بيان صادر عن الفريق القُطري للعمل الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلّة بشأن غزة

القدس الشرقية ومدينة غزة، 28 مايو/أيار 2025

بعد مرور 600 يوم، لم تكن الحالة الإنسانية في غزة أسوأ مما هي عليه الآن. فمع اشتداد حدة القصف المميت والتهجير الجماعي المتواصلين بلا هوادة، تتعرض الأسر للتجويع والحرمان من المقومات الأساسية التي تيسر لها البقاء على قيد الحياة. وفي الوقت نفسه، تغيب الظروف التي تتيح لنا إيصال المساعدات بأمان وعلى نطاق واسع.

فعقب ما يقرب من 80 يومًا من الحصار المطبِق الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية على إدخال أي إمدادات، لم يدخل غزة سوى مقدار ضئيل للغاية من الإمدادات. ولكن ما دخل من كميات لا يرقى بحال من الأحوال إلى مستوى الاحتياجات الهائلة لدى الناس. فعلى مدى الأيام الماضية، قدّمنا طلبات لإدخال 900 شاحنة محمّلة بالسلع من أجل الحصول على موافقة إسرائيل عليها. وصدرت الموافقة على نحو 800 شاحنة، ولم يتسنَّ تفريغ سوى ما يزيد بقليل على 500 شاحنة على الجانب الإسرائيلي من معبر كرم أبو سالم. ولم نتمكن من استلام سوى 200 شاحنة على الجانب الفلسطيني من المعبر بسبب انعدام الأمن والقيود المفروضة على الوصول.

وبينما تسمح السلطات الإسرائيلية لنا بإدخال بعض الإمدادات الغذائية والطبية، إلى جانب الدقيق، فهي تحظر معظم المواد الأخرى، بما فيها الوقود وغاز الطهي ومواد المأوى ومستلزمات النظافة الصحية. كما فرضت السلطات الإسرائيلية الشرط الذي يقضي بأننا لا نستطيع إيصال الدقيق إلا إلى المخابز، وليس إلى الأسر مباشرة. وقد اضطر هذا الأمر الناس إلى مواجهة حشود كبيرة من أجل استلام الخبز من عدد محدود من المخابز يوميًا. وفي عطلة نهاية الأسبوع، أغلقت المخابز التي كانت تلقى الدعم بالإمدادات الإنسانية فيما مضى أبوابها بسبب تزايد انعدام الأمن بفعل الحشود الكبيرة التي ينتابها اليأس. ويجب توزيع الغذاء بأشكال متعددة وفي مواقع متعددة في جميع محافظات غزة. فهذه هي الطريقة الوحيدة لاستعادة النظام والحيلولة دون وقوع مجاعة جماعية.

تقع على عاتق إسرائيل التزامات واضحة بموجب القانون الدولي الإنساني. فعليها أن تعامل المدنيين معاملة إنسانية وتحترم كرامتهم الإنسانية الأصيلة. وعليها أن تيسر وصول المعونات التي تستدعيها الحاجة. كما يجب عليها أن تمتنع عن الترحيل القسري. ونحن في حاجة إلى تدفق المعونات التي يمكن التنبؤ بها وعلى نطاق واسع عبر معابر متعددة لكي نوصلها مباشرة إلى التجمعات السكانية، مثلما كنا نفعل في الماضي. ونحن في حاجة إلى الوصول دون عقبات. ونحتاج إلى تمكين جميع المنظمات الشريكة في مجال العمل الإنساني، بما فيها وكالة الأونروا، من تقديم الإمدادات والخدمات، وهي الأهم. فالإمدادات في حد ذاتها لا ترقى إلى مستوى الاستجابة الإنسانية الفعالة. ومن الأهمية بمكان ضمان تقديم الخدمات دون انقطاع في شتى أرجاء غزة.

قوّضت السلطات الإسرائيلية قدرة فرقنا على تقديم المساعدات الإنسانية الحقيقية التي تقوم على مبادئ ثابتة وتصل إلى الفئات الأكثر ضعفًا. فقد أُطلق نظام جديد يتسم بطابع عسكري لتوزيع المساعدات. وحسبما صرّحنا به، لا يتماشى هذا النظام مع المبادئ الإنسانية، إذ يعرّض حياة الناس للخطر، ولن يفي باحتياجات الناس، أو يصون كرامتهم، في مختلف أنحاء غزة.

إننا نواصل تقديم المساعدات حيثما أمكننا ذلك، ونعمل بصفنا مجتمعًا إنسانيًا موحدًا يضم وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية. ومبادئنا غير قابلة للتفاوض. ولن نشترك في أي مخطط يقوض الحياد أو النزاهة أو الاستقلال. فلا ينبغي أن تُستخدم المساعدات كما لو كانت سلاحًا. ونحن نكرر الدعوات التي أطلقها الأمين العام: وقف دائم لإطلاق النار، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن ووصول المساعدات الإنسانية بالكامل.

إننا جاهزون لإنقاذ حياة الناس. فدعونا نؤدي عملنا. فالفرصة المتاحة للحيلولة دون وقوع المجاعة تضيق بسرعة.

* يمثل الفريق القطري للعمل الإنساني منتدًى لاتخاذ القرارات الإستراتيجية، ويقوده منسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة. ويضم هذا الفريق رؤساء هيئات الأمم المتحدة وأكثر من 200 منظمة غير حكومية - دولية وفلسطينية - إذ تعمل كلها في مجال الشؤون الإنسانية في الضفة الغربية وقطاع غزة بموجب المبادئ الإنسانية المتفق عليها دوليًا.