أزمة السلطة الفلسطينية المالية تقوض الخدمات وسبل العيش في الضفة الغربية

موظفو القطاع العام يحصلون فقط على جزء من رواتبهم للشهر الثالث على التوالي

في 24 شباط/فبراير، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها ستحجب تحويل عائدات الضرائب التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية للشهر الثالث على التوالي ردا على انضمام الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية. وهذا يرفع المبلغ الإجمالي المحتجز لأكثر من 400 مليون دولار أمريكي. وأشار وزير المالية الفلسطيني إلى أن الإيرادات الضريبية تمثل نحو 70 بالمائة من ميزانية السلطة الفلسطينية.

وكإجراء مؤقت، اقترضت السلطة الفلسطينية الأموال من المصارف الخاصة لدفع جزء من رواتب موظفي الخدمة المدنية لكل شهر من الشهور الثلاثة الماضية. أولئك الذين يتقاضون ما يصل إلى 2,000 شيقل يتلقون رواتبهم كاملة، في حين أن الذين يتقاضون مرتبات أكبر يتلقون 60 بالمائة فقط، ولكن بما لا يقل عن 2,000 شيقل. وقلصت السلطة الفلسطينية أيضا بشكل كبير النفقات الأخرى، لاسيما الخدمات.

وهذا يترك تأثيرا سلبيا على الاقتصاد الفلسطيني، الذي انكمش بالفعل في عام 2014 لأول مرة منذ عام 2006، وفقا لصندوق النقد الدولي.[i] يسبب ذلك الضغط على السلطة الفلسطينية في ذات الوقت حين يكون لتقليص الإنفاق تأثير سلبي على قيامها بوظائفها الأساسية، بما في ذلك حفظ القانون والنظام.

قامت شركة الكهرباء الإسرائيلية، والتي هي المزود الوحيد للكهرباء إلى الضفة الغربية، بقطع الكهرباء لساعات قليلة عن بعض المراكز الحضرية بسبب ديون السلطة الفلسطينية، التي تطالب بها الشركة والتي تبلغ حوالي 500 مليون دولار أمريكي. ووفقا لتقارير إعلامية، توصلت شركة الكهرباء الإسرائيلية في 26 شباط/فبراير إلى اتفاق مع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على اقتطاع حوالي 75 مليون دولار أمريكي من عائدات الضرائب الخاصة بالسلطة الفلسطينية المحتجزة من أجل دفع ثمن الكهرباء للأشهر الثلاثة الماضية في الضفة الغربية.

تتفاقم الأزمة بشكل متزايد بتزامنها مع الحكم الذي أصدرته محكمة فدرالية (اتحادية) أمريكية يوم 23 شباط/فبراير يقضي بأن تدفع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية ما يصل إلى 650 مليون دولار أمريكي تعويضاً لضحايا أمريكيين ولأسرهم بسبب هجمات مسلحين فلسطينيين بين عامي 2002 و2004.[ii]

في كلمته الافتتاحية أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في الرابع من آذار/مارس، وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس احتجاز إسرائيل لعائدات الضرائب الفلسطينية بأنها "قرصنة"، وقال إن إسرائيل مدينة للفلسطينيين بنحو 450 مليون دولار أمريكي هي حصيلة الضرائب، والتأمين الصحي ومساهمات التقاعد التي يدفعها الفلسطينيون العاملون في إسرائيل.

وأعلن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية في تقرير موجز قدمه لمجلس الأمن يوم 18 شباط/فبراير 2014: "أن الإجراء الإسرائيلي يشكل انتهاكا لالتزاماتها بموجب بروتوكول باريس المنبثق عن اتفاقيات أوسلو، ونحن، من جديد، ندعو إلى التراجع الفوري عن هذا القرار".

"انخفضت مبيعاتي بنسبة 50 بالمائة في الشهر الماضي. انظر إلى الشوارع، إنها فارغة. معظم الناس يعتمدون بشكل أساسي على الرواتب. يمكن أن تجد موظفين في الحكومة لا يستطيعون تحمل تكلفة المواصلات من قراهم إلى رام الله. الناس يمكنهم فقط شراء المواد الأساسية: الخبز، والطعام، والماء والكهرباء. عدد الناس الذين يشترون عن طريق بطاقات الائتمان يتزايد؛ إذا استمر هذا الوضع، لا يمكنني الاستمرار في بيع السلع... بدون رواتب السلطة الفلسطينية، ليس هناك اقتصاد في الضفة الغربية."

أبو إيهاب (54 سنة)، مالك لمتجر في مركز مدينة رام الله

مدير في مدرسة قرية قرب نابلس

"لدي عشرة أطفال، وأعمل في وزارة التربية والتعليم منذ 26 عاماً براتب يبلغ حوالي حوالي 4,000 شيقل. أزمة الرواتب مذلة لجميع موظفي السلطة الفلسطينية. أنها تؤثر على أداء المعلمين وقدرتهم على التعامل مع الطلاب بشكل ملائم. بعض المعلمين يأتون إلى المدرسة بواسطة وسائل النقل العام دينا وأحيانا يغيبون دون إشعار أو ينهون الفصول قبل الوقت المحدد. الطلاب يلاحظون الوضع الصعب ويتأثرون بذلك أيضا. كان علي أن أجد عملا إضافيا لتغطية احتياجات أسرتي، لكنني أشعر بالحرج أن يراني طلابي والمعلمون أعمل خارج المدرسة".

عدنان حسين

مدير في مدرسة قرية قرب نابلس


[i]  بيان صدر في ختام زيارة بعثة صندوق النقد الدولي إلى الضفة الغربية وقطاع غزة. بيان صحفي، كانون الثاني/ يناير 2015.

[ii] أنظر على سبيل المثال، صحيفة الواشنطن بوست، "الفلسطينيون يتعهدون باستئناف حكم الولايات المتحدة الذي يحمل منظمة التحرير الفلسطينية المسؤولية عن هجمات إرهابية"، 24 شباط/فبراير 2015.