التزام الصمت تواطؤ

لنقف سويًا رافعين الصوت ومطالبين بحماية فضاءات العمل الإنساني

بيان مشترك صادر عن المنسقين المقیمين للأمم المتحدة ومنسقي الشؤون الإنسانیة في الأرض الفلسطينية المحتلة وسورية واليمن ولبنان

 مرّ عامٌ كاملٌ على مطالبتنا في 19 آب/أغسطس 2024 أصحاب النفوذ وأطراف النزاع بوضع حدٍّ للاعتداءات على العاملين في المجال الإنساني وعلى العمليات الإغاثية في منطقة الشرق الأوسط. حيث طالبنا بإنهاء الهجمات وإطلاق سراح كافة المعتقلين تعسفيًا، وحماية فضاءات العمل الإنساني في هذه المنطقة. ولا تزال مطالبتنا قائمةً تمامًا، كما أنها لا تزال حتى الآن غير مجابة للأسف.  

يواجه المدنيون والعاملون الإنسانيون في المنطقة تبعات جسيمة نتيجة عقود من النزاعات والأزمات الممتدة. فيسقط منهم القتلى والجرحى، ويتعرضون للهجمات بوتيرة متزايدة وصادمة. باتت انتهاكات القانون الإنساني الدولي غير مسبوقة، وكذلك ممارسات الإفلات من المحاسبة والعقاب. 

لقد خذل العالم اليوم العاملين في المجال الإنساني كما المجتمعات المحلية التي يسعون لحمايتها وتلبية احتياجاتها في منطقتنا. فمنذ آب/أغسطس 2024، تعرّض ما لا يقلّ عن 446 من العاملين الإنسانيين للقتل أو الإصابة أو الخطف أو الاعتقال في الأرض الفلسطينية المحتلة واليمن وسورية ولبنان. بهذا يرتفع عدد الضحايا بين العاملين الإنسانيين منذ آب/أغسطس 2023 في هذه البلدان الأربعة إلى ما لا يقلّ عن 841 شخصاً، بين قتلى (584) وجرحى (215) ومعتقلين (38) ومختطفين (4). 

كما تجاوزت الاعتداءات على فضاءات العمل الإنساني الأنماط التقليدية، لتبلغ تهديد أُسس النظام العالمي ومبادئ القانون الإنساني الدولي ووجودنا الحضاري الجمعي، من خلال محاولات تفكيك بعض منظمات الأمم المتحدة أو فرض عقوبات عليها أو على زملائنا، ومن خلال قطع التمويل الإنساني عن مؤسساتٍ لطالما عملت على تعزيز أُسس الحماية الإنسانية والكرامة والعدالة. 

حتى أن مجرد الحديث عن الانتهاكات بات اليوم محفوفًا بالمخاطر والتهديدات والاستغلال السياسي، وباهظاً في بعض الأحيان، لتبلغ تكلفته انتهاك أمن وسلامة العمليات الإنسانية وقدرتنا على الوصول إلى المدنيين في أماكن النزاع.  

لقد عجزت العدالة اليوم في مواجهة الانتهاكات الجسيمة يرتكبها بعض الأطراف باستمرار، بما يشجع أطرافًا أخرى على ممارستها بسبب غياب الرادع. هذا المناخ من تطبيع الانتهاكات والتساهل بشأنها لا يمكن القبول به أخلاقيًا ولا تسويغه أو تبريره سياسيًا أو بأي شكل من الأشكال. لا يوجد أي استثناء في قواعد الحرب والقانون الإنساني الدولي. يجب على جميع الأطراف الإيفاء بالتزاماتهم كما تتوجب المحاسبة. 

إن حماية العاملين في المجال الإنساني هي في جوهرها حمايةٌ للمجتمعات التي نعمل فيها، وحمايةٌ للمدنيين وللإنسانية في كل مكان حول العالم. إنها حمايةٌ للنظام الدولي الذي نعيش فيه، والمبادئ التي تجمعنا وتحمي كرامتنا الإنسانية وحضاراتنا ووجودنا المشترك. 

ومهما تكالبت علينا التحديات والمخاطر، فإننا، كعاملون إنسانيون، لن نتوقف عن ممارسة مهمتنا وواجبنا. ونرجو ألا يخذلنا العالم في ذلك. 

في اليوم العالمي للعمل الإنساني، نجدّد مطالبتنا، بصوت أعلى وبحزم أكثر لا مجال للمساومة فيه: يجب احترام القانون الإنساني الدولي وشرعة حقوق الإنسان. ويجب توفير الحماية لمن يعملون على حماية الإنسانية، ووضع حدّ لممارسات الإفلات من العقاب. ونعتبر كل ما دون ذلك تواطؤًا. وسيشهد التاريخ. 

لنقف سويًا #من_أجل_الإنسانية. الآن وبلا تأخير. 

الموقعون

د. راميز ألاكبروف، المنسق المقیم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانیة في الأرض الفلسطينية المحتلة والقائم بأعمال المنسقة الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط

السيد آدم عبد المولى، المنسق المقیم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانیة في سوریة

السيد جوليان هارنس، المنسق المقیم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانیة في اليمن

السيد عمران ريزا، المنسق المقیم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانیة في لبنان