نظرة عامة: آب 2017

يخضع العديد من الفلسطينيين في القدس الشرقية لبيئة قسرية بسبب مجموعة من السياسات الإسرائيلية، بما فيها هدم المنازل والإخلاء القسري منها، وهي سياسات تسلط نشرة هذا الشهر الضوء عليها. وتتجلى الصعوبات التي تفرِزها هذه البيئة في حالة عائلة شماسنة، التي كانت تقيم في حي الشيخ جراح منذ العام 1964، حيث طُردت من منزلها قسراً في 5 أيلول/سبتمبر بعد معركة قانونية طال أمدها. وكما هو الحال في حالات الإخلاء الأخرى، فقد سُلِّم هذا المنزل للمستوطنين الإسرائيليين على الفور. وتُعَدّ هذه حالة الإخلاء الأولى في حي الشيخ جراح منذ العام 2009. ومن شأن تقديم أربعة مخططات استيطانية إسرائيلية في الشيخ جراح، في حال المصادقة عليها، أن يفضي إلى إخلاء أكثر من 70 فلسطينيًا آ من سكان الحي، ومن المحتمل أن يؤدي هذا الأمر إلى فرض قيود ونشوب توترات من شأنها تقويض الظروف المعيشية لسكان هذه المنطقة الفلسطينيين.

وفي القدس الشرقية، كما هو الحال في باقي أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة،  إسرائيل مُلزَمة بموجب القانون الدولي بضمان سلامة السكان المحميين، والامتناع عن تغيير وضع الأرض المحتلة أو تركيبتها الديمغرافية أو نقل سكانها إليها. وقد أعاد الأمين العام للأمم المتحدة، أنتونيو غوتيريز، التأكيد في زيارته الأولى إلى إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة في أواخر آب/أغسطس على موقف المجتمع الدولي الذي يرى أن النشاطات الاستيطانية "غير قانونية بموجب القانون الدولي [و] أنها تشكل عقبة يجب إزالتها" إذا كان لحل الدولتين أن يجد طريقه للتنفيذ.

كما زار الأمين العام قطاع غزة ووصفه بقوله: "إنه أحد أسوأ الأزمات الإنسانية التي شهدتها على مر السنوات التي قضيتها وأنا أعمل  في المجال الإنساني في الأمم المتحدة." وما يزال الفلسطينيون في قطاع غزة، وبعد ثلاث سنوات على صراع العام 2014، يكافحون في سبيل التعامل مع الآثار التي أفرزتها الأعمال القتالية المتتالية والحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني الداخلي والتدهور الحاد الذي يشهده تزويد الكهرباء.

وقد تواصل انقطاع الكهرباء على مدى فترات تتراوح من 18 إلى 20 ساعة يوميًا خلال شهر آب/أغسطس، مما يؤثر على توفر الخدمات الأساسية ويقوّض اقتصاد غزة الهش أصلًا، بما فيهه قطاع الزراعة. وكما يرِد في نشرة هذا الشهر، يكتنف الخطر نحو 30,000 من أصل 80,000 دونم مزروعة بالخضار الموسمية بسبب عدم انتظام الري، كما يتكبد  مربو الأبقار الحلوب والدواجن خسائر فادحة. وقد تؤدي الآثار التي تفرزها أزمة الكهرباء على المدى البعيد إلى فقدان المزارعين للدافع والوسائل التي تؤمّن لهم الحصول على رأس المال الذي يلزمهم للاستثمار في قطاع يفتقر إلى الأمان على نحو متزايد.

وفي سياق الاستجابة لأزمة الكهرباء في غزة، وجهت الوكالات الإنسانية العاملة في الأرض الفلسطينية المحتلة مناشدة في شهر تموز/يوليو لتقديم 25 مليون دولار أمريكي للتدخلات العاجلة ترمي إلى إنقاذ الأرواح في قطاعات الصحة والمياه والصرف الصحي والأمن الغذائي.

وفي 24 آب/أغسطس، تم صرف،  مبلغ 2.5 مليون دولار أمريكي من صندوق التبرعات الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة، وهو صندوق محلي مشترك يديره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالنيابة عن منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، لتغطية بعض الاحتياجات العاجلة والمحددة في المناشدة الإنسانية من أجل أزمة غزة. كما أعلن الأمين العام خلال زيارته لغزة في30 آب/أغسطس عن تخصيص أربعة مليون دولار من الصندوق المركزي للإغاثة في حالات الطوارئ، وهو صندوق الأمم المتحدة العالمي للاستجابة في حالات الطوارئ، من أجل دعم بعض التدخلات المحددة.

وتساعد هذه المخصصات في ضمان توفير الخدمات الأساسية حتى نهاية هذا العام، ولكن تستدعي الضرورة تأمين دعم إضافي للتخفيف من الآثار الأسوأ التي تشهدها قطاعات الصحة والمياه والصرف الصحي والأمن الغذائي.

وفضلاً عن ذلك، وكما تفيد هذه النشرة، فما يزال 29,000 شخص في غزة مهجرين بسبب الأعمال القتالية التي شهدها العام 2014، وما يزال أكثر من 19,000 من هؤلاء ينتظرون التمويل اللازم لإعادة الإعمار. كما يوجد نقص في التمويل الضروري لتغطية المساعدات النقدية للمأوى المؤقت، والتي تعنى بتمكين العائلات من استئجار مساكن تقيم فيها إلى حين إعادة بناء منازلها أو إعادة تأهيلها. كما يؤثر العجز في التمويل على برامج مخصصة لـ235,000 طفل كان قد تم تحديدهم على أنهم يحتاجون إلى خدمات حماية الأطفال، بما تشمله من الدعم النفسي والاجتماعي، في خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2017 للأرض الفلسطينية المحتلة. وفي هذه الآونة، لا يغطي التمويل المرصود لخطة الاستجابة الإنسانية للعام 2017 سوى 42% من حاجتها، حيث تلقت الخطة ما يقرب من 233 مليون دولار من أصل 551.9 مليون دولار رُفع الطلب من أجل تأمينها.

وفي غزة، ناشد الأمين العام "المجتمع الدولي لدعم المساعدات الإنسانية في غزة بقوة"، في ذات الوقت الذي أقر فيه بأن "حل مشاكل أهالي غزة ليس إنسانيًا." واختتم زيارته إلى غزة بتوجيه مناشدتين: "الأولى هي مناشدة من أجل الوحدة. لقد كنت في رام الله يوم أمس، وأنا اليوم في غزة، وكلتاهما جزء من فلسطين نفسها. لذلك، فأنا أوجه المناشدة لإنجاز الوحدة بما يتوافق مع مبادئ منظمة التحرير الفلسطينية، فلا يفضي الانقسام إلا إلى تقويض قضية الشعب الفلسطيني."

وتمثلت مناشدته الثانية في "عملية سياسية ذات مصداقية من أجل معالجة المشاكل القائمة والسماح بتنفيذ حل الدولتين، بما يفضي إلى إزالة العقبات الموجودة على الأرض. ولكن في الوقت ذاته، يجب أن يرافق تلك العملية السياسية برنامج عمل لتحسين الظروف المعيشية للشعب الفلسطيني."