نظرة عامة: أيار/مايو 2015

المساءلة بشأن الانتهاكات القانون الدولي: أولوية حيوية

كان الدمار الذي حلّ بالمناطق السكنية في أنحاء قطاع غزة والتهجير الجماعي الناجم عنه خلال الأعمال القتالية في صيف عام 2014 لا مثيل له.  وتشير أحدث الأرقام التي بينتها تقييمات الأضرار التي أجرتها الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 12,500 وحدة سكنية في أنحاء قطاع غزة دمرت بالكامل وما يقرب من 6,500 وحدة لحقت بها أضرار جسيمة. وتضرر ما يقرب من 150,000 وحدة أخرى إلى حد ما، ولكنها لا تزال صالحة للسكن.

ونظراً لبطء مسار عملية إعادة الإعمار، لا يزال حوالي 100,000 شخص مهجرين ويقيمون حالياً لدى أسر مضيفة، أو في شقق مستأجرة، أو في وحدات جاهزة، أو في خيام وملاجئ مؤقتة، أو بين أنقاض منازلهم السابقة. وتستمر أوضاعهم المعيشية تثير سلسلة من المخاوف المتعلقة بالحماية، بما في ذلك الاكتظاظ، والوصول المحدود إلى الخدمات الأساسية، وانعدام الخصوصية، والتوترات مع التجمّعات المضيفة، والمخاطر الناجمة عن الذخائر غير المنفجرة، والتعرض لظروف الطقس القاسية. وقد أدى ذلك إلى تفاقم حالة الضعف لبعض الفئات، بما في ذلك الأشخاص ذوو الإعاقة، وهو مصدر قلق بارز في هذا العدد من نشرة الشؤون الإنسانية.

في أواخر حزيران/يونيو، أصدرت اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق التي عينها مجلس حقوق الإنسان للتحقيق فيما يشتبه بأنه انتهاكات للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان في سياق أحداث صيف 2014 في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الضفة الغربية، وإسرائيل، تقريرها. وقد نسبت اللجنة الحجم الهائل لتدمير المنازل في قطاع غزة إلى ممارسات مختلفة تم اتباعها خلال الأعمال القتالية، بما في ذلك سياسة إسرائيل في استهداف المباني السكنية بالضربات الجوية؛ واستخدام إسرائيل للقصف المدفعي للأحياء السكنية؛ وشن الفصائل الفلسطينية المسلحة هجمات بالقرب مناطق مكتظة بالسكان أو من داخلها. ووجدت اللجنة في حوادث متعددة تتعلق بهذه الممارسات، أدلة موثوق بها على انتهاكات لمبادئ التمييز والتناسب والتحذير من الهجمات بموجب القانون الدولي الإنساني، ويمكن أن تشكل هذه الانتهاكات جرائم حرب.

أدت الأعمال القتالية أيضا إلى أضرار جسيمة في الممتلكات الزراعية. ويعتبر تجمّع أم الناصر البدوي، الواقع في المنطقة المقيد الوصول إليها بالقرب من السياج الحدودي في غزة، واحداً من هذه التجمّعات التي تضررت. وبالرغم من الحجم الكبير للضرر والقيود المستمرة على الوصول، فقد مكّن الدعم الذي تقدمه الوكالات الإنسانية والإنمائية والجهات المانحة المزارعين المحليين من استكمال موسم حصاد ناجح لفصل الربيع.

إن تدمير الممتلكات المدنية وتهجير الناس، رغم أنه في سياق ونطاق مختلف، تبقى مخاوف مستمرة في الضفة الغربية. وكان هناك انخفاض، للشهر الثاني على التوالي في عدد المباني الفلسطينية التي هدمتها السلطات الإسرائيلية أو قامت بتفكيكها في المنطقة (ج) والقدس الشرقية بحجة عدم حصولها على تراخيص للبناء. غير أنّ الجيش الإسرائيلي استأنف التدريبات العسكرية في شمال غور الأردن خلال شهر أيار/مايو، مما أدى إلى تهجير مؤقت لأربعة تجمّعات رعوية تقع في "مناطق إطلاق نار" التي تبلغ مساحتها ما يقرب من 18 بالمائة من الضفة الغربية. يعطل هذا النوع من التهجير سبل العيش في التجمّع، وينشر الخوف بين الأطفال ويعيق الوصول إلى المدارس. وتعرضت بعض التجمّعات المحلية في هذه المنطقة للتهجير المؤقت أكثر من 20 مرة منذ عام 2012.

حثت اللجنة المستقلة جميع الأطراف المعنية "على اتخاذ خطوات فورية لضمان المساءلة، بما في ذلك الحق في الحصول على إجراءات قانونية فعالة للضحايا". ولكن، أشار التقرير أيضا إلى أن "الاستمرار في عدم تنفيذ التوصيات - التي وضعتها لجان التحقيق السابقة، وبعثات تقصي الحقائق، وهيئات معاهدات الأمم المتحدة والإجراءات الخاصة وهيئات الأمم المتحدة الأخرى، وخاصة الأمين العام ومفوضية حقوق الإنسان – هي السبب الأساسي للتكرار المنهجي للانتهاكات في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة".

عام بعد الأعمال القتالية عام 2014

شهد قطاع غزة في الفترة بين 7 تموز/يوليو و 26 آب/أغسطس أعنف تصعيد في العمليات الحربية منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي عام 1967. ووفقاً لمجموعة الحماية، قتل ما مجموعه 2,251 فلسطينياً، من بينهم 1,462 مدنياً. وتم تهجير حوالي نصف مليون شخص في ذروة الأعمال القتالية، وبقي حوالي 100,000 شخص بلا مأوى. وأصيبت البنية التحتية العامة، بما في ذلك المرافق التعليمية والصحية، ومرافق المياه والصرف الصحي، بأضرار جسيمة. وبعد حوالي سنة واحدة، سيصدر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية سلسلة من المقالات في النشرة الإنسانية لتسليط الضوء على الأثار الإنسانية المستمرة.