سوف تخّلف الخطة الإسرائيلية التي تقضي بتكثيف العمليات العسكرية في مدينة غزة أثرًا إنسانيًا مروعًا على السكان الذين يعانون بالفعل من الإنهاك وسوء التغذية والفقدان والنزوح والحرمان من المقومات الأساسية للبقاء على قيد الحياة. فإجبار مئات الآلاف من الناس على الانتقال إلى الجنوب يُعدّ وصفة لكارثة إضافية وقد يرقى إلى مرتبة الترحيل القسري. إننا نؤكد من جديد التزامنا بخدمة الناس أينما كانوا، ولا نزال موجودين في مدينة غزة لتقديم الدعم المنقذ للحياة. ونذكّر أطراف النزاع بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي بحماية المدنيين، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني ممن لا يستطيعون الانتقال من المدينة أو يختارون ألا ينتقلوا منها، وضمان سلامة المنشآت الإنسانية والبنى التحتية المدنية الأخرى.
ويشكّل الإعلان الإسرائيلي عن السماح مجددًا بإدخال الخيام وغيرها من مواد المأوى إلى غزة تطورًا مرحبًا به، وشأنه في ذلك شأن الجهود المتواصلة الأخرى. ومع ذلك، مما يبعث على القلق البالغ أن هذا الإعلان يأتي في سياق هجوم وشيك. فمنذ مطلع شهر آذار/مارس، لم يُسمح بإدخال أي من مواد المأوى – بما فيها الخيام والشوادر والفرشات – في وقت شهد أكثر من 780,000 حالة جديدة من حالات النزوح. وطرأ تدهور على مراكز الإيواء القائمة أو تُركت بفعل أوامر النزوح المتكررة، مما يجعل الحاجة إلى توفير مراكز جديدة للإيواء أمراً بالغ الإلحاح.
ويخضع نحو 86 في المائة من مساحة قطاع غزة أصلًا لأوامر النزوح أو تقع ضمن مناطق خاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية. أما المناطق المتبقية – بما فيها جزء من مدينة غزة وأجزاء من الساحل الجنوبي – فهي مكتظة وغير مهيأة لتأمين مقومات بقاء الناس فيها على نطاق واسع. كما تعمل المستشفيات في جنوب القطاع بطاقة تفوق قدرتها بعدة مرات، ومن شأن استقبال المزيد من المرضى من الشمال أن يرتب عواقب تهدد الحياة.
سوف نستغل رفع الحظر عن مواد المأوى لإدخال الخيام ولوازم المأوى وغيرها من المواد غير الغذائية إلى شتّى أرجاء قطاع غزة، بما في ذلك عبر المعابر الشمالية وإلى مدينة غزة. وسوف يدخل العمل على توسيع نطاق إدخال هذه المواد حيز التنفيذ بالسرعة الممكنة وبالقدر الذي تسمح به معالجة القيود المنهجية – كالموافقات الجمركية التي تصدرها إسرائيل والوصول إلى المعابر وانعدام الأمن. ونؤكد ضرورة السماح لجميع النازحين بالعودة إلى ديارهم إذا رغبوا في ذلك. كما نكرر مناشدتنا العاجلة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن الذين يجب معاملتهم معاملة إنسانية في هذه الأثناء. ويجب إتاحة وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء غزة دون عقبات وتسهيل العمليات الإنسانية التي تستند إلى المبادئ بالكامل، بما يشمل توزيع المساعدات على مستوى المجتمع المحلي وإدخال الإمدادات على نطاق واسع عبر جميع المعابر والطرق البرية الممكنة. ويجب السماح للمنظمات الشريكة في المجال الإنساني – بما فيها وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية على السواء – بالعمل دون عوائق.
* يمثل الفريق القطري للعمل الإنساني منتدًى لاتخاذ القرارات الإستراتيجية، ويقوده منسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة. ويضم هذا الفريق رؤساء هيئات الأمم المتحدة وأكثر من 200 منظمة غير حكومية – دولية وفلسطينية – تعمل كلها في مجال الشؤون الإنسانية في الضفة الغربية وقطاع غزة بموجب المبادئ الإنسانية المتفق عليها دوليًا.