أول صادرات من غزة إلى إسرائيل منذ عام 2007

ازدادت حركة النقل إلى الضفة الغربية أيضاً. وعلى الرغم من أن ذلك موضع ترحيب، لم يكن لهذه التطورات تأثير فوري كبير على اقتصاد غزة الذي لا يزال يكافح للتعافي من الأعمال القتالية في تموز/يوليو وآب/أغسطس.

خرجت في آذار/مارس أول صادرات للمنتجات الزراعية من قطاع غزة إلى إسرائيل منذ فرض الحصار في حزيران/يونيو 2007.[i] ويأتي ذلك بعد استئناف جزئي للنقل التجاري للمنتجات الزراعية،[ii] والأثاث والملابس من قطاع غزة إلى الضفة الغربية في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، عندما خففت إسرائيل القيود في أعقاب وقف إطلاق النار الذي أنهى الأعمال القتالية التي استمرت في تموز/يوليو- آب/أغسطس 2014. وفي الربع الأول من العام 2015، غادر ما يقرب من 234 شاحنة محملة بالمنتجات الزراعية، والأثاث والملابس غزة إلى الأسواق الإسرائيلية، والدولية وأسواق الضفة الغربية، وهو ما يتجاوز بالفعل 228 شاحنة محملة سجلت خلال عام  2014 ككل.

على الرغم من التطور الإيجابي، يمثل هذا فقط جزءاً بسيطاً من أكثر من 5,700 شاحنة محملة من نطاق أوسع من الصادرات التي خرجت من غزة إلى إسرائيل والضفة الغربية والعالم الخارجي في النصف الأول من عام 2007 قبل فرض الحصار.

لعبت الصادرات الزراعية تقليدياً دوراً هاماً في اقتصاد غزة، حيث بلغ متوسط دخلها 15,6 مليون دولار أمريكي سنوياً في الفترة من 1996 إلى 2007. ما يقرب من 77 بالمائة من هذه الصادرات كانت إلى إسرائيل. وقبل حزيران/يونيو 2007، تم تسويق 90 بالمائة من الملابس، و 76 بالمائة من الأثاث، و 20 بالمائة من المنتجات الغذائية خارج غزة، وصُدِّرت أساساً إلى إسرائيل أو تم نقلها إلى الضفة الغربية. وفي عام 2005، شغّل قطاع الأثاث في غزة أكثر من 5,500 عامل وأنتج مبيعات قيمتها 55 مليون دولار أمريكي ، وما يقرب من 50 بالمائة من هذا ناتج عن الصادرات إلى إسرائيل والخارج أو عمليات النقل إلى الضفة الغربية. وحتى عام 2007، شغّل قطاع الغزل والنسيج 25,000 عامل ، معظمهم من النساء.[iii]

في أعقاب سيطرة حماس على قطاع غزة في حزيران/يونيو 2007، منعت إسرائيل الصادرات من غزة إلى الأسواق[iv] وقيدت بشكل كبير حركة النقل إلى الضفة الغربية. حددت إسرائيل الإذن بالتصدير من غزة إلى ثلاث دول بحيث تمر عبر أراضيها وتم تصدير كمية ضئيلة من المحاصيل التجارية من غزة إلى أوروبا كجزء من اتفاق مع الحكومة الهولندية. لم يكن مسموحا لأول صادرات غير زراعية إلى العالم الخارجي حتى عام 2012 - وتألفت من شاحنة واحدة كعينة لكل من الأثاث والملابس الجاهزة. واستؤنفت أول عمليات النقل من قطاع غزة إلى الضفة الغربية أيضا في عام 2012 – ألواح التمر المنتجة محليا لبرنامج الأغذية العالمي وبرنامج التغذية المدرسية ­- مع ما يقرب من 60 شاحنة محملة في المجمل لعامي 2012 و2013.

هذا الحد الأدنى من المخارج للبضائع فعل القليل لتنشيط قطاع التصدير الضعيف في غزة، والذي بلغت فيه القيمة السنوية للصادرات الزراعية 1,2 مليون دولار فقط في المتوسط من عام 2010 إلى عام 2014. وانخفضت حصة قطاعي الصناعة والزراعة في الناتج المحلي الإجمالي لغزة من 21 بالمائة و10 بالمائة في عام 1994 إلى 10 بالمائة وستة بالمائة فقط على التوالي بحلول عام 2013، "جزئيا بسبب انهيار الصادرات في أعقاب القيود على حركة السلع والأشخاص."[v] وفي السنوات التي تلت عام 2007، أصبحت غزة معتمدة إلى حد كبير على شبكة أنفاق التهريب غير الشرعية تحت الحدود مع مصر، والتي وفرت كل السلع تقريبا، بما في ذلك، وحتى منتصف عام 2013، معظم مواد البناء لقطاع البناء، وهو واحد من عدد قليل من المنافذ في الاقتصاد الكاسد ، والذي يوظف نحو 24,000 شخص ، أي ما يقرب من 10 بالمائة من القوة العاملة.

يتزامن استئناف الصادرات إلى إسرائيل في آذار/مارس مع دورة الشميتا التي تتكرر كل سبع سنوات عندما يجب أن تظل الأرض الزراعية في إسرائيل بورا وفقا للتقاليد اليهودية، وتزداد الصادرات من غزة إلى إسرائيل تقليديا لتلبية احتياجات السكان الملتزمين دينيا. وحتى الآن، اقتصرت الصادرات الزراعية إلى إسرائيل على الطماطم والباذنجان؛ تم تصدير 16 شاحنة محملة تبلغ قيمتها حوالي 150,000 دولار أمريكي في آذار/مارس. تبلغ الحصة الحالية بالحد الأقصى للصادرات من غزة إلى إسرائيل 250 طناً من الطماطم و 55 طناً من الباذنجان في الأسبوع، رغم أنه من المتوقع أن تتم الموافقة على مجموعة متنوعة أكثر من الخضار قريبا.

وافقت إسرائيل أيضا على واردات من الدعائم الأساسية الأخرى اقتصاد التصدير في غزة: الأثاث والملابس. وفقاً لمكتب ممثل اللجنة الرباعية، الذي عقد مسؤولوه اجتماعات في الأشهر الأخيرة مع المشترين الإسرائيليين والمصنعين في غزة واتحاد الصناعيين في إسرائيل، وكلا الجانبين كانا إيجابيين بشأن استئناف العلاقات التجارية، حتى بعد ما يقرب من ثماني سنوات من الانقطاع. ولكن، توقف التقدم في الوقت الحالي بسبب خلافات حول متطلبات فاتورة ضريبة القيمة المضافة لصادرات الأثاث والملابس إلى إسرائيل؛ الزراعة معفاة من ضريبة القيمة المضافة، وبالتالي استمرت صادرات الطماطم والباذنجان إلى إسرائيل. ولتفاقم المشاكل، أبلغ مسؤولو التنسيق الإسرائيلي مؤخرا نظرائهم الفلسطينيين أن الألواح الخشبية التي يزيد سمكها عن خمسة سنتيمترات ويزيد عرضها عن 20-25 سنتيمتراً ممنوعة من الدخول إلى غزة للقطاع الخاص حتى إشعار آخر، بسبب ما ورد  بأن الجماعات المسلحة تستخدمها في بناء الأنفاق.[vi]

سيعتمد استئناف تصدير الأثاث والملابس إلى إسرائيل على إعادة تدريب الموظفين وإعادة بناء الآلات. وربما سيكون تأثير ذلك على اقتصاد غزة ككل محدوداً للغاية مع الأخذ بعين الاعتبار الصدمات التي عانى قطاع غزة في السنوات الأخيرة، تدمير شبكة أنفاق التهريب غير الشرعية تحت الحدود مع مصر منذ منتصف عام 2013، والدمار الهائل الذي نتج عن الأعمال القتالية في تموز/يوليو – وآب/أغسطس عام 2014. أكثر من 30,000 وظيفة في قطاع البناء فقدت في غزة في النصف الأول من العام 2014 بعد تدمير الأنفاق والقيود المستمرة منذ فترة طويلة على استيراد مواد البناء؛ ووقف معدل البطالة العام في غزة عند 42,8 بالمائة في نهاية عام 2014.[vii] ونتيجة للأعمال القتالية في تموز/يوليو تموز وآب/أغسطس، انخفض الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة بنسبة 28,4 بالمائة عن الربع الثاني من عام 2014 وبنسبة 31,8 بالمائة على اساس سنوى.[viii]

 

كيف يمكنني المنافسة في أسواق الضفة الغربية؟

العاملين في شركة سوسي الأثاث. صور من برنامج الأغذية العالمي

اسمي مجاهد السوسي وأنا المدير العام لشركة السوسي للأثاث في جباليا، شمال قطاع غزة. اعتادت شركتنا على تصدير منتجاتنا إلى الأسواق الإسرائيلية وأسواق الضفة الغربية. وقبل الحصار في عام 2007، عمل حوالي 150 من العمال المهرة في شركتنا، وقمنا بتصدير ما بين 25 و30 حمولة شاحنة في كل شهر.

الحصار حصر منتجاتنا في أسواق غزة، والتي يمكنها أن تستوعب فقط خمسة بالمائة من إنتاجنا، ويتطلب ذلك 25 عاملاً فقط في موسم الصيف و15 عاملا في فصل الشتاء. في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، سمحت إسرائيل لنا بنقل البضائع إلى الضفة الغربية للمرة الأولى منذ عام 2007. ولكن الـ 40-50 حمولة شاحنة التي نقلناها منذ ذلك الحين لا تزال منخفضة مقارنة مع 25-30 شاحنة شهريا في الماضي.

إننا نواجه تحديات أخرى في نقل الأثاث. يجب أن يكون ارتفاع شحناتنا متراً واحداً فقط، وهناك تكاليف لوجستية باهظة بسبب جميع عمليات التحميل والتفريغ لأسباب أمنية. ومشكلة أخرى، وهي أنه لا يسمح لنا بالتواجد على المعبر بأنفسنا. والآن، نحن نشعر بالصدمة لأن إسرائيل منعت دخول ألواح خشبية بعرض يزيد عن خمسة سنتيمترات وأعلى من 25 سنتيمتراً. كيف يمكنني المنافسة في أسواق الضفة الغربية مع كل هذه التكاليف والمشاكل الإضافية؟

وفقا للتجار والمزارعين في غزة، هناك عدد من الإجراءات الفورية التي يمكن أن تتخذها السلطات الإسرائيلية، وتحديدا فيما يتعلق بالصادرات الزراعية وعمليات النقل، والتي سيكون لها تأثير كبير على اقتصاد غزة:

  • السماح بالتجارة إلى الضفة الغربية عبر معابر إضافية وفي جميع أيام العمل، خلافا لنظام المناوبة الحالي في أيام الأحد والثلاثاء والخميس؛
  • زيادة ارتفاع أحمال البضائع إلى 1,6 متر كخطوة باتجاه المعايير الدولية التي تبلغ 1,9 متر؛
  • تقليص وقت الانتظار وتوفير مناطق مظللة في المعابر؛
  • تقليص عدد المنصات لكل تاجر والتي تحتاج إلى مراجعة أمنية؛
  • السماح باستخدام الحاويات في كيرم شالوم؛
  • تطبيق القواعد التي تطبق على الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي على السلع المتوجهة إلى الضفة الغربية.

بالإضافة إلى ذلك، إن رفع القيود المفروضة سواء على نوعية أو كمية الصادرات إلى إسرائيل لتلبية الطلب الإضافي لسنة الشميتا يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على اقتصاد غزة وعلى وسائل الرزق الزراعية. وسيحسن ذلك شروط التجارة للمزارعين في غزة ويشجعهم على زراعة مساحات واسعة من أجل هذا السوق. ومن شأنه أيضا أن يقلل من التأثير السلبي على المستهلكين في الضفة الغربية، لأن زيادة الصادرات إلى إسرائيل تؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات المحلية والتي ستكون متوازنة مع إنتاج غزة. ولكن في نهاية المطاف، فإن الاقتصاد في غزة سيتعافى فقط من خلال الرفع الكامل للحصار وحرية التنقل للأشخاص والبضائع.

تخفيف القيود المفروضة على وصول حملة هوية الضفة الغربية الفلسطينية

أعلنت السلطات الإسرائيلية، يوم 12 آذار/مارس، أن دخول الرجال والنساء الذين يحملون بطاقات هوية الضفة الغربية، والذين تزيد أعمارهم عن 55 عاماً و50 عاماً على التوالي، إلى القدس الشرقية وإسرائيل مسموحاً دون تصريح على أساس يومي عبر نقاط التفتيش التي تسيطر عليها إسرائيل بعد الساعة 08:00. لم يتم تحديد طول الفترة الزمنية لبقائهم في القدس الشرقية وإسرائيل. ودخل هذا الإجراء حيز التنفيذ بعد أيام قليلة من إعلانه.

استنادا إلى أرقام السكان التي نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، سبعة بالمائة من السكان الذكور في الضفة الغربية (98,865 من أصل 1,44 مليون) و11 بالمائة من الإناث (159,344 من أصل 1,39 مليون) يقعون ضمن هذه الفئة العمرية.

في حين أن هذا بالتأكيد تطور إيجابي، من الصعب تقييم تأثيره الدقيق على الظروف الاجتماعية والاقتصادية والصحية للفلسطينيين في الوقت الحاضر. أجرى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية مقابلات مع مارة من الفئة العمرية ذات الصلة الذين يعبرون إلى القدس الشرقية من خلال المعبرين الرئيسيين في قلنديا وجيلو. وفقا للإعلان الجديد، ورغم أن حاملي هوية الضفة الغربية من هذه الفئة العمرية عليهم إبراز بطاقات الهوية الخاصة بهم للعبور فقط، إلا أنه تم منع اثنين من النساء تتراوح أعمارهما حول عمر الستين من المرور في حادثين منفصلين لأسباب غير واضحة لهما.

وأفاد الجزء الأكبر من الذين تمت مقابلتهم أنهم كانوا في طريقهم لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى. وأشار بعضهم إلى أنهم لم يستطيعوا الصلاة هناك منذ شهر رمضان الماضي، أو لفترات أطول، حيث كانوا مطالبين بالتقدم بطلب للحصول على تصريح. وكان زوج وزوجته عمرهما نحو 60 عاما، في قلنديا، متحمسين لزيارة المسجد الأقصى للمرة الأولى منذ عشر سنوات.

وأشار آخرون أجريت مقابلات معهم إلى أنهم كانوا يسعون للعلاج. في مقابلتين منفصلتين، كشف اثنان من المرضى، رجل عمره 59 عاماً و امرأة عمرها 65 عاماً، أنهما كانا في طريقهما للعلاج في مستشفيات القدس الشرقية للمرة الأولى منذ سنوات. رجل آخر يزيد عمره عن 60 عاماً، قال إنه كان يعبر المعبر للمرة الأولى منذ عدة سنوات للحصول على الدواء من مستشفى القدس الشرقية لابنه المريض.

في حالتين، أفراد كانوا يحملون تصاريح لم يطلب منهم إظهارها في معبر جيلو: امرأة عمرها 51 عاماً تحمل تصريح عمل، قالت إنها تأمل في تجنب الإجراءات المطولة المتعلقة بالتقدم بطلب للحصول على تصريح في المستقبل، وزوجان مسيحيان مسنان حصلا على تصاريح لزيارة عائلاتهما في القدس الشرقية خلال عطلة عيد الفصح قبل الإعلان الجديد.

 

 

[i]  وفقا لمنسق أنشطة الحكومة في المناطق يمثل هذا برنامجا "رائدا" يمكن توسيعه في المستقبل القريب.

[ii]  شمل هذا الخضروات، والفراولة، والتمور والأسماك. أوقفت إسرائيل نقل الفراولة في كانون الثاني / يناير 2015 عندما تبين أن بعض الفراولة قد تم تهريبها إلى الأسواق الإسرائيلية من الضفة الغربية.

[iii]  جيشا - المركز القانوني لحرية الحركة: انقسام مكلف: الانعكاسات الاقتصادية لفصل غزة عن الضفة الغربية، فبراير 2015، صفحة 16-17

.http: //gisha.org/UserFiles/File/publications/a_costly_divide/a_costly_ divide_en -web.pdf

[iv]  من حزيران / يونيو 2007 حتى استئناف الصادرات إلى إسرائيل في آذار / مارس عام 2015، كان الاستثناء الوحيد ثلاث شاحنات محملة بسعف صُدرت إلى إسرائيل من أجل عيد العرش اليهودي (سكوت).

[v]  النشرة الاقتصادية الفلسطينية: قضية خاصة، كانون الأول / ديسمبر 2014: إعادة إعمار غزة، http://www.portlandtrust. org/sites/default/files/peb/tpt_special_-_issue_99_december_2014.pdf

[vi]  هذه المعلومات نقلتها جغشا.

[vii]  بورتلاند ترست، النشرة النشرة الاقتصادية الفلسطينية، شباط / فبراير 2015. التوظيف المتعلق بالبناء بلغ سبعة بالمائة من العمالة في الربع الثالث من عام 2013، لكنه انخفض إلى 1,3 بالمائة فقط في الربع الثالث من عام 2014 وانتعش بشكل هامشي إلى 1,8 بالمائة في الربع الرابع من عام 2014. http://www.portlandtrust.org/sites/ default/files/peb/tpt_bulletin_-_issue_101_-_february_2015_0.pdf

[viii]  المصدر نفسه.