نظرة عامة: شباط/فبراير 2015

بعد مرور ستة أشهر على انتهاء الأعمال القتالية، إعادة بناء المنازل لم تبدأ بعد.

مددت إسرائيل، خلال شباط/فبراير، حجز عائدات الضرائب التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية للشهر الثالث على التوالي رداً على انضمام الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية. ويشكل الأثر االمزعزع للاستقرار المحتمل لهذا القرار مصدر قلق كبير، حيث تشكل هذه العائدات نحو 70 بالمائة من ميزانية السلطة الفلسطينية.

و اضطرت السلطة الفلسطينية، حتى الآن، إلى تعليق جزئي لدفع الرواتب لموظفي القطاع العام في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة ووقف الإنفاق على الخدمات، مع تقويض قدرتها على حفظ القانون والنظام. وكذلك، كان للتخفيضات في الرواتب والنفقات تأثير مباشر وغير مباشر على الاقتصاد الفلسطيني، والذي انكمش في عام 2014 لأول مرة منذ عام 2006، مما يهدد سبل عيش الفئات الأكثر ضعفاً بشكل أكبر.

في قطاع غزة، تفاقم الإحباط الناتج عن أزمة الرواتب بسبب عدم وجود أي تقدم ملموس في إعادة بناء المنازل التي دمرت أو تضررت بشدة خلال الأعمال القتالية في الصيف. لا يزال ما يقرب من 100,000 مهجر يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر إلى درجة كبيرة. على الرغم من أن ما يقرب من 58,000 أسرة قاموا بشراء مواد البناء المقيد دخولها من خلال آلية إعادة إعمار غزة المؤقتة، فإن جميع هذه الحالات تقريباً تشمل منازل تحتاج إلى ترميمات ولا تحتاج إلى إعادة بناء كامل. ولم يتم تنفيذ أي مشروع إعادة بناء للمنازل على الأرض حتى نهاية شباط/فبراير، ، ويرجع ذلك أساسا إلى بطء صرف المبالغ التي تعهد بها المانحون خلال مؤتمر القاهرة في تشرين الأول/أكتوبر عام 2014، وتفاقم الوضع بسبب التأخيرات في الموافقة على على المشاريع.

يبعث على القلق أيضاً نقص التمويل للبرامج الإنسانية.  وحتى نهاية شباط/فبراير،لم يتم تمويل سوى خُمس المناشدة الإنسانية لعام 2015، مع توجيه أكثر من 60 بالمائة من الأموال التي تم استلامها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وهذا النمط في التمويل  يولد تناقضات محتملة في حجم المساعدات المقدمة إلى اللاجئين مقابل المساعدات المقدمة لغير اللاجئين. والمساعدات الإنسانية، بما في ذلك المأوى الانتقالي لأولئك الذين هجروا أثناء الأعمال القتالية، عنصر استقرار مطلوب بشدة في غزة.

بالإضافة إلى ذلك، شهد شباط/ فبراير بدء أعمال البنية التحتية في أحد أقسام الجبل، في محيط القدس - وهو واحد من ثلاثة مواقع مخصصة "لإعادة توطين" البدو الفلسطينيين في وسط الضفة الغربية، والذي يمكن أن يستوعب ما يقرب من 50 عائلة. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة من أن خطة "إعادة التوطين" هذه، في حال تنفيذها، ستكون بمثابة نقل قسري بموجب القانون الدولي الإنساني الدولي.

وفي بادرة إيجابية، أعلنت إسرائيل سلسلة من الإجراءات الرامية إلى تخفيف القيود المفروضة على الوصول والخروج من غزة، بما في ذلك زيادة حصة تصاريح الخروج للتجار الفلسطينيين والموافقة، من حيث المبدأ، على نقل المنسوجات والأثاث إلى الضفة الغربية لأغراض تجارية. يأتي ذلك في أعقاب إجراءات مماثلة أعلنت في تشرين الأول/أكتوبر عام 2014. وفي حين أن هذه التسهيلات هي موضع ترحيب، يبقى خروج البضائع من غزة مقيداً بشكل كبير وغالبية الناس غير مؤهلين لتقديم طلبات للحصول على تصاريح سفر.

وبالنسبة لأولئك المؤهلين، من حيث المبدأ، للحصول على هذه التصاريح ، مثل المرضى الذين تم تحويلهم للعلاج خارج قطاع غزة، فإن الحصول على تصريح الخروج ليس مضموناً. في العامين الماضيين، ارتفع عدد المرضى المحولين إلى مستشفيات الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وخاصة بسبب الإغلاق المتكرر لحدود غزة مع مصر. ولكن، ارتفعت نسبة طلبات التصاريح المرفوضة أو المؤجلة أيضا إلى ما يقرب من 20 بالمائة من مجمل الطلبات حتى الآن في عام 2015.

صادف شباط/فبراير مرور ستة أشهر منذ نهاية تصعيد الأعمال القتالية الصيف الماضي. وأشار وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية في التقرير الموجز الذي قدمه لمجلس الأمن هذا الشهر إلى أنه، في غزة، فإن " الفشل في تصحيح قضايا الحكم والأمن المستمرة إلى جانب البطء في وتيرة إعادة الإعمار أوجد بيئة سامة بشكل متزايد". وفيما يتعلق باستمرار حجز العائدات الضريبية، أكد أن "إجراء إسرائيل هذا يشكل انتهاكا لالتزاماتها بموجب بروتوكول باريس المنبثق عن اتفاقيات أوسلو، ونحن، مرة أخرى، ندعو إلى الوقف الفوري لهذا القرار". وما لم يتم إحراز تقدم كبير نحو معالجة الأسباب الجذرية للصراع وإنهاء الاحتلال، يبقى خطر جولة جديدة من الأعمال القتالية ماثلا.