نحو 540 مليون دولار المبلغ المطلوب للإستجابة للإحتياجات الإنسانية ل1.9 مليون فلسطيني خلال السنة المقبلة

وفقًا للإستعراض العام للإحتياجات الإنسانية للعام 2018، والذي صدر في شهر كانون الأول/ديسمبر 2017، فإن ما يقرب من 2,5 مليون فلسطيني في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، أو نصف سكانها تقريبًا، في حاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية. ومن بين هؤلاء، من المقرر إستهداف 1,9  مليون فلسطيني، جرى تحديدهم على أنهم الأشد ضعفًا، في العام 2018 من خلال مجموعة من التدخلات التي تتضمنها خطة الإستجابة الإنسانية، بتكلفة إجمالية تبلغ 539,7 مليون دولار، والتي تقل بما نسبته 10 في المائة  عن الطلب الذي قُدم في العام 2017.

مواطن الضعف

لم يطرأ أي تغيير على العوامل الرئيسية التي تقف وراء هشاشة الأوضاع الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة.  فالإحتلال الذي طال أمده في الأرض الفلسطينية المحتلة، والذي بلغ عامه الخمسين في شهر حزيران/يونيو 2017، يترافق مع حرمان الفلسطينيين من حقوقهم بصورة منهجية ومع الصراع المتواصل. 

احتياجات التمويل (بالدولار) حسب المنطقة الجغرافية والمجموعة

وفي قطاع غزة، تسبّبت عشرة أعوام من الحصار الذي تفرضه إسرائيل في أعقاب إستيلاء حماس عليه بالعنف، وما رافقها من إندلاع الأعمال القتالية المتكررة، في تدهور البنية التحتية الأساسية وتقديم الخدمات وسبل العيش وآليات التكيّف. وقد تسبّب الإنقسام الداخلي الفلسطيني بين السلطات في رام الله وغزة في تفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية في غزة، حيث إستفحلت الأزمة التي بلغ مداها عقد كامل في العام 2017 بعد فرض تدابير طالت رواتب موظفي القطاع العام وإمدادات الكهرباء والدفعات التي تسددها السلطة الفلسطينية لتغطية تكاليف العلاج الطبي. وفي الوقت الذي تسارعت فيه مباحثات المصالحة الداخلية الفلسطينية في آواخر العام 2017 وباتت تبشّر بالخير، فلم تتَرجم هذه المباحثات إلى أي تحسّن في الأوضاع الإنسانية.

وفي الضفة الغربية، ما يزال الإحتلال الذي طال أمده والتوسع الإستيطاني المتواصل وتدمير المنازل وسبل العيش يشكل مصادر رئيسية للإحباط والصراع، ويزيد من خطر ترحيل العديد من الفلسطينيين قسرًا من مناطق سكناهم. وتعاني المساءلة من أزمة مستفحلة بسبب غياب سبل الإنتصاف الفعالة من الغالبية الساحقة من الإنتهاكات التي يُزعم أنها تمسّ القانون الدولي. وفي خضمّ هذه الأزمة طويلة الأمد في الأرض الفلسطينية المحتلة، ترتبط مواطن الضعف بالإقتصاد الذي أصابه الشلل، وبتقطيع أوصال الأرض الفلسطينية المحتلة وبمحدودية الفرص المتاحة للنمو والتنمية فيها، إضافة إلى حرمان غزة من مشاريع التنمية. وتُعد الأسباب الجذرية التي تقف وراء عوامل الضعف أسبابًا سياسية تستدعي التدخل الذي يتجاوز الإستجابة الإنسانية المحضة لإيجاد حل لها.

الأهداف والتدخلات الإستراتيجية

في مطلع العام 2017، شرع الفريق القطري للعمل الإنساني في إعداد خطة تغطي عدة سنوات للفترة 2018-2020. ويقدم السياق الفريد في الأرض الفلسطينية المحتلة فرصة ومصلحة في إعداد إستراتيجية طويلة الأمد من أجل التعامل مع الآثار الإنسانية المستمرة والمزمنة التي يخلّفها الإحتلال الإسرائيلي والإنقسام الداخلي الفلسطيني.[1] وتتمثل الأهداف الإستراتيجية الثلاثة المقررة لجميع التدخلات على مدى السنوات الثلاث المقبلة في: حماية حقوق الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الإحتلال بموجب القانون الدولي، وإخضاع أصحاب الإلتزامات للمساءلة على نحو متزايد؛ وتمكين الفئات الضعيفة من الوصول إلى الخدمات الأساسية؛ ودعم قدرة الفلسطينيين على التكيّف مع الأزمة طويلة الأمد والتغلب عليها، في نفس الوقت الذي تسعى فيه هذه التدخلات إلى إيجاد حلول مستدامة.

وتضم خطة الإستجابة الإنسانية للعام 2018 ما مجموعه 240 مشروعًا، ستتولى منظمات غير حكومية وطنية تنفيذ ما نسبته 31 في المائة  منها، بينما ينفَّذ 41 في المائة  منها بالشراكة مع تلك المنظمات. وكما هو الحال في الأعوام الماضية، تركّز العمليات الإنسانية في العام 2018 على المنطقة (ج)، والمنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في مدينة الخليل والقدس الشرقية في الضفة الغربية، وعلى قطاع غزة.

وسوف يغطي الجزء الأكبر من الإحتياجات المالية (75 في المائة ) تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة، حيث طرأ تدهور كبير جداً على الأوضاع فيها خلال العام 2017 بسبب إستفحال الإنقسام السياسي الداخلي الفلسطيني وأزمة الطاقة المزمنة، وذلك في سياق إنساني هش في الأصل  سببته  عشرة أعوام من الحصار الإسرائيلي، والانقسامات الداخلية والأعمال القتالية المتكررة.

ومن المقرر تخصيص نحو 54 في المائة  من التمويل المطلوب (289 مليون دولار) لتقديم المساعدات الغذائية 1.6 مليون فلسطيني يعانون من إنعدام الأمن الغذائي بدرجة متوسطة إلى حادة. ويستهدف ما نسبته 17 في المائة  من التمويل (89.9 مليون دولار) تأمين الإحتياجات المتواصلة من المأوى، بينما تُصرف النسبة المتبقية (29 في المائة ) لتنفيذ مجموعة من المشاريع في قطاعات الحماية، والصرف الصحي والنظافة الصحية، والصحة والتعليم.


[1] اتُّخذ القرار بشأن إعتماد توجه متعدد السنوات بعد عدة شهور من المشاورات والدراسة التي أجراها أصحاب المصلحة على خيارات مختلفة من الخطط متعددة السنوات وتطبيقها على سياق الأرض الفلسطينية المحتلة. وفي شهر أيلول/سبتمبر، إجتمع أطراف مجتمع العمل الإنساني في ورشات العمل التي تناولت خطة الإستجابة الإنسانية في رام الله وغزة من أجل تحديد الأهداف الإستراتيجية التي توجّه التدخلات الإنسانية متعددة السنوات. وقُدمت مشاريع العام 2018 للشركاء في المجموعات، حيث دققتها خلال شهريّ تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر 2017.