التجمعات السكانية الفلسطينية في القدس الشرقية الواقعة خلف الجدار

 يفصل الجدار مادياً بعض التجمعات السكانية الفلسطينية في القدس الشرقية عن مركز المدينة، رغم أن هذه المناطق تبقى داخل الحدود البلدية التي أعلنتها إسرائيل، ويحتفظ السكان بوضع الإقامة الدائمة في المدينة. والآن، يحتاج الفلسطينيون الذين يعيشون في تلك المناطق لعبور حواجز للوصول إلى أماكن العمل والحصول على خدمات الصحة، والتعليم وغيرها من الخدمات التي تحق لهم كمقيمين في القدس.

التجمعان السكانيان المتضرران في الأساس هما كفر عقب ومنطقة مخيم شعفاط (والأخيرة تضم مخيم شعفاط، وراس خميس، وراس شحادة ومنطقة ضاحية السلام في بلدة عناتا). وتشمل الجيوب الأصغر الشياح، وقرية قلندية وجزءا من السواحرة الشرقية. والمناطق المتضررة أيضا بير عونة وجزء من الولجة في محافظة بيت لحم، والتي ضمتها إسرائيل داخل حدود بلدية القدس عام 1967 (انظر الخريطة).

ويقدر مجموع عدد سكان هذه المناطق بنحو 160,000 نسمة. على الرغم من أن نسبة سكان القدس الشرقية لحاملي هوية الضفة الغربية غير معروفة أيضا. وتعتبر كفر عقب، بشكل خاص، المكان المفضل للأزواج ذوي "الإقامة المختلطة"؛ فالأزواج الذين يحملون إقامة القدس يمكنهم الاحتفاظ "بمركز حياتهم" ويعيشون مع شركائهم من الضفة الغربية دون الحصول على تصريح للشريك للإقامة في هذه المناطق.

أسست إسرائيل "سلطة تجمّعات محيط القدس" في عام 2015 لتوفير استجابة أفضل للاحتياجات الأساسية والتأكد من أن التجمعات السكانية الفلسطينية التي يفصلها الجدار عن المدينة تستمر في الحصول على الخدمات التي توفرها الدولة والبلدية. "ووعدت الدولة ايضا بتمويل نقل خاص لجميع الطلاب الذين يعيشون خارج الجدار وتأسيس إدارة مجتمعية، وبناء مدارس جديدة واستئجار غرف صفية، وتخصيص خطوط اتصال بلدية مباشرة. وترتيب طرق مرور بديلة لسكان الأحياء ولفرق الإنقاذ في حالة الطوارئ".[i] ولكن، وفقا لجمعية حقوق المواطن في إسرائيل، "بالرغم من قرار حكومي صدر قبل عشر سنوات، وبالرغم من الالتزامات التي قطعتها الحكومة في أعقاب الالتماسات القانونية أمام محكمة العدل العليا، حتى اليوم، لم يتم تحقيق العديد من الضمانات التي اتخذت لسكان هذه الأحياء.[ii]

نقص الخدمات، والمرافق والأمن

بالرغم من أن سكان هذه المناطق يستمرون في دفع الضرائب البلدية، تدهورت البنية التحتية العامة، والموارد والخدمات بشكل كبير أو انعدمت بالكامل. فالطرق غير معبدة وتفتقر للأرصفة، أو الإنارة للشوارع أو ممرات المشاة.[iii] وفي بعض الاحيان، كما هو الحال في حي راس خميس يدفع السكان مقابل صيانة الطرق.[iv] إن شبكات المياه والصرف الصحي تبلغ طاقتها القصوى، وتخفق في مواكبة النمو السكاني.[v] تعاقدت البلدية مع شركات خاصة لتقديم الخدمات الأساسية، بما في ذلك جمع النفايات، استنادا إلى تقدير لعدد السكان أقل من الفعلي، مما يؤدي إلى فجوات كبيرة. وأدى ذلك إلى حرق النفايات بشكل منتظم وإلى مخاطر بيئية أخرى في مخيم شعفاط. [vi]

نادرا ما تدخل الشرطة الاسرائيلية مناطق البلدية الواقعة خلف الجدار إلا "لأسباب أمنية". ولكن، يحظر، بموجب اتفاقيات أوسلو، على السلطة الفلسطينية العمل رسميًا في هذه المناطق، مما يخلق فراغا أمنيا ظهر في زيادة الانفلات الأمني، والجريمة وتهريب المخدرات.[vii] ولا تدخل سيارات الإسعاف الإسرائيلية إلى هذه المناطق، ويطلب من سيارات الإسعاف الفلسطينية التنسيق من أجل نقل المرضى على الحواجز. [viii]

البناء العشوائي

هناك نقص حاد في الإسكان في القدس الشرقية بسبب نظام تخطيط البناء المقيد؛ ويواجه أولئك الذين يبنون بشكل "غير قانوني" خطر الهدم، والتهجير وعقوبات أخرى. ومن المظاهر البارزة في التجمعات السكانية الفلسطينية الواقعة خلف الجدار الزيادة السريعة وغير الرسمية في البناء السكني، وخاصة المباني الشاهقة. والدافع وراء هذا البناء هو غياب القوانين البلدية، وغياب العقوبات والهدم المفروض على الفلسطينيين في بقية المدينة.[ix]

وهذه الظاهرة أكثر وضوحًا في جيبين كبيرين في منطقتي كفر عقب[x] ومخيم شعفاط، ولكن مناطق أصغر مثل الشياح وبير عونه تواجه حاليا ازدهارا مماثلًا في البناء.

 

وأدى الطلب الكبير على المساكن إلى البناء غير المرخص والممارسات الخطيرة: مبانٍ شيدت لا يفصل بينها سوى أمتار دون بنية تحتية كافية للمياه، والمجاري، والصرف الصحي، والكهرباء والطرق. وقام السكان بتركيب كوابل كهرباء هوائية وخطوط مياه مؤقتة في مخيم شعفاط مما زاد من المخاطر الأمنية. وانعدام الرقابة البلدية لضمان معايير الهندسة الأساسية والسلامة واضح بشكل خاص من خلال انعدام التخطيط للطوارئ لمواجهة الزلازل وغيرها من المخاطر.[xi]

 

مباني شاهقة في الشياح٬ صورة بواسطة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية


[i]  عير عميم، "مهجرون في مدينتهم"، صفحة 37.

[iii]  "في كفر عقب، تم تمهيد أربعة كيلومترات فقط من بين 25 كيلومترا من الطرق وبشروط معقولة". عير عميم، "مهجرون في مدينتهم"، صفحة 35. 

http://www.ir-amim.org.il/en/report/displaced-their-own-city-impact-israeli-policy-east-jerusalem-palestinian-neighborhoods-city

 

[iv]  "حي فلسطيني، تتركه القدس، ويعبد طريقه لوحده"، هآرتس، 12 نيسان / أبريل، 2016

http://www.haaretz.com/israel-news/.premium-1.713925

 

[v]  انقطعت المياه في آذار/مارس 2014 عن مخيم شعفاط والمناطق المجاورة لأسابيع. وأوضحت السلطات أن البنية التحتية لم يتم توسيعها لتواكب الارتفاع الحاد في السكان وبنيت غالبية المنازل دون تصاريح. وحكمت محكمة العدل العليا في كانون الثاني/ يناير 2015 أن على السلطات الإسرائيلية تحديث أنابيب المياه الموجودة من أجل زيادة ضغط المياه ويجب عقد لقاءات مع السكان لترتيب دفعات مقابل المياه. عير عميم، "مهجرون في مدينتهم" صفحات 33-34.

[vi]  نفس المصدر. وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مخيم شعفاط هي المسؤولة عن جمع مياه الصرف الصحي، لكن سكان المجتمعات المجاورة يكدسون نفاياتهم في المخيم لتقوم الأونروا بجمعها، مما يثقل كاهل الوكالة. وفي الشياح، تجمع بلدية العيزرية النفايات رغم أنها كانت سابقا ممنوعة من العمل في المنطقة، والتي تقع ضمن اختصاص بلدية القدس.

[vii]  "مخيم للاجئين قرب القدس يصبح ملاذا لتجار المخدرات"، هآرتس، 27 تشرين الثاني / نوفمبر 2011،

http://www.haaretz.com/refugee-camp-near-jerusalem-becomes-173-a-haven-fordrug-dealers-1.396700

 

[viii]  وفقا لبلدية العيزرية، إذا توفي أحد سكان القدس في جيب الشياح، يجب نقل الجثة إلى حاجز معاليه أدوميم حيث يؤكد ضابط صحة إسرائيلي في سيارة إسعاف الوفاة ويصدر شهادة قبل أن تعترف السلطات الإسرائيلية رسميا بالوفاة.

[ix]  بدأت السلطات الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة بهدم بعض المباني في هذه المجتمعات، وآخرها 13 مبنى ذات ارتفاع منخفض في قرية قلنديا في 27 تموز / يوليو.

[x]  واعتبارا من عام 2012، شكل عدد المباني الجديدة التي بدأ البناء فيها في كفر عقب 83 بالمائة من جميع البناء الجديد في كامل مدينة القدس. واعتبارا من مطلع عام 2013، كان ما يقرب من 1,282 وحدة سكنية جديدة على وشك الانتهاء، وكلها في مباني شاهقة. عير عميم "مهجرون في مدينتهم"، ص. 44.

[xi] لم يدخل موظفو قسم التفتيش على البناء كفر عقب منذ عام 2005. نفس المصدر، صفحة 46.