Polluted beach in Gaza city, June 2016. Photo by OCHA
Polluted beach in Gaza city, June 2016. Photo by OCHA

غزة: عجز البنية التحتية للصرف الصحي يزيد المخاوف الصحية والبيئية

ففي السنوات القليلة الماضية، أدى العجز القائم منذ فترة طويلة في البنية التحتية الملائمة للصرف الصحي في قطاع غزة، إلى تصريف ما يقرب من 90 مليون لتر من مياه الصرف الصحي غير المعالجة أو المعالجة جزئيا إلى البحر كل يوم، مما تسبب في مخاطر صحية وبيئية. وقد تأثرت عملية تطوير البنية التحتية للمياه والصرف بشدة نتيجة للقيود التي تفرضها إسرائيل على الاستيراد في حصارها لقطاع غزة على مدار تسع سنوات. وهناك في الوقت الحاضر ما يصل إلى 23 مادة متعلقة بالمياه والصرف الصحي والنظافة، مثل المضخات ومعدات الحفر ومواد التعقيم الكيميائية، على لائحة "المواد ذات الاستخدام المزدوج" الإسرائيلية، وهذا يعني أن دخول مثل هذه المواد إلى غزة مقيد بشدة.

ويتفاقم هذا الوضع كلما كان هناك انخفاض في كمية الكهرباء، مما يؤثر بشكل أكبر في جودة مياه الصرف الصحي التي يتم تصريفها في البحر. حدث التقليص في الكهرباء بشكل مكثف خلال نيسان/أبريل وأيار/مايو 2016، عندما أغلقت محطة كهرباء غزة أو كانت تعمل عند الحد الأدنى بسبب النقص في الوقود اللازم لتشغيلها، مما تسبب في انقطاع الكهرباء لما يصل إلى 20 ساعة في اليوم.[1]

تضررت قدرة هيئة الطاقة في غزة على شراء الوقود لتشغيل المحطة منذ بداية عام 2016 في أعقاب التغير الذي طرأ على الترتيبات مع وزارة المالية في رام الله، والمتعلقة بمنح محطة كهرباء غزة إعفاء كاملاً من الضرائب على الوقود. تم تقليص نطاق هذا الإعفاء تدريجيا منذ كانون الثاني/يناير، مما زاد من تكلفة الوقود بشكل كبير.

تلوث مياه البحر ومخاطر الفيضانات

يشكل تلوث مياه البحر خطراً صحيا كبيرا لأولئك الذين يستخدمون الشواطئ كمواقع للاستجمام، خاصة خلال الصيف، ولأولئك الذين يستهلكون الطعام البحري القادم من المناطق الأكثر تضررا. وكشفت دراسة تقييمية مشتركة أجراها كل من هيئة جودة البيئة، والدفاع المدني ووزارة الصحة في غزة أن 52 بالمائة من شواطئ غزة ملوثة بشكل خطير وغير ملائمة للسباحة، بما في ذلك ما يقرب من 90 بالمائة من شاطئ مدينة غزة.

كذلك، تولد الطبيعة غير المستقرة للمرافق القائمة والنقص في الطاقة الكهربائية تهديدا مستمرا من فيضان مياه الصرف الصحي في المناطق المتاخمة للخزانات ومحطات الضخ. وقد تحقق هذا التهديد في 4 أيار/مايو عام 2016، عندما انهار أحد جدران احتجاز المياه في بحيرة الصرف الصحي في محطة المعالجة في مدينة غزة بعد انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، مما أدى إلى تدفق 15,000 متر مكعب من مياه الصرف الصحي في منطقة زراعية مجاورة. نتيجة لذلك، تضرر ما يقرب من 67 دونم من الأراضي المزروعة بالأشجار المثمرة، مع خسائر تقدرها وزارة الزراعة بما يقرب من 150,000 دولار أمريكي.

وفي مثال آخر، تعطلت إحدى محطات ضخ المياه الصرف الصحي الرئيسية في مدينة غزة (والتي عالجت 60 بالمائة من مياه الصرف الصحي في المدينة)، في 13 تشرين الثاني/نوفمبر، نتيجة لنقص الكهرباء والوقود اللازمين لتشغيل المولدات الاحتياطية. تم تصريف أكثر من 35,000 متر مكعب من مياه الصرف الصحي غير المعالجة في مساحة واسعة في حي الزيتون، مؤثرة على ما يقرب من 3,000 شخص.

شاطئ ملوث في مدينة غزة، حزيران/يونيو 2016. صورة بواسطة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية

 

البنية التحتية الحالية والمخطط لإنشائها للصرف الصحي

يعتمد قطاع غزة حاليا على أربع محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي، وهي تعمل فوق طاقتها و/أو تم بناؤها كمنشآت مؤقتة. ومن المتوقع تقليص الفجوات الهائلة في قدرة هذه المنشآت، والتي تزداد باستمرار بالتوازي مع النمو السكاني، من خلال ثلاث محطات معالجة جديدة (في شمال غزة، ومدينة غزة وخان يونس). تم تأجيل إنهاء هذه المحطات لعدة سنوات بسبب مجموعة من القيود، بما في ذلك تأخيرات في رخص البناء ودخول المواد، إضافة إلى النقص في قدرة الطاقة.

يعتمد مقدمو خدمات التخلص من مياه الصرف الصحي (بما في ذلك المحطات) على المولدات الاحتياطية بشكل كبير نتيجة للنقص الكبير في الكهرباء. ولكن تواجه آلية التكيف هذه تحديات انعدام الوقود، والاستخدام المفرط، ومعوقات لشراء مولدات إضافية وقطع غيار مصنفة كمواد ذات استخدام مزدوج. ويتم تزويد جزء من الوقود المطلوب لتشغيل المولدات من خلال برنامج طوارئ تموله عدة جهات مانحة وبتنسيق من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.

لا تمنع المعالجة الفعَّالة لمياه الصرف الصحي تلوث مياه البحر وحسب، لكنها تسمح أيضا بإعادة استخدام المياه المعالجة للري. وهذا من شأنه أن يسهم إلى حد كبير في الحفاظ على المياه، والتي استنفدت بسبب الإفراط في الاستخراج، بما في ذلك من القطاع الزراعي.


[1]  عملت محطة كهرباء غزة في السنوات القليلة الماضية بما يقرب من نصف طاقتها وتنتج 30 بالمائة تقريبا (60 ميجاوات) من الكهرباء التي يتم تزويد قطاع غزة بها؛ ويتم شراء الكهرباء المتبقية من إسرائيل (120 ميجاوات) ومن مصر (30 ميجاوات).