سكان راس التين المتبقون، وعددهم 89 شخصًا، يرحلون وسط تصاعد عنف المستوطنين

الصورة
عمار أبو عليا، أحد سكان راس التين وقد رحل مع أسرته خلال الأيام القليلة الماضية. والتُقطت هذه الصورة في المكان الذي يقيم فيه الآن مع أقاربه وهو يحرس قطيعه. تصوير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، 9 آب/أغسطس 2023​​​​​​

في 8 آب/أغسطس، فكّكت الأسر المتبقية في تجمع راس التين الرعوي الواقع في المنطقة (ج) وسط الضفة الغربية منازلها وممتلكاتها ورحلت عنه إلى أماكن أكثر أمنًا. وبلغ عدد سكان التجمع 89 شخصًا ينتمون لـ12 أسرة رحلت عنه خلال الأيام القليلة الماضية بسبب عنف المستوطنون الإسرائيليين وترويعهم وتقلص مساحة أراضي الرعي أساسًا. ومن بين هؤلاء 39 طفلًا.

وبات التجمع خاليًا.

وفي العام الماضي، رحل 100 فلسطيني عن راس التين لأسباب مشابهة. وكان التجمّع برمته يؤوي، عشية رحيل هؤلاء، 35 أسرة تضم 240 فردًا، من بينهم 150 طفلًا. وكانت منازلهم تتوزع على خمسة مواقع منفصلة عن بعضها بعضًا، ولكنها متجاورة.

ويرجع تهجير سكان هذا التجمّع الرعوي في شهر تموز/يوليو 2022 وآب/أغسطس 2023 أساسًا إلى تراكم عنف المستوطنين وعمليات الهدم والمضايقات وغيرها من التدابير القسرية. وتستأجر الأسر الآن منازل في القرى المجاورة التي يشعرون فيها بدرجة أكبر من الأمان. وتعين على بعض الأسر أن تنقسم لكي تتسنى لها المحافظة على سبل عيشها التقليدية، حيث يمكث بعض أفراد هذه الأسر في أماكن منفصلة لحراسة قطعانهم.

وعلى مدى السنوات، وثّق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالتفصيل الممارسات القسرية التي تفرز الضغط على الأشخاص لكي يرحلوا عن مناطق بعينها. ومن هذه الممارسات هدم المنازل أو المواد التي يستخدمها في تأمين سبل عيشهم أو مصادرتها، والاستخدام المفرط للقوة على يد الجيش الإسرائيلي، والتوسع الاستيطاني والاعتداءات الجسدية وأعمال التخريب. وقد أسفرت هذه الممارسات عن إصابات جسدية وضرر نفسي وفقدان سبل العيش. ونادرًا ما يخضع مرتكبو هذه الممارسات للمساءلة والمحاسبة.

الصورة
 سكان راس التين بعد مصادرة 49 مبنى على يد القوّات الإسرائيلية في التجمع في تموز/يوليو 2021.

وبُعيد هذه الحوادث، تُقيّم الجهات الفاعلة الإنسانية احتياجات الأسر المتضررة وتقدم المساعدات، بما فيها ما يساعد على بقاء سبل عيشها.

ومع ذلك، تُعد الحماية الحاجة الأكثر إلحاحًا لدى هؤلاء الناس. ولهذه الغاية، يدعو مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى وقف عمليات الهدم والمصادرة، واعتماد نظام عادل للتخطيط والتنظيم لصالح التجمعات الفلسطينية وإخضاع المستوطنين العنيفين وأفراد القوّات الإسرائيلية الذين يستخدمون القوة المفرطة للمساءلة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها في مجال العمل الإنساني تقييمًا للاحتياجات الإنسانية العاجلة لدى 60 تجمعًا رعويًا فلسطينيًا في شتّى أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة، والتي لحقت بها أضرار مباشرة بسبب تصاعد عنف المستوطنين الإسرائيليين والتدابير التي تتخذها السلطات الإسرائيلية.

وخلال الأشهر الستة الأولى من العام 2023، سجّلت الأمم المتحدة 591 حادثًا مرتبطًا بالمستوطنين وأسفر عن سقوط ضحايا بين الفلسطينيين أو إلحاق الأضرار بممتلكاتهم أو كلا الأمر معًا. ويمثل ذلك زيادة نسبتها 39 في المائة في المتوسط الشهري لهذه الحوادث عند مقارنتها مع العام 2022، الذي شكّل في الأصل أعلى عدد من الحوادث المرتبطة بالمستوطنين منذ أن بدأت الأمم المتحدة في توثيق هذه البيانات في العام 2006.

الصورة
راس التين، بعد ساعات من رحيل سكانه. تصوير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، 9 آب/أغسطس 2023

ويُعد راس التين واحدًا من تجمّعات سكانية متعددة في شتّى أرجاء الضفة الغربية، وخاصة في المنطقة (ج)، حيث حذر مجتمع العمل الإنساني من بيئة قسرية قد تسفر عن ترحيل سكانها قسرًا عنها. ومنذ العام 2022، هُجّر ما لا يقل عن 478 فلسطينيًا، من بينهم 257 طفلًا، من سبع تجمّعات كهذا التجمع في ظروف مشابهة، حسب أرقام مجمعة غير شاملة. وباتت ثلاثة من هذه التجمعات خالية، بما فيها تجمع راس التين.

للمزيد حول هذا الشأن