اشتباكات بين القوات الإسرائيلية وفلسطينيين في سياق مظاهرة احتجاجا على إعلان الولايات المتحدة بشأن القدس، مدينة بيت لحم، كانون الأول/ديسمبر 2017  © - تصوير أحمد مزهر – وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)
اشتباكات بين القوات الإسرائيلية وفلسطينيين في سياق مظاهرة احتجاجا على إعلان الولايات المتحدة بشأن القدس، مدينة بيت لحم، كانون الأول/ديسمبر 2017 © - تصوير أحمد مزهر – وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)

نظرة عامة: كانون الأول/ديسمبر 2017

منذ الإعلان الذي صدر في يوم 6 كانون الأول/ديسمبر 2017 بشأن إعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمةً لإسرائيل، اتسعت رقعة المظاهرات التي نظّمها الفلسطينيون وأدت الى إندلاع إشتباكات مع القوات الإسرائيلية في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة. ففي الضفة الغربية، قُتل ثلاثة فلسطينيين وأصيب 3,590 آخرون بجروح حتى يوم 31 كانون الأول/ديسمبر. ووقعت غالبية هذه الإصابات (نحو 70 في المائة ) بسبب إستنشاقات الغاز المسيل للدموع الذي إستلزم الحصول على علاج طبي، وتلتها الإصابات بالأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط والذخيرة الحية.

اشتباكات بين القوات الإسرائيلية وفلسطينيين في سياق مظاهرة احتجاجا على إعلان الولايات المتحدة بشأن القدس، مدينة بيت لحم، كانون الأول/ديسمبر 2017  © - تصوير أحمد مزهر – وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)

وفي قطاع غزة، إندلعت مظاهرات منتظمة بالقرب من السياج الحدودي وخلالها ألقى الفلسطينيون الحجارة على القوات الإسرائيلية التي إنتشرت على الجانب الإسرائيلي من السياج، وأطلقت القوات الإسرائيلية الذخيرة الحية والأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط وقنابل الغاز المسيل للدموع بإتجاه المحتجين. وقد قُتلت القوات الإسرائيلية أحد عشر فلسطينيًا، من بينهم تسعة مدنيين، وأصابت 959 مدنيًا آخر بجروح خلال هذه الأحداث. وفي ردّه على هذا العدد من الضحايا في غزة، تكلم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان عن "مخاوف جدية حول ما إذا كانت القوة التي تستخدمها القوات الاسرائيلية تتلاءم مع التهديد."[1] كما أطلقت الفصائل المسلحة الفلسطينية الصواريخ والقذائف بصورة منتظمة بإتجاه جنوب إسرائيل، حيث سقط عدد قليل منها على إسرائيل وألحق أضرارًا محدودة بالممتلكات، ولكنه لم يسفر عن وقوع أي خسائر بشرية. وبعد ذلك، شنّت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية التي إستهدفت مواقع عسكرية في القطاع، مما أدى إلى مقتل ثلاثة فلسطينيين، من بينهم مدني، وإصابة 21 آخرين بجروح.

التصعيد في غزة يُعد مقلقاً بوجه خاص بالنظر إلى الأوضاع الإنسانية المتردية، حيث يتناول أحد الأقسام الواردة في نشرة الشؤون الإنسانية لهذا الشهر التراجع الذي شهده خروج الفلسطينيين من غزة عبر معبر إيرز، الذي يخضع للسيطرة الإسرائيلية، بنحو 50 في المائة  في العام 2017 بالمقارنة مع العام 2016. وقد تراجع عدد رجال الأعمال الذين يحملون تصاريح تجارية سارية المفعول بنسبة بلغت 85 في المائة  بالمقارنة مع أواخر العام 2015. وكانت مشاريع الأعمال المتضررة من ذلك توظّف عددًا كبيرًا من العمال في إقتصاد غزة الذي يعاني من الكساد. وقد يتسبّب عجز أصحاب هذه المشاريع على مغادرة غزة وعقد إجتماعات العمل مع نظرائهم الإسرائيليين في إجبار العديد منها على إغلاق أبوابها نهائيًا.

كما طرأ تراجع على تنقُّل الفلسطينيين عبر معبر رفح، الخاضع للسيطرة المصرية، خلال هذا العام من المستوى المتدني الذي كان عليه في الأصل. وفي يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر، وفي سياق إتفاق المصالحة الفلسطينية الذي جرى التوصّل إليه في يوم 12 تشرين الأول/أكتوبر، سلّمت سلطات حماس السيطرة على الجانب الفلسطيني من معابر إيرز وكرم أبو سالم ورفح للسلطة الفلسطينية. ومع ذلك، لم يبد أي أثر ظاهر على أعداد الفلسطينيين الذين يتنقلون من غزة عبر المعابر التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية والمصرية.

وينبغي النظر إلى التراجع الذي يشهده التنقل من غزة في سياق الحصار المفروض عليها على مدى عشرة أعوام، والذي إقترن مع ثلاث حالات تصعيد مدمّرة والإنقسام الداخلي الفلسطيني، الذي أدّى  إلى إنقطاعات في الكهرباء لفترات طويلة في العام 2017، وما نتج عن ذلك من آثار وخيمة على الحياة اليومية وتقديم الخدمات لمليونيّ نسمة. ومنذ التوقيع على إتفاق المصالحة الداخلية الفلسطينية في يوم 12 تشرين الأول/أكتوبر، لم يظهر بعدُ أي تحسّن ملموس على الأوضاع الإنسانية. وقد أسهم القرار الذي إتخذته السلطة الفلسطينية في مطلع شهر كانون الثاني/يناير بإستئناف تسديد الدفعات المستحقة عن 50 ميغاوات من الكهرباء المشتراة من إسرائيل، والتي جرى تقليصها منذ شهر حزيران يونيو 2017، في تحسين الأوضاع الإنسانية. ومع ذلك، يجب متابعة هذا القرار بخطوات إضافية من أجل تحسين الأوضاع الإنسانية والحيلولة دون تفاقم حالة عدم الإستقرار.

ويتطرّق قسم آخر من أقسام نشرة هذا الشهر إلى الإستعراض العام للإحتياجات الإنسانية للعام 2018، والذي تمّ إعداده في العام 2017، حيث يبيّن أن ما يقرب من مليونين ونصف المليون فلسطيني في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، أو نصف سكانها تقريبًا، في حاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية. ومن بين هؤلاء، من المقرر إستهداف 1.9 مليون فلسطيني، جرى تحديدهم على أنهم الأكثر ضعفًا، في العام 2018 من خلال مجموعة من التدخلات التي تتضمنها خطة الاستجابة الإنسانية، بتكلفة إجمالية تبلغ 539.7 مليون دولار. وسوف يغطي الجزء الأكبر من الإحتياجات المالية (75 في المائة ) تقديم المساعدات الإنسانية في غزة.

ويتناول القسم الأخير الذي تشمله نشرة الشؤون الإنسانية لهذا الشهر المستويات المرتفعة لعمليات الهدم التي طالت المباني الفلسطينية في القدس الشرقية، على الرغم من التراجع الذي شهدته في بقية أنحاء الضفة الغربية. وتُعَدّ عمليات الهدم واحدة من مجموعة من السياسات الإسرائيلية التي تؤدي إلى خلق بيئة قسرية وفرضها على السكان الفلسطينيين في هذه المدينة. ففي العام 2017، هدمت السلطات الإسرائيلية 142 مبنى في القدس الشرقية بسبب إفتقارها إلى تراخيص البناء، وهذا ثاني أعلى عدد من المباني التي هُدمت منذ العام 2000. وإضافة إلى عمليات الهدم التي جرى تنفيذها، ما تزال التهديدات التي تنطوي على هدم المنازل وغيرها من المباني قائمةً. فمؤخرًا، نُشرت التقارير حول حادثتين شهدتا إصدار أوامر هدم جماعية في تجمُّعين سكانيين متضررين من الجدار في القدس الشرقية، وهما كفر عقب وصور باهر.

وتذكّرنا الإضطرابات المتواصلة في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة بحساسية قضية القدس: فنحو 70 في المائة  من إجمالي الإصابات التي وقعت بين صفوف الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة خلال العام 2017 سُجِّلت خلال المظاهرات والإشتباكات التي تلت التطورات المتصلة بالقدس – تركيب البوابات الإلكترونية على مداخل الحرم الشريف في شهر تموز/يوليو، والإعلان الذي صدر مؤخرًا عن الولايات المتحدة. وقد أشار المنسق الخاص، ملادينوف، في الإحاطة التي قدّمها لمجلس الأمن مؤخرًا إلى أن "الأمم المتحدة تتبنى وجهة النظر التي تفيد بأنّ القدس تندرج ضمن قضايا الوضع النهائي، وينبغي حلّها من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين على أساس قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة الصادرة بهذا الشأن، مع الأخذ في الإعتبار المخاوف  المشروعة لدى كلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي."


[1] رابط الموقع