مبنى قيد البناء لإسكان النازحين ؛ بيت حانون ,صورة بواسطة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، تشرين الأول/أكتوبر 2015
مبنى قيد البناء لإسكان النازحين ؛ بيت حانون ,صورة بواسطة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، تشرين الأول/أكتوبر 2015

الانقسام الداخلي الفلسطيني يستمر في التأثير على تقديم الخدمات الأساسية في قطاع غزة

لم يتلق موظفو القطاع العام الذين تم توظيفهم بعد عام 2007 رواتبهم منذ الـ 18 شهرا الماضية

يستمر الانقسام طويل الأمد بين السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة في إعاقة تقديم الخدمات الأساسية في غزة. وبالرغم من تشكيل حكومة الوفاق الوطني في نيسان/أبريل 2014، كانت حكومة الوفاق الوطني عاجزة عن تحمل مسؤولياتها الكاملة في غزة بسبب عدم الاتفاق على القضايا الرئيسية المتعلقة بنقل الصلاحيات.

أدى عدم وجود سلطة وقنوات اتصال واضحة بين المؤسسات الحكومية في قطاع غزة ونظرائها في الضفة الغربية إلى ازدواجية في المهام وثغرات في الإدارة وأوامر إدارية متناقضة إلى حد ما. وعلاوة على ذلك، يبدو أن هناك انخفاضاً حاداً في تخصيص الأموال اللازمة لجميع الهيئات الحكومية في غزة منذ تشكيل حكومة الوفاق الوطني، مما يعيق إنجاز الوظائف الأساسية ويمنع دفع الرواتب لموظفي القطاع العام الذين عينتهم سلطة حركة حماس السابقة القائمة بحكم الأمر الواقع. وقد أدى هذا إلى زيادة التغيب عن العمل.

في أعقاب سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في عام 2007، اضطر الآلاف من موظفي الخدمة المدنية وموظفي الأمن (67,000) إلى التوقف عن العمل إما لأن السلطة الفلسطينية في رام الله أجبرتهم على ذلك، أو لأن السلطات الجديدة القائمة بحكم الأمر الواقع (أي حماس) فصلتهم عن العمل. ورغم أن بعض هؤلاء الموظفين عادوا إلى العمل (9,000 في الصحة والتعليم بشكل أساسي)، إلا أن 51,000 موظف آخرين لا تزال تدفع لهم السلطة الفلسطينية لم يعودوا إلى العمل. ولسد الفجوة، عينت السلطات القائمة بحكم الأمر الواقع في غزة تدريجيا نحو 42,000 موظف جديد،  بما في ذلك حوالي 24,000 في القطاع الاجتماعي وحده. ولكن، منذ منتصف عام 2013، كانت قدرة سلطات الأمر الواقع على دفع رواتب الموظفين الجدد مقيدة بشدة نظرا لإغلاق أنفاق التهريب بين قطاع غزة ومصر، والتي كانت مصدراً رئيسياً للدخل.

قوضت هذه العوامل قدرة المؤسسات العامة على تقديم الخدمات الأساسية بشدة، بما في ذلك في مجالات مثل الإسكان، والصحة، والتعليم، والمياه والصرف الصحي وإمدادات الكهرباء. وكان لعدم دفع الرواتب لأولئك الذين وظفتهم سلطات غزة منذ عام 2007 تأثيرا مباشرا على الأحوال المعيشية لهذه الأسر.

وكان للفجوات في التمويل والقدرة تأثير سلبي أيضا على المؤسسات الوطنية وعلى مستوى الاستعداد للاستجابة لحالات الطوارئ، مع تداعيات خاصة للوكالات الإنسانية العاملة في قطاع غزة. وفيما يلي بعض من المخاوف الرئيسية ذات الصلة:

أول المستجيبين: تأثرت جميع المؤسسات التي تقدم المساعدات العاجلة في حالات الطوارئ، وخاصة الكوارث الطبيعية أو الأعمال القتالية، سلباً جراء الانقسام الداخلي. ولكن، بسبب دوره المحوري في حالات الطوارئ، كان التأثير على الدفاع المدني الفلسطيني ضاراً بشكل خاص. منذ تأسيسه في عام 2014، لم تقدم حكومة الوفاق الوطني أي دعم مالي أو إداري أو لوجستي، بما في ذلك إمدادات الوقود لتشغيل مرافق ومعدات الطوارئ. وفي الوقت الحالي، يتم تغطية 60 بالمائة فقط من احتياجات الدفاع المدني الفلسطيني من الوقود من المخصصات التي تقدمها السلطات في غزة. وتترافق الفجوات الكبيرة في التمويل والقدرة مع القيود الإسرائيلية المفروضة على استيراد المواد والمعدات والمركبات (انظر القسم أدناه بشأن الاستعداد للفيضانات) والأضرار التي لحقت بمحطات العمل والمعدات الخاصة بالدفاع المدني الفلسطيني خلال الصراعات المسلحة الثلاثة السابقة. ولأن الدفاع المدني الفلسطيني يعمل بمعدات مؤهلة جزئيا فقط، فإن قدرته الحالية تقدر بأقل من 45 بالمائة من قدرته الكاملة المحتملة.

تقديم المساعدات الإنسانية: قوض الانقسام الداخلي سلسلة من المشاركات الاستراتيجية بين العاملين في المجال الإنساني والوزارات المختصة، وبشكل مباشر على تقديم المساعدات الإنسانية. على سبيل المثال، كانت وزارة الشؤون الاجتماعية تقليدياً واحدة من أهم الشركاء للوكالات الإنسانية في مجالات تقديم المساعدات الطارئة للنازحين ، والمساعدات الغذائية والنقدية وحماية الطفل. تعاني الوزارة من قيود كبيرة على التمويل والقدرة، بما في ذلك عدم القدرة على نقل العاملين الميدانيين للمتابعة المنتظمة، وتحديد المستفيد أو في حالة الطوارئ بسبب أزمة الرواتب والفجوات اللوجستية.

إمدادات الطاقة: إن تشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة يتعرض للإعاقة بشكل دائم بسبب عدم وجود الأموال اللازمة لشراء الوقود. وتواجه السلطات في غزة مشاكل في تحصيل دفعات الكهرباء من المشتركين بسببب الظروف الاقتصادية الاجتماعية الصعبة، وتتفاقم هذه الأوضاع بسبب النزاع منذ فترة طويلة بين غزة ورام الله على ضرائب الوقود الذي يتم شراؤه لمحطة توليد كهرباء غزة. وفي حين منحت وزارة المالية في الضفة الغربية بانتظام إعفاء ضريبيا، فإن هذه القضية لابد من التفاوض بشأنها بشكل مستمر، وكانت هناك فترات لم يطبق فيها هذا الاستثناء، وبالتالي انخفض حجم الوقود التي يمكن شراؤه. إن نقص الوقود المتكرر ناتج عن مجموعة من العوامل، بما فيها الانقسام الداخلي، والذي جعل محطة كهرباء غزة غير قادرة على العمل بكامل طاقتها. وفي بعض المناسبات اضطرت للإغلاق تماما، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 18 ساعة يومياً. يُطلب من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ووكالة أونروا التنسيق وتوزيع الوقود في حالات الطوارئ لضمان تشغيل 130 مرفقاً حيوياً توفر الصحة والمياه والخدمات البلدية بشكل مستمر، وبشكل أساسي، من خلال مولدات احتياطية. منذ كانون الأول/ديسمبر 2013، تم تقديم تسعة ملايين لتر على الأقل من الوقود في هذا السياق.