نظرة عامة: أيلول/سبتمبر 2017

ما يزال الوضع الإنساني في قطاع غزة في غاية الخطورة بسبب انقطاع الكهرباء لفترات تتراوح بين 18و20 ساعة يوميًا، وأزمة الرواتب العالقة في القطاع العام والحصار الذي يقيد حركة الأشخاص والبضائع. ولا ينعكس هذا في التراجع على مستوى توافر وجودة الخدمات الأساسية فحسب، بل على مستوى النشاط الاقتصادي أيضًا: فوفق لآخر الإحصائيات، وصل معدل البطالة في غزة خلال الربع الثاني من العام 2017 (نيسان/أبريل-حزيران/يونيو) إلى 44%، حيث ارتفع عما نسبته 41% خلال الربع الأول من العام نفسه. 

تسلط هذه النشرة الضوء على الآثار غير المتناسبة التي تخلّفها هذه الأزمة على 49,000 شخص من ذوي الإعاقة في غزة، بمن فيهم أكثر من 1,100 مصاب خلال الأعمال القتالية التي اندلعت في العام 2014. كما يعاني نحو 5,100 شخص من هؤلاء من مشاكل مزمنة في الجهاز التنفسي، حيث يتعرضون للعديد من المضاعفات الصحية الناجمة عن الانقطاعات في عمل أجهزة الأكسجين وأجهزة التبخير التي تعمل بالطاقة الكهربائية. وقد قلصت المؤسسات التي تقدم العلاج للأشخاص ذوي الإعاقات ساعات عملها للتكيف مع انخفاض تزويد الكهرباء والنقص في الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء الاحتياطية. كما يواجه ذوو الإعاقات الحركية، والذين يعيشون في مبانٍ سكنية، تحديات كبيرة في التنقل من منازلهم وإليها. ولم تعُد غالبية الأسر قادرة على تغطية المصاريف الإضافية، كاستبدال الأجهزة المساعدة، أو شراء اللوازم الخاصة للصحة الشخصية أو تكاليف المواصلات إلى مؤسسات التأهيل للعناية بأقاربهم من ذوي الإعاقة.

وتفاقمت آثار هذه الأزمة وطالت عموم السكان بسبب التراجع الذي طرأ على إمكانية الوصول إلى غزة والخروج منها منذ مطلع العام 2017، حسبما ورد على وجه التفصيل في مقالة أخرى. ومما يثير القلق على نحو خاص تأخُّر وزارة الصحة في رام الله في تقديم المصادقة المالية اللازمة لعلاج المرضى خارج غزة. ومن جانب آخر، شهدت المصادقة على عدد تصاريح الخروج التي تمنحها السلطات الإسرائيلية لهؤلاء المرضى تراجعًا، حيث انخفضت نسبتها إلى 53% في المتوسط خلال العام 2017، وهذا هو العام الخامس الذي يشهد تراجعًا على التوالي عن النسبة التي كانت تبلغ 93% في المتوسط في العام 2012.

وعلى صعيد إيجابي، قد تمهد المستجدات التي حصلت في أواخر شهر أيلول/سبتمبر وبداية شهر تشرين الأول/أكتوبر لإيجاد حل للانقسام الداخلي الفلسطيني. فبموجب مبادرة مصرية، قامت حركة حماس بحل اللجنة الإدارية التي شكّلتها في مطلع هذا العام لإدارة غزة ووافقت على إعادة تسليم غالبية القوى الحكومية لحكومة الوفاق الوطني الفلسطينية. وإذا ما نُفِّذت هذه التدابير بنجاح، فمن الممكن أن تفرِز آثارًا إيجابية على الظروف المعيشية في غزة وأن تضع حدًا للشعور باليأس الذي يحياه سكان القطاع. 

وعلى الرغم من اختلاف الظروف وعدد المواطنين المتضررين، يواجه الفلسطينيون في بعض مناطق الضفة الغربية عقبات خطيرة في الحصول على المأوى والخدمات وسبل العيش، مما يعرض بعضهم لخطر الترحيل القسري.

فهذا هو حال ما يقارب 12,000 فلسطيني يعيشون في الأحياء المجاورة للتجمعات الاستيطانية في مدينة الخليل. وفي هذا الخصوص، تركز هذه النشرة على الآثار التي يخلّفها حاجز وبوابة أقامتهما السلطات الإسرائيلية مؤخراً حول حيّين من هذه الأحياء، وهما حيّا السلايمة وغيث، مما أدى الى عزل ما لا يقل عن 1,800 شخص عن باقي أنحاء المدينة. وفضلًا عن ذلك، أعلنت السلطات الإسرائيلية تشكيل هيئة بلدية مستقلة لإدارة المستوطنات في المدينة، وهو تدبير قد يكون له أثر سلبي على ألفي فلسطيني يقطنون في المنطقة المستهدفة.

ويشكل الفلسطينيون الذين يعيشون في مجتمعات ريفية وتقع كلها في المنطقة (ج) فئة أخرى من الفئات الضعيفة المتضررة من القيود المفروضة على الوصول. ففي شهر آب/أغسطس، وعشية بدء السنة الدراسية الجديدة، صادرت السلطات الإسرائيلية تسعة مبانٍ مخصصة للتعليم وتقدم خدماتها لـ170 طفلًا في ثلاثة من هذه التجمعات بحجة عدم حصولها على تراخيص البناء. وتشير الأدلة المتواترة إلى أن القصور في البنية التحتية اللازمة للمدارس في المنطقة (ج) والعقبات التي تحول دون الوصول إلى المدارس الواقعة خارج هذه المجتمعات أفرزت نطاقًا من الآثار السلبية، التي شملت انتقال الأطفال للعيش بعيدًا عن أهاليهم، وارتفاع معدلات التسرب من المدارس، ولا سيما بين الفتيات.

وفي شهر أيلول/سبتمبر، أطلع مسؤولون إسرائيليون محكمة العدل العليا على خطة لإخلاء تجمّع خان الأحمر البدوي، حيث طالت أوامر الهدم الغالبية العظمى من المباني القائمة في هذا التجمع، بما فيها مدرسة يتعلم فيها 170 طفلًا. وجاء ذلك في أعقاب زيارة مسؤولين إسرائيليين إلى التجمع السكاني، حيث أخبروا سكانه بأنه يجب عليهم الانتقال إلى  موقع مقرر لإعادة توطينهم فيه. ويقع هذا التجمع السكاني ضمن المنطقة (ج)، وتحديداً في المنطقة الاستيطانية الاستراتيجية E1/معاليه أدوميم، شرقي القدس.

وحسب التأكيدات التي ساقها البنك الدولي في تقريره الأخير، من شأن رفع القيود الإسرائيلية المفروضة على استخدام الأراضي في المنطقة (ج) أن يفضي إلى تحسين الوضع الإنساني في التجمعات السكانية الريفية الصغيرة وأن يفسح المجال أمام فرص تنموية كبيرة لسكان الضفة الغربية بعمومهم.