طريق التفافي جديد في منطقة قلقيلية يثير مخاوف إنسانية

طريق التفافي في قرية النبي إلياس قيد الإنشاء. © تصوير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، نيسان/أبريل 2017

تقوم السلطات الإسرائيلية حاليا ببناء طريق جديد بطول 2,5 كيلومتر على الأراضي الفلسطينية؛ وسيتجاوز الطريق الالتفافي جزءا من شارع رقم 55 الذي يمر عبر قرية النبي إلياس (قلقيلية). وأثر البناء بالفعل على سبل العيش وحقوق الملكية لسكان القرية (ما يقرب من 1,500 نسمة)، ومن المتوقع أن يزداد الأثر السلبي حالما ينتهي إنشاء الطريق. وتفيد التقارير أن السلطات الإسرائيلية تخطط لإقامة طريقين إضافيين على الأقل على طول شارع رقم 60: طريق بجوار قرية حوارة (نابلس) وطريق آخر بجوار مخيم العروب للاجئين (الخليل).

يربط شارع 55 مدينتي نابلس وقلقيلية، وكذلك يربط مستوطنات كدوميم ، ومعالي شومرون وكارني شومرون مع إسرائيل. ووفقا للسلطات الإسرائيلية، فإن حجم حركة المرور على شارع 55، الذي يمر عبر منطقة البناء من قرية النبي إلياس، ولد مجموعة من المخاوف المتعلقة بالسلامة وأثار الحاجة إلى إنشاء طريق التفافي. وأشار تقرير إعلامي إسرائيلي إلى أنه على الرغم من الموافقة على الخطة الأصلية لهذا الطريق منذ أكثر من 20 عاما، جاء قرار تنفيذه في اتفاق عام 2015 بين رئيس الوزراء الإسرائيلي وهيئة استيطانية إسرائيلية (مجلس ييشا).[1]

في كانون الأول/ديسمبر 2015، أصدرت السلطات الإسرائيلية أمر بمصادرة 104 دونم من الأراضي للطريق المقرر إنشاؤه. وانضم مالكو الأراضي إلى المجلس القروي لقرية النبي إلياس في التماس قُدم إلى المحكمة العليا الإسرائيلية. ورُفض هذا الالتماس في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 بعد أن وجدت المحكمة أن قرار بناء الطريق يستند إلى "اعتبارات موضوعية ومهنية تتعلق بالسلامة"، وأن تلك الاعتبارات تفوق الأضرار التي لحقت بمقدمي الالتماس.[2] وبدأت الجرافات الإسرائيلية  باقتلاع الأشجار وتجريف الأراضي في كانون الثاني/يناير 2017.

مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، الأرض الفلسطينية المحتلة, قلقيلية: طريق جديد في النبي إلياس أيار/مايو 2017

سبل العيش الزراعية

تجاوزت مساحة الأراضي التي تم تجريفها 150 دونم بحسب مصادر فلسطينية، وهي أعلى بكثير من المساحة المذكورة في أمر المصادرة، 104 دونم.وكان هذا على ما يبدو لتأمين جانبي الطريق؛ ولم يكن ذلك مشمولا في الأمر. ونتيجة لذلك، تم اقتلاع أكثر من 1,500 شجرة زيتون وحوالي 100 شجرة مثمرة. وسُمح للمزارعين الذين لديهم أراض متاحة بإعادة زراعة الأشجار في أماكن أخرى، بينما استخدمها آخرون للحطب. وبالنسبة لبعض المزارعين، كانت الأراضي المصادرة هي مصدر دخلهم الوحيد، وتسبب الحدث في مشقات كبيرة (انظر دراسة حالة). وتقدر الخسارة التراكمية في إنتاج زيت الزيتون بمبلغ 104,000 دولار أمريكي في السنة.

يحق لمالكي الأراضي الحصول على تعويض بموجب القانون العسكري الإسرائيلي. ولكن المصادر الفلسطينية أشارت إلى أنه لم يقدم أي مزارع طلبا للتعويض، سواء من حيث المبدأ أو بسبب الخوف من تداعيات سلبية من داخل المجتمع الفلسطيني.

وأدى بناء الطريق أيضا إلى تعطيل مشروع استصلاح أراضي مساحتها 1,000 دونم بتكلفة 170,000 دولار أمريكي، أطلقه المجلس القروي لقرية النبي إلياس في عام 2014 بالتعاون مع وزارة الزراعة الفلسطينية، ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) والعديد من المنظمات غير الحكومية. وفي إطار العمل في بناء الطريق الالتفافي، قد دمرت أجزاء من أنابيب مياه طولها 10,000 متر، وشبكة كهرباء تم تركيبها لصالح مشروع الاستصلاح. ووعدت السلطات الإسرائيلية بإصلاح الأضرار لكن الموعد المحدد لذلك لا يزال غير معروف.

وعبر المزارعون عن قلقهم من أن الطريق سيعيق حال انتهاء العمل به وصولهم إلى الأراضي المزروعة الواقعة إلى الشمال منه، على الرغم من قيام السلطات الإسرائيلية حاليا ببناء ممر سفلي يربط هذه المنطقة الزراعية بقرية النبي إلياس ويخفف من آثار معيقات الوصول.

سبل العيش التجارية

أدى موقع قرية النبي إلياس على طول طريق رئيسي يخدم المدن الفلسطينية والمستوطنات الإسرائيلية، وكذلك أدى قرب القرية من التجمعات العربية داخل إسرائيل، إلى تطور حياة تجارية ديناميكية أصبحت مصدراً رئيسيا لكسب العيش لسكانها. هناك حاليا ما يقرب من 100 منشأة تجارية، بما في ذلك مجموعة متنوعة من المحلات التجارية وورش إصلاح السيارات والمطاعم. وعبر مسؤولو مجالس القرى عن قلقهم من أن تحويل حركة المرور بعيداً عن القرية سيؤدي إلى خفض كبير في حجم الزبائن ويقوض سبل كسب العيش ويقلل عائدات الضرائب البلدية التي تدعم تقديم الخدمات.

التطور الحضري

 تحتفظ السلطة الفلسطينية بسلطة تنظيم البناء في قلب قرية النبي إلياس المصنفة كمنطقة (ب) (90 دونم) لكن أطراف القرية والمناطق الحدودية المحيطة بها مصنفة كمنطقة (ج)، حيث يتم تطبيق نظام التخطيط الإسرائيلي. وتقلصت المساحة المتاحة للتطور الحضري في المنطقة الأخيرة تدريجيا على مر السنين: ففي الجنوب، يغلق الجدار ومستوطنة ألفي منشيه على القرية؛ وإلى الغرب هناك بنية تحتية إسرائيلية للمياه حيث يحظر البناء؛ وإلى الشرق هناك "غابة مسجلة"، تمنع التطور أيضا. وسيشطر الطريق الالتفافي الجديد المساحة المتبقية إلى الشمال، بين منطقة البناء في القرية والجدار المحيط بمستوطنة تسوفيم.

دعت الإدارة المدنية الإسرائيلية في أول نيسان/أبريل 2017، إلى تقديم اعتراضات (خطوة قبل المصادقة النهائية) على مخطط تنظيمي لقرية النبي إلياس في المنطقة (ج)، والذي يمكن أن يشمل ما يقرب من 360 دونم. ومن شأن ذلك أن يحمي المنازل والأعمال التجارية القائمة في هذه المنطقة من الهدم وسيسمح بالمزيد من التطوير. وستكون هذه هي الخطة السادسة من أصل 100 خطة تقريبا للمنطقة (ج) التي قدمتها السلطة الفلسطينية إلى الإدارة المدنية الإسرائيلية في السنوات الست الماضية والتي تمت الموافقة عليها.

مزارع يخسر كل أرضه بسبب الطريق الالتفافي

صلاح مجَّاد

صلاح مجَّاد، أب لستة أبناء يبلغ من العمر 45 عاما، من النبي إلياس، يقف على قطعة أرض تعرضت للتجريف دون أي أثر لأشجار الزيتون أو أي شيء آخر إلا طريق عريض قيد الإنشاء، يروي قصة خسارته:

قال صلاح، "تمت مصادرة الأربعة ونصف دونم التي أملكها، حيث أقف الآن، لبناء الطريق الالتفافي. كانت قطعة الأرض مصدري الوحيد للدخل. كان فيها ما يقرب من 100 شجرة زيتون، وبعض أشجار اللوز، والتين والكروم. لم يكن نوع أشجار الزيتون الذي كان لدي كبيرا، وهذا أتاح لنا الاستفادة من الأرض الواقعة بين الأشجار لزراعة محاصيل العلف الأخرى للحيوانات والدجاج. حتى أننا زرعنا العدس والحمص في بعض الأحيان. اعتدنا زوجتي وأنا أن نذهب إلى الأرض ونخدمها كل يوم تقريبا. كانت الأموال التي نجنيها من إنتاجنا تكفي لكل السنة تقريبا.

"أعمل منذ خسارة أرضي سائق سيارة أجرة. لدي مشاكل في القلب ولا يمكنني القيام بأعمال يدوية شاقة. اضطررت لاستخدام سيارتي الخاصة كسيارة أجرة، رغم أن هذا غير مسموح به ويعرضني لخطر تلقي غرامة إذا ألقت الشرطة الفلسطينية القبض علي. إن شراء سيارة أجرة مسجلة مكلف للغاية وليس هناك طريقة يمكنني بها تحمل هذه التكلفة".        

 

[1]  شابتاي بندت، "طريق التفافي ومصادرة أراضي: تنفيذ اتفاق بين نتنياهو والمستوطنين" والا الإخباري، 5 كانون الثاني/يناير 2016 (باللغة العبرية).

[2]  محكمة العدل العليا 1960/16، مجلس قروي النبي إلياس وآخرون ضد قائد جيش الدفاع الإسرائيلي في يهودا والسامرة وآخرين، الفقرة 22.