Operation theatre in Shifa hospital, October 2015. Photo by WHO
Operation theatre in Shifa hospital, October 2015. Photo by WHO

غزة بعد عامين – أثر الأعمال القتالية في عام 2014 على القطاع الصحي

أم وابنها في قسم العظام، مستشفى الشفاء، مدينة غزة، تشرين الأول/أكتوبر 2015. صورة بواسطة منظمة الصحة العالمية

حذرت وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمة الصحة العالمية، في أوائل تموز/يوليو 2014، من أن القطاع الصحي الذي يعاني في غزة على وشك الانهيار جراء النقص الخطير في الأدوية، والمستهلكات الطبية والوقود، وانعدام القدرة على توسيع الخدمات لتلبي احتياجات السكان. واجه القطاع الصحي، في الأيام والأسابيع التي أعقبت هذا التحذير، أكثر من 11,200 إصابة، بما في ذلك أكثر من 3,800 طفل، وهو أكبر عدد من الإصابات لمثل هذه الفترة من الوقت يواجهه هذا القطاع. وامتد هذا التحدي للنظام الصحي الذي نتج عن الأعمال القتالية في عام 2014 إلى الوقت الحاضر؛ وأصيب ما يقرب من 900 من أولئك المصابين بشكل من أشكال الإعاقة الدائمة، وهم يحتاجون إلى رعاية مستمرة، في الوقت الذي تضرر فيه جزء كبير من البنية التحتية الصحية.[1]

عج مستشفى الشفاء، المستشفى الرئيسي في غزة، بالآلاف من المدنيين الفلسطينيين الذين نقلوا إلى غرفة الطوارئ مع إصابات على مدى 51 يوماً، وكان الكثير منهم يعانوا من صدمة شديدة. وذكر الدكتور محمود مطر، جراح عظام، ويشغل أيضا منصب رئيس وحدة إعادة بناء الأطراف في الشفاء "لقد كانت تجربة صعبة لكل من الضحايا والأطقم الطبية على حد سواء، فقد شكَل عدد ونوع الإصابات تحدياً كبيراً. في البداية، كانت المسائل المتعلقة بإنقاذ الحياة، ثم العلاج لمنع الإعاقات". نتج عن ثلثي جميع إصابات العظام التي عولجت في الشفاء إعاقة تحتاج لإعادة التأهيل: بعض المرضى بترت أطرافهم العلوية أو فقدوا ساقا أو كلا الساقين.

وقال الدكتور مطر، "لا يزال بعض المرضى يعانون بعد سنتين من إصابتهم ويحتاجون إلى رعاية مستمرة. ولا يزال الكثير من المرضى الآخرين ينتظرون أطرافا صناعية. ولا تزال حالة الأطراف الصناعية في غزة غير مستقرة للغاية ". يحتاج غالبية المرضى إلى تحويل إلى خارج غزة، وخاصة أولئك الذين فقدوا الأطراف العلوية. ويمكن تحويل أولئك الذين يحتاجون إلى علاج مستمر ويزورون المستشفيات المحلية إلى وحدة الكسور المعقدة في مستشفى الشفاء، والتي عمرها ثمانية أشهر لرعاية وإجراءات أكثر تقدما. كانت التحويلات إلى الشفاء ضرورية بعد أن دمر مستشفى الوفاء، وهو مستشفى التأهيل الوحيد في غزة، بالكامل في غارة جوية عام 2014. وقدمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر دعما هاما متعدد الاختصاصات لرعاية وتأهيل مبتوري الأطراف من خلال مركز الأطراف الصناعية وشلل الأطفال بالتعاون مع بلدية غزة.

كذلك كان للصراع أثر كبير على الحالة العقلية للسكان. تقدر منظمة الصحة العالمية أن 20 بالمائة من السكان (360,000 شخص) في غزة عانوا من اضطرابات عقلية ويحتاجون إلى شكل ما من الدعم الصحي العقلي أو إلى تدخل نفسي اجتماعي.

إعادة بناء وإصلاح المرافق الصحية

دمر مستشفى واحد (الوفاء في مدينة غزة) وثلاثة عيادات للرعاية الصحية الأولية – عطا حبيب، وجحر الديك وخزاعة بالكامل خلال الأعمال القتالية، بينما لحقت أضرار بـ 18 مستشفى آخر و60 عيادة للرعاية الصحية الأولية بدرجات متفاوتة. وخضعت جميع هذه المرافق، حتى اليوم أو تخضع لعملية إصلاح/ إعادة البناء، باستثناء مستشفى الوفاء الذي يحتاج إلى تمويل كبير للشروع في إعادة البناء. ومع استمرار الحصار على غزة، لعبت آلية إعادة إعمار غزة المؤقتة دوراً حاسماً في تسهيل دخول مواد البناء اللازمة لإعادة تأهيل هذه المرافق.

تم تحديد عشرة عيادات للرعاية الصحية الأولية على أنها بحاجة إلى توسيع ومعدات إضافية لاستيعاب العدد المتزايد من المرضى واحتياجات ذات صلة (على سبيل المثال مختبر وخدمات العلاج الطبيعي)، ولكن تلقى، إلى اليوم، اثنتان فقط (مركزا السلام ودير البلح للرعاية الصحية الأولية) تمويلا من الجهات المانحة. وتواجه العيادات الثماني الباقية (مراكز عبسان، وعطاطرة، وهال الشوا، والشيخ رضوان، ورفح، والفلاح، وشوكة والزيتون للرعاية الصحية الأولية) فجوات هائلة في قدرتها على الاستجابة للاحتياجات الصحية القائمة في مناطق الخدمات الطبية الخاصة بها.

إطالة طابور الرعاية الصحية

قاعة عمليات في مستشفى الشفاء، تشرين الأول/أكتوبر 2015. صورة بواسطة منظمة الصحة العالمية.

كان لدى مستشفى الشفاء 3,839 مريضاً مسجلاً ينتظرون أن تجرى لهم عمليات جراحية مقررة بحلول حزيران/يونيو 2016: 60 بالمائة منها صنفت كجراحات كبيرة لفترة طويلة، و35 بالمائة متوسطة، و5 بالمائة كجراحات ثانوية. وتقررت مواعيد الجراحة لفترات تمتد حتى عام 2018.

دفعت قوائم الانتظار الطويلة الكثير إلى الإحباط، وأحيانا مع آلام غير ضرورية ومواجهة مخاطر صحية مرتبطة بالرعاية المؤجلة. على سبيل المثال، عملية لامرأة تضخمت غدتها الدرقية بورم حميد تقررت مؤخرا بعد وقت يمتد لسنة واحدة رغم أنها كانت في محنة وكلامها مضطرب. يلجأ بعض المرضى إلى طلب امتيازات من الموظفين الصحيين في تحديد المواعيد بناء على علاقاتهم الشخصية.

السبب الرئيسي في التراكم هو النقص في العاملين المهرة لفرق غرفة العمليات، وخاصة أطباء التخدير وممرضات الجراحة والفنيين. وهذا الوضع ناتج جزئيا عن الحصار، الذي يحد من فرص التدريب في الخارج، وكذلك عن الانقسام الفلسطيني الداخلي، الذي ترك موظفي القطاع العام، بما في ذلك العاملين في مجال الصحة، الذين عينتهم السلطات القائمة بحكم الأمر الواقع، دون رواتب منتظمة.

يوجد في مستشفى الشفاء 14 غرفة عمليات، لكن يتم حاليا استخدام عشر غرف منها (خمس غرف لإجراء جراحات عامة، وواحدة لجراحة القلب، واثنتان لحالات الطوارئ واثنتان للإجراءات اليومية). اضطرت وزارة الصحة لتقليص خدمات جراحة القلب المفتوح بعد أن غادر أحد اثنين من جراحيها المتخصصين غزة. وأغلقت وحدة القلب في مستشفى غزة الأوروبي، مقلصة العبء الاعتيادي للوزارة من 500 مريض إلى 250 مريضاً فقط في مستشفى الشفاء، مع حاجة مرضى القلب الباقين الآن إلى التحويل إلى مرافق خارجية.

*هذا المقال مساهمة من منظمة الصحة العالمية

 

[1]  توفي 22 فلسطينيا آخر متأثرين بجراحهم بعد وقف إطلاق النار. قام مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بتوحيد أرقم الإصابات بالنيابة عن مجموعة الحماية واعتمدتها لجنة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة لعام 2014.