مياه صرف صحي غير معالجة تتدفق إلى البحر، غزة، 27 نيسان/أبريل 2017. © تصوير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية
مياه صرف صحي غير معالجة تتدفق إلى البحر، غزة، 27 نيسان/أبريل 2017. © تصوير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية

غزة تغرق في الظلام: انهيار حاد في وضع الطاقة

صيدلي يستخدم إضاءة الطوارئ، غزة 27 نيسان/أبريل 2017. © تصوير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.

أُجبرت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة في 17 نيسان/أبريل على الإغلاق تماما بعد نفاد احتياطياتها من الوقود وعدم قدرتها على تجديدها بسبب نقص الأموال. وقد وقع الإغلاق في سياق النزاع المستمر بين السلطتين الفلسطينيتين في غزة ورام الله بشأن الإعفاء الضريبي للوقود وتحصيل الإيرادات من مستهلكي الكهرباء.

وكذلك توقفت إمدادات الكهرباء من مصر في 24 نيسان/أبريل، والتي تمثل في العادة 15 بالمائة من إمدادات غزة، وذلك بسبب عطل فني. وحالياً، يتم تزويد غزة بالكهرباء التي يتم شراؤها من إسرائيل فقط، مما يؤدي إلى انقطاعات في الكهرباء لمدة 20 ساعة في اليوم، أي أعلى من معدل سابق وصل من 12 الى 16 ساعة. وهذا يقوض تقديم الخدمات الأساسية ويضر بسبل العيش والظروف المعيشية الهشة أصلا.

تأثرت غزة بعجز مزمن في الكهرباء منذ أكثر من عقد من الزمن. وتدهور الوضع بعد حزيران/يونيو 2013 بعد وقف تهريب الوقود المصري الأقل سعرا الذي كان يستخدم لتشغيل محطة توليد الكهرباء. أجبر الارتفاع الناتج في تكلفة الوقود[1] محطة توليد الكهرباء على تشغيل اثنين فقط من توربيناتها الأربعة المولدة للطاقة. وفي عامي 2015 و2016، اضطرت محطة كهرباء غزة إلى الإغلاق بالكامل في ست مناسبات على الأقل، لما مجموعه أكثر من 46 يوما، بسبب نقص الموارد المالية لشراء الوقود.

محطة الكهرباء في غزة، غزة، كانون الثاني/يناير 2017 © تصوير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانيةكذلك، تعطلت إمدادات الكهرباء التي يتم شراؤها من إسرائيل ومصر مراراً وتكراراً. ووفقا لشركة توزيع الكهرباء في غزة، فقد تعطلت الخطوط المصرية بشكل كامل بمعدل ستة أيام في الشهر خلال عام 2016، في حين تم قطع الإمداد عبر الخطوط الإسرائيلية في أحد الخطوط العشرة على الأقل لمدة ثلاثة إلى أربعة أيام في الشهر. ونتيجة لذلك، تأرجحت إمدادات الكهرباء إلى غزة منذ عام 2013 من المصادر الثلاثة جميعها باستمرار بنسبة تتراوح بين 20 و50 بالمائة من الطلب المقدر.

وبسبب هذا النقص، تقوم شركة توزيع الكهرباء في غزة بتشغيل نظام تقنين للكهرباء ينطوي على انقطاعات متعاقبة للطاقة الكهربائية بمعدل 12 إلى 16 ساعة يومياً في أنحاء غزة. وتزداد هذه الانقطاعات للطاقة فورا إلى ما يصل إلى 18 و20 ساعة يومياً عند إغلاق محطة توليد الكهرباء أو عندما يكون هناك انقطاعات في خطوط الكهرباء من إسرائيل ومصر.

وللحفاظ على الحد الأدنى من استمرارية الخدمات الحيوية، يعتمد المزودون بشكل كبير على المولدات الاحتياطية. وكما هو الحال مع محطة توليد الطاقة الكهربائية، فإن تشغيل المولدات يتعرض باستمرار للخطر بسبب نقص التمويل لشراء الوقود، بالإضافة إلى محدودية سعة تخزين الوقود، والأعطال المتكررة الناتجة عن الاستخدام المفرط، والتحديات المتمثلة في شراء قطع الغيار والمولدات الجديدة بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل على الواردات.

الآثار على الخدمات الصحية

تتفاوت قدرة تخزين الوقود وقدرة المولدات بشكل كبير بين المرافق الصحية. فعلى سبيل المثال، يستهلك مستشفى الشفاء، وهو المستشفى الرئيسي في قطاع غزة، ما يقرب من 650 لترا في الساعة، لكن لديها القدرة على تخزين 135,000 لتر من الوقود. زودت شركة توزيع الكهرباء في غزة خمسة من أصل 14 مستشفى تابعة لوزارة الصحة في غزة بخطوط كهرباء مزدوجة، كما تم تزويد بعض الأقسام الحيوية مثل العناية المركزة، ووحدات غسيل الكلى، ووحدات رعاية حديثي الولادة بمصادر الطاقة الشمسية التي يمكن أن تدعم الخدمات لبضع ساعات. ومع ذلك، فإن الاعتماد على المولدات أمر بالغ الأهمية بالنسبة للمستشفيات.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإنه بدون وقود لتشغيل مولدات الكهرباء، ستضطر 40 غرفة للعمليات الجراحية، و11 غرفة لعمليات التوليد، و5 مراكز لغسيل الكلى، وأقسام الطوارئ في المستشفيات التي تخدم ما يقرب من 4,000 مريض يومياً إلى وقف الخدمات الحيوية. وسيهدد الوضع فوراً حياة 113 مولودا في وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة، و100 مريض في العناية المركزة و658 مريضاً يحتاجون إلى غسيل الكلى مرتين في الأسبوع، بينهم 23 طفلا. كما أن التبريد لأغراض تخزين الدم واللقاحات سيكون أيضا عرضة للخطر.

ولمواجهة الأزمة، تعمل المستشفيات بالحد الأدنى من القدرة، وترجئ العمليات الجراحية الاختيارية؛ وتخلي المرضى قبل الأوان بعد الجراحة. وتلغي وتقلص خدمات التعقيم والتنظيف؛ وتزيد تحويلات المرضى إلى خارج غزة، وخاصة في حالات الأمراض المزمنة.

أدت التقلبات المتواصلة في تيار الكهرباء إلى تدهور حالة المعدات الصحية وتضررها. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، هناك حاليا 200 من الآلات والمعدات الطبية معطلة في غزة وتنتظر إصلاحها. وهذه المعدات ضرورية للأقسام الحساسة مثل وحدات غسيل الكلى ووحدة العناية المركزة. وكذلك يقلص عدم وجود نظام صيانة مناسب (خدمات التعقيم) من العمر الافتراضي للمعدات الطبية الموجودة.

التأثير على خدمات المياه والصرف الصحي

مياه صرف صحي غير معالجة تتدفق إلى البحر، غزة، 27 نيسان/أبريل 2017 © تصوير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية

يقلص ضعف إمدادات الكهرباء والوقود المخصص لتشغيل مضخات المياه والآبار كمية وتواتر إمدادات المياه إلى البيوت، حيث تقف الإمدادات الحالية عند أربع إلى ثماني ساعات كل أربعة أو خمسة أيام. وقد أدى ذلك إلى زيادة اعتماد الناس على موردي المياه الخصوصيين غير الخاضعين للرقابة وبمعايير منخفضة للنظافة الصحية. ففي بلدية غزة وحدها، هناك 11 مولدا معطلا حاليا عند آبار المياه الرئيسية بسبب نقص قطع الغيار اللازمة لإصلاحها. وتحظر إسرائيل غالبا دخول قطع الغيار لمولدات الكهرباء لأنها مدرجة في القائمة الإسرائيلية للمواد المصنفة على أنها ذات استخدام مزدوج (مدني - عسكري).

وكان من المتوقع للمحطة الجديدة لتحلية مياه البحر، التي افتتحت في كانون الثاني/يناير 2017 في خان يونس، أن توفر مرحلتها الأولى من المياه العذبة لـ 75,000 شخص في جنوب غزة،[2] لكنها تعطلت بسبب نقص إمدادات الطاقة، وهي تعمل فقط وفقا لما تمليه الظروف.

وكذلك قلصت محطات الصرف الصحي دورات المعالجة، ويتم تفريغ 120 مليون لتر من مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى البحر المتوسط في كل يوم. وبالإضافة إلى ذلك، هناك خطر مستمر من تدفق مياه الصرف الصحي إلى الشوارع في حال أخفقت محطات ضخ هذه المياه. وقد أجبر نقص الوقود المخصص لتشغيل المركبات البلديات على تقليص جمع النفايات بشكل كبير، مما يولد مخاطر صحية عامة إضافية.

توزيع الوقود في حالات الطوارئ

منذ كانون الأول/ديسمبر 2013، حالت إمدادات الوقود في حالات الطوارئ من المجتمع الدولي لأهم مرافق الصحة، والمياه والصرف الصحي والنظافة، والمرافق البلدية دون انهيار هذه الخدمات.[3] وبحلول نيسان/أبريل 2017، تم استهداف 186 مرفقا هاما: 32 في قطاع الصحة؛ 124 في قطاع المياه والصرف الصحي؛ و30 في قطاع إدارة النفايات الصلبة. وقد سهل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية تحديد الأولويات والمناقشات مع القطاعات المعنية، وكذلك قام بالتنسيق بشأن التوزيع. وتأخذ وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) على عاتقها مسؤولية شراء الوقود ونقله وتوزيعه.

يقدر الوقود لحالات الطوارئ اللازم للحفاظ على الحد الأدنى من تقديم الخدمات الحرجة في القطاعات الثلاثة بما يتراوح بين 0,8 مليون و1,4 مليون لتر شهريا اعتمادا على مستوى تشغيل محطة توليد الكهرباء وكمية الإمدادات عبر خطوط التغذية الإسرائيلية والمصرية. وتتراوح التكلفة بين 500,000 و850,000 دولار أمريكي في الشهر.

وفي أعقاب نفاد احتياطيات الوقود السابق لأوانه، ونظرا لعدم وجود مساهمات جديدة، وافق صندوق التبرعات لحالات الطوارئ للأرض الفلسطينية المحتلة، المعروف بـصندوق التبرعات الإنساني، الذي يديره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالنيابة عن منسق الشؤون الإنسانية، في 27 نيسان/أبريل 2017، على تخصيص مبلغ 500,000 دولارا أمريكيا لشراء وقود لحالات الطوارئ للحفاظ على تقديم الخدمات الأساسية في المستشفيات وفي مرافق طبية طارئة أخرى. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تستمر احتياطيات الوقود في القطاعات الثلاثة جميعها لبضعة أسابيع، بافتراض أن مصادر الطاقة الأخرى تعمل بالمستويات المنخفضة الحالية.[4]

تخصيص الأموال للوقود في حالات الطوارئ (بملايين الدولارات الأمريكية)

Allocation of funds for emergency fuel (in millions US$)


[1] منذ عام 2013، تم شراء الوقود لمحطة توليد الكهرباء من إسرائيل حصريً. وتحتاج محطة توليد الكهرباء إلى ما يقرب من 12,5 مليون دولار أمريكي في الشهر لشراء الوقود الكافي للعمل بنصف القدرة. 

[2] لمزيد من المعلومات حول هذه المنشأة، انظر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، النشرة الإنسانية، شباط/فبراير 2017.

[3] بدأت عمليات نقل الوقود الأولى في حالات الطوارئ في تشرين الثاني/نوفمبر 2013، وتألفت مما يقرب من 200,000 لتر شهريا، لكنها ارتفعت تدريجيا إلى ما معدله 365,000 لتر في أوائل عام 2014، ووصلت إلى ما يقرب من 1,5 مليون لتر في آب/أغسطس 2014 أثناء تصاعد الحرب.. وفي عام 2015، انخفضت إلى 480,000 لتر في المتوسط بسبب انعدام الحلول طويلة الأمد. وارتفع الطلب على الوقود في حالات الطوارئ من جديد وتم توزيع 700,000 لتر شهريا بحلول نهاية عام 2016.

[4] إذا استأنفت محطة توليد الكهرباء عملياتها بقدرة جزئية، فإن الوقود لحالات الطوارئ الذي تم شراؤه بتمويل من صندوق التبرعات الإنساني قد يستغرق عدة أسابيع أطول لينفد.