القدس على مدى أعوام عديدة. والآن في رمضان، نستطيع كلانا أن نعبر، ونحن مسروران للغاية. الصلاة في المسجد الأقصى تحتلّ أهمية قصوى بالنسبة لنا لأنه المكان الأكثر قداسة، والصلاة الواحدة فيه في رمضان تعادل صلوات كثيرة. سوف نعبر الأسبوع القادم حيث يصادف يوم الجمعة ليلة القدر."

استهلّ محمود وخيرية رحلتهما من طولكرم في الساعة 9 صباحًا. "كان الوصول هذا الأسبوع أسهل عمومًا من الأسابيع الماضية ودخلنا بسرعة. وقد مررتُ عبر المسلك المخصص للحالات الإنسانية لأن عمري فوق 50 عامًا، وكان ذلك سهلًا للغاية. وكانت زوجتي تدخل في الأعوام الماضية لأن الدخول أسهل بكثير بالنسبة للنساء. ومع ذلك، فهذه ليست رحلة للمرضى وكبار السن. فهناك مسافات طويلة يجب اجتيازها سيرًا على الأقدام. وهذا صعب على الناس من كبار السن والضعفاء بصفة خاصة. المسلك المخصص للحالات الإنسانية جيد، ولكن يجب أن تكون الحافلات أقرب إلى الحاجز. ويجب تخصيص بعض الحافلات على الأقل للمسنين والضعفاء."

لمحمود وخيرية خمسة أبناء وبنت واحدة. ولكن توجُّه العائلة كلها لأداء الصلاة يبقى تحديًا. وابنتهما البالغة من العمر 33 عامًا متزوجة وتستطيع الدخول إلى القدس الشرقية كل يوم جمعة خلال شهر رمضان، بينما يحتاج أبناؤهما الخمسة إلى تصاريح. ويستطرد محمود قوله: "يبلغ أكبر أبنائي 32 عامًا من عمره ويحمل تصريح عمل، وأصغرهم عمره 17 عامًا ويحتاج إلى تصريح، في حين حصل أبنائي الثلاثة على تصاريح للزيارات العائلية خلال شهر رمضان وعيد الفطر، باستثناء أيام الجمعة والسبت. ولذلك، فهم لا يستطيعون الدخول لأداء الصلاة. أتمنى أن يتمكّن أبنائي من الحضور والصلاة معنا أيضًا."


[1] بدءًا من يوم 15 آذار/مارس 2015.

[2] وفقًا لمنسق أعمال الحكومة في المناطق، شملت هذه التدابير إصدار تصاريح للمقيمين في الدول العربية لزيارة أقاربهم في الضفة الغربية, وتصاريح السفر بالطائرات عبر مطار بن-غوريون لهؤلاء الزوار، وتمديد ساعات العبور على مختلف المعابر والبوابات. انظر هنا.

[3] تحلّ ليلة القدر في اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان، ويعُدّها المسلمون الليلة الأكثر قداسة في السنة.

[4] باستثناء يوم الجمعة الثالثة على حاجز قلنديا، حينما أُصيبَ 70 فلسطينيًا، من بينهم 45 امرأة و30 طفلًا، بجروح نتيجةً لاستنشاق كميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع. تقرير حماية المدنيّين، 21 أيار/مايو–3 حزيران/يونيو 2019.

[5] تصريح منسق أعمال الحكومة في المناطق، 21 شباط/فبراير، و11 نيسان/أبريل 2019.

[6] القرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن.