مناطق إطلاق النار وخطر التهجير القسري

أعلنت إسرائيل منذ سبعينات القرن الماضي ما يقرب من 18 بالمائة من الضفة الغربية، أو ما يقرب من 30 بالمائة من المنطقة (ج)، كمناطق إطلاق نار للتدريب العسكري. ويحظر التواجد في هذه المناطق بأمر عسكري ما لم يصدر تصريح خاص. وعلى الرغم من هذا الحظر، هناك 38 مجتمعا فلسطينيا رعويا صغيرا يبلغ عدد سكانها أكثر من 6,200 نسمة داخل هذه المناطق. العديد من هذه المجتمعات موجودة في المنطقة قبل إغلاقها.

وهؤلاء الفلسطينيون هم من أشد الفئات ضعفا في الضفة الغربية مع ارتفاع مستويات الاحتياجات الإنسانية لديهم. وقد واجه معظمهم عمليات هدم منازلهم وتدمير مصادر رزقهم بسبب عدم وجود تراخيص بناء، والتي من المستحيل الحصول عليها. وقد هُجر البعض مرارا وتكرارا لفترات قصيرة من الوقت لإفساح المجال للتدريب العسكري. وقد ولدت هذه الأفعال والممارسات بيئة قسرية، معرضة بذلك الأشخاص المتضررين لخطر التهجير القسري.

خالد العمور من خربة صرورة – مسافر يطا، الخليل

أيار/مايو 2013 "المستوطنون حرقوا محاصيلنا وقتلوا حماري"

منطقة معلنة كمنطقة إطلاق نار جنوب غور الأردن. تصوير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية

ولد خالد العمور [7] في عام 1958 في المجتمع الرعوي خربة صرورة في منطقة مسافر يطا جنوب الخليل. يملك خالد وأشقائه الأربعة 200 دونم من الأراضي في صرورة، حيث كانوا يزرعون القمح، والشعير وخضروات موسمية أخرى للاستهلاك المحلي. وكان ما يقرب من 24 أسرة، وفقا لخالد، تعيش في صرورة قبل عام 1967. وكانت هذه أسر تعتمد على الرعي والزراعة وتعتاش على مواشيها وأراضيها.

حددت السلطات الإسرائيلية في الثمانينيات معظم مسافر يطا، حيث يعيش 14 مجتمعا رعويا، كمنطقة عسكرية مغلقة للتدريب: "منطقة الإطلاق 918". وتعرضت هذه المجتمعات منذ ذلك الحين إلى مجموعة من السياسات والممارسات من جانب السلطات الإسرائيلية والمستوطنين الإسرائيليين مما قوض ظروف معيشتهم. وقد تأثرت خربة صرورة بشكل خاص، وهجر سكانها تدريجيا نتيجة لذلك.

"ولدت في خربة صرورة وعشت هناك لأكثر من 30 عاما. تزوجت وأنجبت زوجتي 10 أطفال هناك. غادرت في عام 1996 مع أسر أخرى عندما أغلق المستوطنون من مستوطنة ماعون القريبة الطريق المؤدي إلى قريتنا، لكنني استمريت بزيارة أرضي في المنطقة لعدة سنوات. لكن تعرضنا باستمرار لهجمات عنيفة من المستوطنين؛ وعلى سبيل المثال، هاجمنا المستوطنون في عام 2003 حين كنا نحصد القمح - وأحرقوا محاصيلنا وقتلوا حماري. ... كان لدي 120 رأس غنم بعتها بعد أن غادرت خربة صرورة. لم يكن لدي منزل لأعيش فيه، لذلك قمت ببناء بيت صغير في الرفاعية والذي هدمته السلطات الإسرائيلية في وقت لاحق بسبب عدم حصولي على تصريح لبنائه. وكذلك صدرت أوامر هدم ضد منازل أبنائي في الرفاعية. وصدر أيضا أمر هدم ضد حظيرة بنيتها في الرفاعية لإيواء الأبقار الخمسة التي هي المصدر الجديد للدخل بالنسبة لي. لقد فقدت كل شيء عندما هربت من خربة صرورة".

حالة نشرت في أيار/مايو 2013 في تقرير الحياة في "منطقة إطلاق النار": دراسة حالة لتجمعات مسافر يطا

أيار/مايو 2017 "نحن الآن لا نعاني من عنف المستوطنين لكننا معزولون بشكل أكبر"

قال خالد لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في أيار/مايو 2017: "أوزع الآن وقتي بين الرفاعية والمجاز، أحد تجمعات مسافر يطا داخل "منطقة إطلاق النار". حاولت أن استقر في الرفاعية بعد سنتين من إجباري على مغادرة صرورة، لكني لم أتمكن من ذلك. أنا معتاد على الحياة الرعوية، والمنزل الذي انتقلنا إليه كان صغيرا جدا بالنسبة لعائلتي الكبيرة. انتقلت إلى المجاز في نهاية المطاف، حيث أملك ما يقرب من 100 دونم من الأرض، ولكن كان عليّ أن أبدأ من الصفر. لم يكن لدي مسكن لعائلتي أو لأغنامي البالغ عددها 400 رأس. واضطررت إلى بناء عدد قليل من الغرف لعائلتي، وبئر ماء كبير وحظيرتين للحيوانات.

تقدمت بطلب للحصول على تصريح بناء لكن الإدارة المدنية رفضته بدعوى أن هذه منطقة إطلاق نار، وأصدرت أوامر هدم لجميع المباني. في آخر جلسة في المحكمة، قبل أسبوعين، رفض القاضي أن يعطينا أمرا إحترازيا، الذي كان يعني مزيدا من الوقت لتقنين المباني قبل هدمها، لكنه طالب الإدارة المدنية بالتوصل إلى اتفاق معنا.

ليس لدينا خيار للحفاظ على طريقتنا الرعوية في الحياة سوى البقاء في المجاز، رغم كل المشاكل. حاولنا العودة إلى صرورة لكن المستوطنين دمروا كهوفنا وسمموا آبار المياه. لكون المجاز أكثر عزلة، فإننا لا نعاني من عنف المستوطنين، لكن تلبية الاحتياجات الأساسية أكثر تكلفة. أضطر لأن أدفع ما يصل إلى 60 شيقل لكل متر مكعب من مياه الصهاريج بسبب سوء حالة الطرق بدلا من 20 شيقل كنت لأدفعها لو كنا في صرورة. ونفس الشيء ينطبق على النقل. يكلف السفر في سيارة أجرة من المجاز إلى يطا، أقرب مدينة، وبالعكس 300 شيقل . ولا يتوفر دائما سائقي سيارات الأجرة مستعدون للقيام بذلك.

أينما ذهبنا، نتعرض للاضطهاد والملاحقة من جانب السلطات الإسرائيلية وأنظمة التخطيط التي تفرضها. إنهم يريدون فقط الأرض دون الشعب. لكن ليس لدينا بديل. ليس لدينا تصاريح للعمل في إسرائيل. نحن لسنا حرفيين وليس لدينا مهن أو تعليم عالي. الرعي والزراعة هي ما نعرفه. هذه طريقتنا في الحياة".

خالد العمور خارج كهفه المدمر في صارورة، أيار/مايو 2017. تصوير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية


[7] في الحالة الأصلية تمت الإشارة إلى خالد العمور بالاسم المستعار محمد.