يجب إنهاء الحرب على غزة

بيان صادر عن مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ

(نيويورك، 5 كانون الثاني/يناير 2024) بعد ثلاثة أشهر من الهجمات المروعة التي شهدها يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، باتت غزة مكانًا للموت واليأس.

فقد قُتل عشرات الآلاف من الناس، معظمهم من النساء والأطفال، أو أصيبوا بجروح. وتنام الأُسر في العراء في ظل انخفاض درجات الحرارة. وتُقصف المناطق التي قيل للمدنيين أن ينتقلوا إليها من أجل سلامتهم. وتتعرض المنشآت الطبية لهجوم لا هوادة فيه. وترزح المستشفيات القليلة التي تزاول عملها جزئيًا تحت وطأة الإصابات، وتشهد نقصًا حادًا في جميع اللوازم وتغصّ بالناس اليائسين الذين يبحثون عن الأمان.

إن كارثة صحية عامة تتكشف فصولها. فالأمراض المعدية تنتشر في مراكز الإيواء المكتظة بسبب فيضان شبكات الصرف الصحي. ونحو 180 امرأة يضعن مواليدهن في كل يوم في خضمّ هذه الفوضى. ويواجه الناس أعلى المستويات التي تسجل على الإطلاق من انعدام الأمن الغذائي. والمجاعة باتت قاب قوسين أو أدنى.

وبالنسبة للأطفال على وجه الخصوص، فقد شكّلت الأسابيع الاثنتي عشرة الماضية صدمة لهم: فلا طعام، ولا مياه، ولا مدارس. لا شيء سوى أصوات الحرب المرعبة، يومًا بعد يوم.

لقد باتت غزة مكانًا لا يصلح للسكن ببساطة. فسكانها يشهدون تهديدات يومية تطال وجودهم في حد ذاته – والعالم يقف متفرجًا.

وتُرك مجتمع العمل الإنساني ليواجه المهمة المستحيلة التي تقتضي تقديم الدعم لما يزيد عن مليوني إنسان، على الرغم من تعرُّض العاملين فيه للقتل والتهجير، واستمرار انقطاع الاتصالات، وتدمير الطرق، وإطلاق النار على القوافل وانعدام الإمدادات التجارية التي لا يُستغنى عنها للبقاء على قيد الحياة انعدامًا تامًا تقريبًا.

وفي هذه الأثناء، تتواصل الهجمات الصاروخية على إسرائيل، ولا يزال أكثر من 120 شخصًا في عداد الأسرى في غزة، وبلغت حدة التوتر في الضفة الغربية درجة الغليان ويلوح شبح اتساع رقعة الحرب في الإقليم في الأفق على نحو خطير.

لم يكن الأمل أبعد منالًا قطّ.

لقد أظهرت غزة لنا أسوأ ما في الإنسانية، فضلًا عن لحظات من البطولة العظيمة.

ولقد رأينا كيف أن العنف لا يحل الخلافات، وإنما يؤجج المشاعر ويبني أجيالًا جديدة من الخطر وانعدام الأمن.

إننا نستمر في المطالبة بإنهاء الحرب على الفور، وليس ذلك لمصلحة الناس في غزة وجاراتها التي يطالها التهديد فحسب، بل من أجل الأجيال القادمة التي لن تنسى هذه الأيام التسعين من الجحيم والتعديات على أبسط المبادئ الإنسانية.

لقد آن الأوان لكي تفي الأطراف بجميع الالتزامات التي يمليها القانون الدولي عليها، بما يشمله ذلك من حماية المدنيين وتلبية احتياجاتهم الأساسية وإطلاق سراح جميع الرهائن على الفور.

لقد حان الوقت لكي يستخدم المجتمع الدولي كل ما لديه من نفوذ لتحقيق ذلك.

ما كان ينبغي لهذه الحرب أن تبدأ قط، ولقد طال كثيرًا انتظار الوقت الذي تبلغ فيه نهايتها.